رغم اعتراف المالكي المتكرر بوجود وتفشي الفساد في اهم محاور الدولة، ورغم تاكيداته على محاربته واحالة رجاله الى التحقيق ورغم تهديداته بفتح ملفاته ، لكن وكما قال المثل نسمع جعجعة ولا نرى طحينا.
فلا يختلف الامر بعد تصريحاته بالقضاء على الفساد عن قبلها، ويستمر الفساد بنفس الزخم وبنفس الحجم ولا يعير الفاسدون، لا كبارهم ولا صغارهم اي اهتمام يذكر لتصريحاته، ولا ياخذون تهديداته على محمل الجد، ويتجاهلونه كما يتجاهل القوي المتمكن المقعد المشلول، فالمالكي سوى خاروعة خضرة كما اسماه الدكتور كاظم الحبيب.
ان هذا السكوت والاهمال المستمر في التصدي للفساد والتستر عليه، ساعد في ان يضرب اطنابه عميقا في البنية الحكومية والاجتماعية والدينية والقانونية العراقية، وان يصبح هرما ضخما صلبا وصلدا وراسخا يجعل من الصعب تهديمه او الخلاص منه بتعديلات او ترقيعات هنا وهناك، او بتشريع قوانين والغاء اخرى، لقد اصبحت مهمة اسقاط الحكومة وحل البرلمان عملا ضروريا للقضاء على الفساد وتنظيف العراق من اوساخه ومن طواغيته. اذ ان الفاسدين يمثلون رؤوس كبيرة جدا لها مقامات ومراكز عليا في حكومة المحاصصة.
ليس من سبب يبرر التاخر المعيب لموسوعة جينسس للارقام القياسة في ادراج الرواتب الفاحشة للمسئولين العراقين بصفتها اعلى الرواتب في العالم منذ بزوغ عهد التاريخ المكتوب ولحد الان، والتي ستبقى مدى الدهر مسجلة باسم الرئاسات العراقية الثلاث وباسم قطعان النواب المتناوبة على البرلمان. واني هنا اقترح على المسئولين في جينسس تخصيص سجل لادراج اعلى رواتب تقاعد في العالم، وبالتأكيد سوف لن يحالف كائن من كان النجاح بتخطي الارقام القياسية لرواتب نوابنا غير المحترمين التقاعدية.
كما ان العراق سيسجل رقما قياسيا اخرا بوصفه اول دول في العالم تمنح رواتبا تقاعدية لطول العمر لقطيع متقاعدين من اعضاء مجلس الحكم مرورا بالجمعية الوطنية لم يستمروا في العمل سوى سنة واحدة فقط لا غيرها قد قضوا اغلبها في الخارج بسفرات سياحية او لاجراء عمليات جراحية او تجميلية على نفقة الدولة، بالطبع لا ننسى قطيع البرلمان الاول ووقطيع البرلمان الثاني الذين يستملون رواتبا تقاعدية هي اعلى مما كان يستلم هامان من فرعون.
سندهش الانس والجن ونجعلهم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي سيبقون فيه مختلفون الى يوم قيام الساعة، اذ ان تصديقه يعتبر من ضرب المحال، فهل يمكن تصديق حقيقة ان رئيسين سابقين متقاعدين تناوبا على ترأس دروة واحدة للبرلمان، رئيسان اسلاميان حتى النخاع، يوعظان الناس بالزهد وبتطبيق الشريعة ويقولان بان الاسلام هو الحل، يذرفان دموع التماسيح كلما ذكر اسم العراق، رئيسان محالان على التقاعد هما محمود المشهداني وأياد السامرائي يتقاضى الواحد منهما 57,000,000 مليون دينار، وهو ما لا يتقاضاه اي رئيس لدولة عظمى في العالم دكتاتور كان ام ديمقراطي وحتى وان لا زال على كرسي الحكم وليس متقاعدا.
للنظر الى جدول الارقام القياسية للرواتب الشهرية حسب ما اظهره النائب جواد الشويلي في برنامج استوديو الساعة التاسعة الذي يقدمه بكفاءة انور الحمداني من على شاشة فضائية البغدادية
رئيس الجمهورية يتقاضى 82،000،000 مليون دينار
نائبا الرئيس يستلم الواحد منهما 62،000،000 مليون دينار
رئيس الوزراء يستلم 65،000،000 مليون دينار
حسين الشهرستاني يستلم 57،000،000 مليون دينار
رئيس البرلمان 33،000،000 مليون دينار
كل نائب يستلم مبلغ 20،000،000 مليون دينار
رؤساء الوزراء السابقون مثل علاوي والجعفري وان كانا اعضاء في البرلمان الحالي الا انهم يتقاضون رواتبا تقاعدية كرؤساء وزراء سابقين لان الراتب التقاعدي يبلغ 57،000،000 مليون دينار وهو اعلى من راتب النائب.
واذا جاز لنا استخدام المفردة الشعبية لوصف حالة العلاقة بين الحكومة وبين الشعب فلا نعتقد اننا نجانب الصواب ان قلنا بانها حالة استضراط كاملة وشاملة للعراقيين
فاتني ان اذكر ان على موسوعة جينس ان تفتح سجلا لاخيب شعب في التاريخ، وسيكون الشعب العراقي هو الاول بلا منازع