يمثل التعاطي غير المنضبط للأدوية المسكنة للألم المحتوية على مواد مخدرة ٬Narcotic Painkiller Abuse والوفيات الناجمة عن تناول جرعات مفرطة منها٬ أحد المشكلات الصحية المتفرعة عن إنتاج هذه النوعية من الأدوية ووصف الأطباء تناولها للمرضى. وهناك الكثير من الأمراض التي تتطلب معالجتها وصف تلك النوعية من الأدوية٬ ولذا فهي بالأصل ضرورية ومفيدة٬ ولكن المشكلة تنشأ عن الوصف الطبي غير المبرر لحالات لا تحتاجها وأيًضا من عدم اتباع المرضى للإرشادات الطبية حول كيفية تناولها. والتعاطي غير المنضبط للأدوية المسكنة للألم المحتوية على مواد مخدرة هو مشكلة صحية منتشرة في مناطق شتى من العالم٬ وتبعات هذه المشكلة تؤثر على سلامة معالجة الأمراض كما تؤثر على سلامة حياة المرضى. وكمثال لعمق المشكلة٬ تفيد تقارير المركز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها CDC أنه في الولايات المتحدة وحدها يموت يومًيا 44 إنساًنا بسببها٬ وتحديًدا قال مدير المركز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها٬ الدكتور توم فريدين٬ في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي٬ ضمن رسالة إعلامية للمراكز المذكورة٬ إنه «كل يوم٬ يموت 44 شخًصا في المجتمعات الأميركية من جراء تلقي جرعة زائدة من المواد الأفيونية الموصوفة من أطباء٬ وأكثر من هذا العددُيصبح في كل يوم مدمًنا جديًدا على تلقيها». هذا ويعتبر التناول لجرعات مفرطة من الأدوية Drug Overdose السبب الرئيسي للوفاة نتيجة لحوادث الإصابات ٬Injury ­ Related Death ومعظم هذه الوفيات٬ كما تقول المراكز المذكورة٬ تنجم عن تعاطي الأدوية الموصوفة من الأطباء كمسكنات للألم٬ مثل فيكودين Vicodin وأوكسيكنتن ٬OxyContin وأدوية المنشطات/ المهدئات النفسية مثل أتيفان Ativan وزاناكس Xanax. وقالت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها في نشرتها الأسبوعية لتقارير الوفيات والمرضى Morbidity and Mortality Weekly Report الصادرة في 16 أكتوبر الحالي٬ إن نتائج دراسة برامج مراقبة وصف الأدوية Prescription Drug ­ Monitoring Programs في ثماني ولايات أميركية٬ أفادت أن مجموعة قليلة من الأطباء مسؤولة عن غالبية وصفات الأدوية المسكنة للألم والمحتوية على مواد مخدرة. وقال الدكتور فريدين إن ثمة ارتفاع في الوفيات بسبب هذه المشكلة بالولايات المتحدة. وأضاف: «ويمكن لهذه الدراسة الحديثة أن تساعد في الوعي بجهود مكافحة ومنع حصول هذه الوفيات والحفاظ على سلامة أرواح المرضى». وكان الباحثون من المراكز المذكورة قد قاموا في الدراسة بتحليل المعلومات لبرامج مراقبة وصف الأدوية عام 2013 في ثماني ولايات أميركية٬ هي كاليفورنيا وديلاوير وفلوريدا وإيداهو ولويزيانا وأوهايو وغرب فرجينيا ومين٬ وهي ما تعادل مجتمعة نحو ربع سكان الولايات المتحدة. ووجدت الدراسة أن عدًدا قليلاً من الأطباء كانوا الأعلى في معدلات وصف تلك النوعية من الأدوية٬ وتحديًدا في ولاية ديلاوير كتب أعلى 1 في المائة من الأطباء أكثر من 25 في المائة من الوصفات الطبية للأدوية المسكنة للألم المحتوية على أدوية مخدرة٬ بينما كتب أعلى 1 في المائة من الأطباء نحو 12 في المائة من تلك الوصفات للأدوية في ولاية مين. كما لاحظ الباحثون ممارسات متنوعة في درجة الاختلاف حول قيود وصف الأدوية تلك في ولاية عن أخرى٬ على الرغم من أن الظروف الصحية التي تفرض وصفها طبًيا تتماثل فيما بين الولايات المختلفة٬ وأيًضا لاحظوا اختلاًفا متنوًعا في وتيرة وصف الأطباء لها على الرغم من وجود أعداد متقاربة للمرضى في جميع المناطق من المحتاجين لها. وتحديًدا لاحظ الباحثون أن الأطباء في بعض الولايات وصفوا أكثر من نصف الأدوية المخدرة وأدوية المنشطات/ المهدئات النفسية الموصوفة في جميع الولايات المشمولة بالدراسة والتحليل. ولاحظوا كذلك أن في ولايتين منها كان وصف أدوية المنشطات/ المهدئات النفسية أربعة أضعاف وصف بقية الولايات. وعلقت الدكتورة ديبرا هوري٬ مديرة المركز الوطني لمكافحة الإصابات واتقائها في المراكز المذكورة٬ بقولها: «هناك حاجة إلى نهج أكثر شمولاً للتصدي لوباء تلقي الجرعات الزائدة من الوصفات الطبية الأفيونية٬ بما في ذلك توجيه الأطباء حول مخاطر وفوائد هذه الأدوية». هذا وتظل الأدوية إحدى الوسائل العلاجية الأعلى استخداًما في معالجة الأمراض مقارنة بالوسائل العلاجية الأخرى٬ وتظل الأدوية تحمل في مكوناتها مواًدا كيميائية ذات تأثيرات جسدية ونفسية بالغة التعقيد٬ وهي بالأصل ضرورية حال توفر دواعي وصفها بالأمراض التيُيعاني منها المرضى٬ إلا أن مسؤولية وصفها للضرورات العلاجية تظل مسؤولية الطبيب ضمن مسؤولياته تجاه خدمة مريضه وعلاجه وضمان سلامته من وسائل المعالجة التي يتلقاها. وحالات المرضى التي تتطلب وصف نوعيات الأدوية المسكنة للألم والمحتوية على مواد مخدرة هي من الحالات التي تتطلب تنبه الطبيب لمراجعة درجة الاحتياج إليها وكيفية تناولها من قبل المريض ومتابعة عدم استخدامه لها بطريقة تتسبب للمريض بالضرر.