1. منذ ريعان شبابه عندما بدأ عمله الصحفي في “الجمهورية” كانت ابتسامته البريئة وبريق عينيه يشدان الطيبين، ففيهما تبدو طيبة إنسان يؤمن بحرمة الإنسان، وفيهما كما في كل شمر، الوعي بأن الطائفية أو القومية ليست حاجزاً بين الإنسان والإنسان، لأن ابناء عمومته على مذهب آخر.
لمساته المبكرة وامانته كانتا معالم رجل قادر على العطاء، وكم هو مؤسف أن يختار الموت خيرة الرجال، وخيرة الشباب، الواعدين!؟
عجباً ايها الموت في تعدد سبلك في استهداف الواعدين!؟
اقف اجلالاً لزميلي الأستاذ محمد بديوي الشمري وأشد على يد كل من احبه، وعلى كل من يحرص على أن تكون دماء الشهيد وهجا على طريق ضمان حرية العمل الصحفي وسلامة الصحفيين وحقهم في الوصول للمعلومة ونشرها، و ضمان حقوق العراقيين جميعاً وسلامتهم، وليس ركوب موجة التحريض ضد مكوناتنا الأساسية!!؟
2. إعلام الدولة
لست مع حظر التعامل مع وسائل الإعلام لأن المفترض في الأساس انها مؤسسات مهنية في عصر العولمة، حيث قيم الحيادية والأمانة والتوازن شروط اساس في العمل الإعلامي، بالتالي فان حظر التعامل مع وسائل إعلام من هذه المدرسة خسارة كبيرة لمن يبعد نفسه عنها.
وفي الأصل فان من حسنات “التحرير” الأميركي إقامة شبكة الإعلام العراقي على غرار مؤسسة بي بي سي، لتغطية انباء ونشاط الجميع في الدولة: السلطات الثلاث، والمواطنين والأحزاب المؤيدة والمعارضة للحكومة (الشعب)، بل حتى نشاطات القوى الخارجة على القانون، ضمن مهام خدمة إعلام المتلقين من كل التوجهات عما يجري حولهم.
المؤسف هو أننا، بحكم وزر “ارث” الشمولية، حيث كل شيء طوَّع لإرادة الحاكم المطلق، فان بعض الإعلاميين، ضمنهم شبكة الإعلام، لا يميزون بين التغطية الإعلامية والتحزب الإعلامي، بالأصح الدعاية لصالح هذه الطرف أو ذاك، بالأخص عندما تكون التغطية بشأن مسؤول حكومي. ولهذا فان العديد من العراقيين، ضمنهم زملاء أعلاميون، يرون أن شبكة الإعلام باتت متحزبة لمصلحة الطرف الأقوى في السلطة، رئيس الوزراء وحزبه وبقية المؤيدين له، فيما هي بعيدة عن تغطية نشاطات الأطراف الأخرى، سواء الشركاء في حكومة “اللاتوافق” أو المعارضين لسياسات السيد المالكي. وهو وضع من واجب شبكة الإعلام معالجته بمراجعة تغطيتها الإعلامية، فالمفروض ان تكون بدون مواقف مسبقة، إنما نقل الأحداث والوقائع والآراء، وترك المواطن يقرر اصطفافه.. وهنا ايضاً من المهم أن يكون للأقلية حقها في تغطية مواقفها، مثلما هو حق الأكثرية.”انقطاع” بث المؤتمر الصحفي لرئيس مجلس النواب، الذي قال السيد محمد عبد الجبار الشبوط انه بسبب عطل فني، عذر مقبول.. لكن تأكيد مصداقية هذه الحجة كان يستدعي مجموعة من الاجراءات، في مقدمتها إعادة بث النص الكامل للمؤتمر الصحفي لرئيس السلطة التشريعية بعد معالجة الخطأ الفني، مع اعتذار الشبكة للمواطنين، من مؤيدي السيد المالكي وخصومه عن الخطأ الفني، لأن الجميع بحاجة لمعرفة تفاصيل ما يقوله رئيس مجلس النواب بدقة، ونقل الشبكة الحي أو التسجيل الكامل وثيقة مهمة لتنوير الراي العام بشأن توجهات القوى الرئيسة في الدولة.
وكان على السيد الشبوط الاعتذار لرئيس البرلمان ، و توضيح حقيقة “الخلل” الفني، كي لا يبدو ان هناك “خللاً” في توازن إعلام الدولة. والمفروض ان تحرص “نقابات” الصحافة والإعلام على تحري حقيقة الأمر.
أما قضية التظاهرات للاحتجاج على منع تغطية شبكة الإعلام لنشاطات البرلمان، فهي موقف كان الأجدر ان يكون تظاهرة للمطالبة بالتغطية المتوازنة لإعلام الدولة وحق الإعلاميين في الوصول للمعلومة ونشرها، وليس شخصنة القضية بموقف له مبرراته.