في منتصف سنوات القرن الماضي غامرت هوليوود بانتاج افلام من القصص العالمي لكتاب محترمين لهم جمهورهم الضخم على مساحة الكرة الارضية مثل همنجواي وديكنز وستاينبك وتولستوي .. وغيرهم . وفي كل مرة كانت تصرف الاموال الضخمة للترويج اعلاميا عن هذا العمل او ذاك ، لكنها لم تتمكن من اعطاء صورة واضحة عن فكر الكاتب و رسالته فكانت معظم هذه الاعمال قاصرة ولم تشغل حيزا من الانتشار الفكري عدا جانب الترفيه من خلال مشاهدة ممثلين مشهورين و حرفية الاخراج والتصوير . وقد تمثل هذا الاخفاق في تناول معظم اعمال همنجواي على سبيل المثال .
لكن هوليوود برعت كثيرا في تسويق ثقافة التسامح مع الخيانة الزوجية وصورت للمشاهد الساذج ان مجتمعا ، مثل المجتمع الاميركي ، لا تعيق تقدمه العلمي مثل صور التعكر والثلم في العلاقات الاسرية ، هذا الثلم القابل للتصحيح من خلال المناقشة والاقناع والحوار !!!!!
أمبراطورية السينما ارادت جعل العالم وخاصة المجتمعات النفطية فيه معتنقا لهذه الثقافة من خلال تصويرها قبول ملايين الاميركان بها وعدم أعتراضهم عليها وكأن التسامح وغض النظر عن الخيانة الزوجية هو جزء من الاستمرار في الحياة .
أعلام موجه لجهال المجتمع النفطي ، غير ان مثقفي هذا المجتمع يعلمون ان هناك جمهور ضخم جدا من مثقفي اميركا يعترضون بشدة على سياسة هوليوود هذه ويعتبرونها هدما للقيم الاخلاقية في مجتمعهم .
على الجانب الاخر من الانتاج نرى هوليوود قد تركت الاسلوب الكلاسيكي في معالجة الجريمة حيث عمدت الى ابتكار وسائل تقنية حديثة لتنفيذ العمليات مستفيدة من التطور الحاسوبي في الاثارة والتضخيم . طرق ووسائل لا تبقي ولاتذر ولا تعطي اية فرصة للعدو في النجاة . نشوة الانتقام والتدمير تصور وكأنها مصدر للسعادة والفخر !
وبين شريط واخر نشاهد تطورا واضحا في ابتكار هذه الوسائل التدميرية تختلف عن سابقاتها من الوسائل . و لا يترك القيمون على هذا النوع من الشريط السينمي اية فرصة للتنبيه ان معظم اسلحة الجريمة في اغلب الاحيان هي تحت سطوة أفراد المجتمعات النفطية او مجتمعات اميركا اللاتينية .
في كثير من اشرطة الجريمة نرى تفاصيل دقيقة لصناعة معدات التدمير والقتل وعناوين مكوناتها وحتى مخططات تصنيعها .
لكن لا يفَوًت هؤلاء القيمون اية مناسبة للتذكير بان العنصر الاميركي هو الوحيد الذي يتصدى للارهاب حرصا على الامن القومي الاميركي والعالمي وصيانة سعادة بني البشر ... مع اعطاء هامش ضئيل جدا لمواطني الدولة التي تجري فيها اية عملية في هذه المساهمة الاميركانية .
جنس + سلاح = حرية وسلام
هكذا تفكر مؤسسة السينما هذه .
تحاول هوليوود تغيير قناعات الشعوب الاخرى بعدما نجحت في تخدير نسبة كبيرة من الاميركان والهائهم عن مشاكلهم الاقتصادية والتمتع بحقوقهم المشروعة ....
تحاول غسل أدمغة هذه الشعوب وتبديل بوصلة أفكارهم وطموحاتهم ...
تحاول اقناعهم من خلال الافلام هذه بأن لا وسيلة لتحقيق مشاريعهم وغاياتهم سوى القنابل والمفخخات والكواتم ...لكن بشرط مهم هو ان تكون القيادة بيد العنصر الاميريكي .
قنواتنا الفضائية العراقية شريكة بفعالية واسعة في هذا المجال بالتحديد .
مقالات اخرى للكاتب