اجتمع نواب مجلس الشورى يوما لتحديد مالهم من الاجر ، يأخذونه عن تمثيلهم الرعية ، ولما تم النصاب حضر المستكفي بالله النجيفي و ترجل من بغلته العرجاء ، و صعد الى منبره ، وكان الى يمين المنبر قد جلس المعز لدين الله المالكي و الى يساره المعتصم بالله الطالباني ، وقد كان غافيا حين بدا المستكفي النجيفي بحمد الله و الثناء عليه ..
ثم قال : اما بعد .. فيا اخوة الايمان ان لنا اليوم نقاش و شورى ، فلسنا طالبي شيئا ظلما و جورا ، انما اليوم هو يوم نحدد به اجوركم ، لخدمتكم و حضوركم ، فما انتم محدديه ؟ تاخذونه اجرا ؟ لا ضغطا و لا قسرا ؟
فقام اليه النائب لعبد الله خضير الخزاعي و قال : ان لفسيفساء الشعب رايا ، و لموزائيكه عن ماله نهيا ، و لمعجونه طهيا ، يكون الشعب به حكيمه ، بطبخه التمن و القيمه .
فضج مجلس الشورى لراي الخزاعي ، و قيل ان حيدر الملا لما سمع كلام الخزاعي راح ممطّكا و مسلّجا ، لما شهاه عليه الخزاعي .. من الطعام و زبدة المراعي .
ثم قام البموسر لخدمة الرعيه ، خالد العطيه و قال:
ان حقّ لي مالا ، انا اولى بهِ ..
فانا الخدوم لهم منذُ بواكيري ..
قامت لشدة دوختي برعيتي ..
بي و اشتداد الهم .. بواسيري ..
فاجهش النواب بكاءا لشدة مالحق بدبر خالد العطية من البواسير .
ثم قام المستنجد بالله الجعفري معقبا على تضحية خالد العطية ، لابساً نظارته الطبيه ، فتنحنح و قال :
ان مما يهمنا اليوم من التضحيات هو عمل ميثاق شرف على دبر خالد العطيه المدوحس ، و اصبعه المفركس ، و ان من حيثيات الميثاق هو الالمام بمجمل تفاصيل بواسير خالد العطيه و تخصيص ما يكفي من القوت و المال لعلاج من المَّ بنا جميعا ما لحق بدبره من المٍ و هلع و بواسيرٍ و فجع ، و انني اذ ارتقي الان بكلامي عن ميثاق شرف علاج خالد العطيه ، فانني " اشدّ على دبرهِ" الذي لم يدخر جهداً في العمل الدؤوب من اجل مصلحة الوطن و المواطن و شفافية اعلامنا بما لحق بدبرهِ الوطني الخدوم و هذا نتاج معجون الوطن الذي تناوله العطيه في خضم صراعه من اجل العملية السياسيه .
ازداد بكاء الحاضرين من النواب ، ولم تتمالك حنان الفتلاوي نفسها حينَ قامت على حيلها و انشدت :
يا دبرَ خالدَ ان فيكَ بواسراً ..
تختصرُ مابي من جوىً و عِلاتِ ..
لا فازلين لديّ اعالجكم به ..
بل دهنُ حصةَ لاصقٌ بلهاتي ..
ولشدة ما قالت الفتلاوي افزعت المعتصم بالله الطلباني من غفوته ، قبل ان يعود اليها بجانب المنبر .
ثم انتفضت لما سمعت ناهدة الجوراني .. و ثغبت ثغبةً سقطت لها النجمة السداسيه المزخرفه في سقف البرلمان ، و التي اثارت مها الدوري فيما انبرى من الايام .. وقالت :
لا يكفي راتبي نصف شهري فليتهُ ..
كفّى فاصرفَ منهُ للمعلولِ ..
ليت البواسير التي في دبركم ..
كانت لديَّ و لا لدى المسؤولِ ..
ثم طلب المعز لدين الله المالكي الاذن بالكلام من المستكفي النجيفي .. و لما صعد المنبر حمد الله واثنى عليه ثم قال :
ان في بلادنا من يتصيد بالماء العكر ، ذلك الماء الذي لو لم يكن عكرا لما ادى الى بواسير خالد العطية ، و اننا سنلاحق من اعكر الماء و ألحق بدبر العطية ما الحق ، و اقول لمن يتقولون على الحكومة هنا و هناك :
يكفي ما إصطدتمُ في مائنا ..
من اعلّ دبرهُ يشفيها ..
لا تظنوا اننا سنسكتُ ..
اننا للموت لا نعطيها ..
فاحل بالمجلس ما احل من عويلٍ و نواحٍ على ما جرى للعطيه ، و وبدا العطيه ضاربا عمامته لشدةِ ما لحق بدبرهِ ، و بدا حسن السنيد اسود السكسوكه ابيض اللحيه لشدة دمعه الذي يمر على سكسوكته فيسودها من دون باقي لحيته ، فامر المستكفي بالله النجيفي بصرفِ خمسين الفا من مال المسلمين على علاج دبر خالد العطيه، فيما قرر صاحب حزب الحمير الكردي انشاء تمثالٍ لدبر العطيه ، و قرر الجعفري تاليف كتابٍ حول القضيه ، ليسميه : "اثر بواسير خالد العطيه في انجاح العملية السياسيه "، و بدت مها الدوري تهلهل على قناة البغدادية ، تاهمةً القاعده و البعثيه .
و على هذه الحال ، مر حطامة ابن الاغبر البغدادي على حمارهِ الفردي الرقم قرب باب البرلمان ، سامعا النواح و اللطام ، فسحب عن حماره اللجام ، و اماط عن وجهه اللثام .. و انشد :
اني ارى الماً المّ عطيةً ..
و بدا لي كم كان المفركَسُ مؤلما ..
لو جائني بحماري ذا عالجتهُ ..
حتى يُخَلِّفَ من وراءِهِ توأما ..