"إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين" عمران45
أيها الروح النوراني الفياض المتدفق من ينابيع الأكوان المعطرة بالمحبة والسلام الإلهي المرفرف كأطيار الخلود المبتسمة في جنان العرش العظيم.
أيها السرمد الخفاق , والبهجة الناطقة , والأمل الوضاء والبهاء المنير , والعطر الفواح من أزاهير الجوهر الطاهر النقي الوضاح.
أيها الأمنية الأبدية والقَطر السامي النبيل الهاطل على يباب الخوافق والأعماق والنفوس , ليرويها بالمعاني الخالصة وبسلاف شهد النفحات الربانية المقدسة.
أيها الحب الصادق والإيمان الرائق , والإنتماء الفائق , والإعتقاد الناطق, والروح السائق , والمجد السامق , والضوء الدافق , والرجاء الباسق , في علياء التجلي والإشراق.
أيها الذي كلّم الناس وهو في المهد صبيا , واهتز جذع النخلة بقدرات أصله فتساقط في أحضان العذراء رطبا شهيا , منحها طاقة المواجهة والصبر والرعاية والتعبير عن كنه الإنسان.
يا صنوَ آدم في معجزات الصيرورة المثلى , والقادر على شفاء الأكمه والأبرص والمخرج للحياة من ظلمات القبور , والعارف بأسرار "كن".
أيها الرسول النبي القديس النبيل المطهر من التراب , والناطق بلسان النفحات الرحمانية , والحامل لرسالات الإرادات السماوية الغنية بالكلمات البرهانية.
أيها المتوّج فوق صرح اليقين , المحلق في فضاءات الأدري وما وراء أعرف وأرى , حيث يتحقق الإمساك بنقطة الأفياض الربانية والتجسيد الخارق لأحلام أسماء نورانية.
أيها الجلاء الرائد والنداء الوافد والمجد العائد مالك البينات والمؤيد بروح القدس , الذي جاهد مَن كذبوه وتجشم عناء الظلم والقهر فهزمه بوهج القيم والمعاني السماوية المشرقة.
أيها الرسول الذي أوتي أسرار الفيض الكوني , ورتل الإنجيل بلسان روحه ومهجة أعماقه الفضائية المطلقة.
يا أيها الذي بشرت به ملائكة الرحمان السيدة مريم وجعلته وجيها في الدنيا والآخرة.
يا مَن تبعه أنصار الله , فانتصروا برسالته على ظلمات التراب ونوازع النفوس السيئة المارقة النوايا والتطلعات.
أيها المرفوع المطهّر العالي المقام في عروش يوم الدين.
أيها الكلمة والروح الملقاة في روع السيدة البتول وهي في محراب العشق الرباني العظيم , تتعبد في كنف الينبوع الإيماني الدافق من عين الجوهر , فترتوي بشراب سلاّف السرمد.
أيها المنادي بأن "الله محبة" وعفو وفضيلة وخير وإحسان وتسامح جميل , يا نابذ العداوة ومزعزع أركان الكراهية والساقي القلوب نبيذ الضوء وقطر بلسم الرجاء.
يا صاحب البيّنات , المتوفى المرفوع المطهر من الذين كفروا, الصادق المصدّق.
يا لسان الهدى والنور والموعظة للمتقين.
يا عارف الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل.
يا سيدي المسيح , البشرية جاعت للمحبة والألفة والرحمة والمودة والإحسان والطيبة والنقاء والتقوى , واختلجت الفضيلة بين مخالب الرذيلة الناشبة في بدنها الطاهر والمانعة لصوتها الجاهر بالحق والتسامح والسلام.
يا سيدي المسيح , أين الله فيما نقوله ونفعله , وأين الحقيقة والصدق والنيات الصالحة , فالضرّاء تفترس السرّاء , والعسر يلتهم اليسر , والتراب يشرب نجيعا أكثر من الماء , والدواء هو الداء.
يا سيدي المسيح , زمنٌ شديدٌ إنصرم , وآتياتٌ صاخبات في محتدم , رياحها سقر , تلقي على المساكين حميم , وما أدراك من عقودٍ قادماتٍ يُخشى أن تكون هي الجحيم.
فالدين ما عاد دينا رحيما , وإنما حصان يُمتطى للوصول إلى غايات مغرضة ذات صولاتٍ باهضة , تخدم مَن سوّلت له نفسه وصار هواهه ربه وإلهه.
يا سيدي المسيح فهل أن العقود القادمات من زمن أين المفر؟!
أللهم إرحم الإنسان وإحميه من أساطين الشرور والرذيلة , ومن أولياء أمّارة أباليس السوء ودهاقنة الكراهية والإنتقام.
فهذا حين من الدهر ضجّ فيه التراب من التراب وصار البشر أحطابا , وما عاد هناك مَن يقرا أو يسمع للرحمان خطابا!!
مقالات اخرى للكاتب