ان أكبر هزيمة مُنيت بها سمعة الطاقة الشمسية ، ما قامت به أمانة بغداد بنصب الالاف من أعمدة الأنارة الليلية ، والتي لم يمضِ عليها موسم واحد ، حتى توقّفَ معظمها ، وفي هذه الحالة يكون المواطن محقا في أعتقاده هذا ، خصوصا وقد قمت شخصيا بنصب العشرات من هذه الأعمدة في معرض بغداد الدولي ، وما أن مرّت أيام ، حتى توقف نصفها .
السبب ليس التقنية بحد ذاتها ، أنما بسبب سوء خزن بطاريات هذه الأعمدة لفترة طويلة ، فبطاريات هذه الأعمدة ليست من نوع بطاريات السيارات (رغم انها تعمل بنفس المبدأ) ، لكنها بطاريات مختصة بهذه الأعمدة من نوع بطاريات الأستنزاف العميق Deep Cycle Batteries ، وبدلا من وجود الحامض في داخلها على هيئة سائل ، يوضع بين الألواح الرصاصية نسيج قطني أو زجاج ليفي أو جل Gel مشبع بالحامض ، لتفادي خطر انسكاب الحامض ، فأن خرجت البطارية سالمة من المخزن ، سيتبخر الماء من هذا النسيج من صمامات خلايا البطارية المسؤولة عن تنفيس غازات الهيدروجين والأوكسجين في سياق عمليات الشحن الطبيعية ، وفي الحرارة الشديدة سيخرج بخار الماء أيضا في الحرارة الشديدة تاركا الحامض على هيئة بلورات صلبة لا توصل التيار الكهربائي ، مسببا حالة من انهيار البطارية بسبب التكبرت Sulphation ، وهو عطل مستديم ، وذلك عند وضع البطارية في كابينة معدنية على العمود بالقرب من موقع الخلايا الشمسية ، تبلغ درجة حرارتها تحت الشمس المباشرة الى 70 درجة مئوية بشكل يتعذر لمسها باليد ، بالأضافة الى تلف الدائرة الألكترونية المتحكمة بالشحن وتشغيل وأطفاء الأنارة عند هكذا حرارة ، ربما تنجح هذه التقنية في الأجواء الأوربية ، أما في بلدنا فهو الأشد حرّا على وجه الأرض!.
الحل يكمن في شحن هذه البطاريات قبل نصبها ، ووضعها في كابينات تحت الأرض لتخفيض درجة الحرارة ، وتزويدها بمراوح صغيرة للتهوية عند الحاجة .من مساوئ استخدامات الطاقة الشمسية ، انخفاض كفائتها بشكل يبلغ 30% في الحر الشديد على عكس ما هو شائع ، لأن الخلايا المستخدمة ضوئية وليست حرارية ، وهنالك خلايا مهجنة Hybrid حرارية – ضوئية ، وهذا النوع قليل التداول لأرتفاع ثمنه ، وأن جميع المعلومات والقيم المكتوبة على الألواح الشمسية هي عند درجة 25 درجة مئوية ، لهذا تزداد كفائتها في الشتاء ، ففي لحظة كتابة هذه السطور ، بلغت درجة الحرارة 48 درجة مئوية في منتصف الليل !.ِمن مساوئها أيضا ، أرتفاع ثمن الخلايا الشمسية التي تبلغ 2 دولار لكل واط ، وبالذات البطاريات ذات الأستنزاف العميق التي يبلغ ثمنها ضعف ثمن بطارية السيارة لنفس السعة التي تقاس بالأمبير ساعة AH ، لكون سماكة الواحها الرصاصية ضعف مما للبطارية التقليدية ، كذلك حاجتها الى مساحات سطحية كبيرة ، ربما لا تتوفر للمواطنين الساكنين في شقق سكنية .
مقالات اخرى للكاتب