سقط الليل مغشيا عليه من على ظهر حصان الأزمات المتسارع الخطى , فوق جمرات الخطايا المستعرة في ميادين النيران المتفوقة على الدخان , والمتألقة اللهب في مسارح الزمن العجيب.
الليل يئن من براثن الظلام , ويرتعب كالحيوان الذي هاجمته الوحوش الجائعة , بعد أن إنفردت به بعيدا عن القطيع , الذي يوفر له الشعور بالحياة والديمومة الجينية عبر الأجيال , التي ستنطلق من تفاعلات القطيع المأسور بالحياة , والمطارد بسباع الفناء طمعا في لحمه وضعفه , الذي يوفر الكثير من الجهد والعناء , ويساهم في زيادة توحش الوحوش وتجمعها حول القطيع , ومتابعته أينما ذهب.
الليل يختلج والوحوش منهمكة في غرز أنيابها بجسده , وبعضها راح يقضم رقبته ويقضي على أنفاسه , وهو يرقب بعيونه الجاحظة الحمراء كيف تهدأ حركات الليل ويتوقف قلبه , ويبقى الدم في لحمه لكي يمنحه طعما لذيذا , وهو في عز حرارته وإطلاق كل محتويات غدد الليل الصماء من جراء الخوف الأخير , الذي ارتعشت خلاياه بأقصى ما فيها من قوة , وهي تودع وظيفتها في عالم الأحياء , لكي تكون طاقة تساهم في تواصل حياة الوحوش الضارية , التي إزدادت إقتدارا وقوة وإستعدادا لصيد ليل جديد , وتحقيق ما تريد من أطماع بلا حدود ودمار فريد.
الليل يترجل مغشيا عليه , فقد أصابته سهام الكمائن في نحره وقلبه , والحصان يركض والليل لا يستطيع التخلص من ركابه , فازداد ألما وأوجاعا وقتلا بسبب الحصان المذعور الفائق الركض وهو يجرجر الليل الهامد ويرتعب منه.
الحصان يركض والليل يزداد ثقلا ويغادر جبهة الإحساس , ويعيش في غيبوبة المدى المسجى بالأنين.
ولا زال الليل مشدود الركاب إليه , فيعثر بجثة الليل ويسقط على الأرض وقد تحطم صدره , وهو يصرخ يريد الخلاص من سرج الآثام المشدود على ظهره.
يريد أن يتحرر من ثقل الخطايا ويغادر مواجعه , لكنه ما عاد قادرا على أخذ الهواء , أو التحرر من قيده وما بقيت عنده قوة , وقدرة على الحركة والحياة فألقى بنفسه فوق جثة الليل ,
فاحتضن نهايته , واستدعى جوارح الأيام ووحوش الويلات وضواري الأزمات , فتجمعت حول الجثتين , وانشغلت بأكل اللحم الساخن اللذيذ , وقد تحول الزمن إلى نقطة جوفاء , وغادرت النجوم السماء , وأغمضت الشمس عينيها , ونام الكون في سبات الأبد البعيد , وانطفأت أنوار الحياة , وغادرت الأشياء إلى بحر النقطة السوداء , فانهمرت دموع السماء!!
مقالات اخرى للكاتب