في كل العالم معروف أن المحلل السياسي هو اختصاص متميز يحمل كل خفايا المهنة وذو مقدرة متميزة على ملاحقة الحدث انيا وتوقعه مستقبلا وله قدرة اقناع مبنية على اساس معرفته الواضحة بالموضوع الذي يتكلم عنه ويدافع عن تحليله وتوقعه بما يحمله من نتاج واقعي اصلا مبنيا ربما على أحداث قامت مسبقا وبعضها يحدث الان ويخرج بالتالي بنتيجة ما ستئول له الاحداث مبنية على توقعات ما يحصل اليوم وتاثير هذا الحدث على الوضع العام للمكان والزمان محصورا بوقائع تفهمه بمهنية مثل العالم بتجربته التي يعمل عليها في المختبر وهو يستجمع كل عناصر ومكونات التجربة التي يعرف نتائجها ,, وبالتأكيد فأن هذا الباحث او المحلل السياسي هو متوقع حذق للأحداث وليس جازما مهما كانت تصوراته ولا يمكن أن يقول انه سيحصل كذا وكيت بل يقول أنه يضن أو يعتقد وهذا يعطي مساحة كبيرة لفضفاضية الحديث لكن ليس على حساب تشويه التوقع بل ربما هذا التوقع أو الضن يعطي ايضا مساحة للتفكير والتأمل بالاحداث من قبل المتلقي او السامع ,, هذه التركيبة للمحلل السياسي بالذات كنا نسمعها سابقا من قبل المحللين المحترفين قبل الان وبالتالي فأن المحللين السياسيين هم ايضا اختصاص لكن ليس في كل الاحداث التي تقع على مستوى العالم بل هو عبارة عن خبير يستنبط ويستنتج تحليلاته من دراساته المستفيضة ايضا لمنطقة ما أو دولة ويلم بكل جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبالتالي فانه على هذا الاساس يجد نفسه متميزا في التحليل للإحداث السياسية لتلك البقعة او المكان كأن يكون للمثال وليس للحصر كأن يكون اختصاص في الاقتصاد في منطقة شمال افريقيا أو اختصاص في أحداث الشرق الاوسط أو لمنطقة القرم او لاوربا الشرقية او لغرب اسيا تحديدا ,, وميزات أخرى يتمتع بها ذالك المحلل مثل اللباقة في الحديث ومقدرته اللغوية المامه التام حتما بمهنته حتى في ساعات الحرج عند تعرضه للسؤال فانه يستطيع المناورة وافهام الغير بتفهمه وفهمه وايضا هناك بعض الصفات الي يتمتع بها ولو انها ثانوية لكنه ربما ضرورية خاصة محللي الاخبار في التلفزة والقنوات مثل الاناقة وصوته المفهوم احيانا يتمتع بمقادير لبعض الاختصاصات التحليلية الاخرى لكن ليس بمقدار اختصاصه الاول .
المحلل السياسي ليس محصورا على شاشات التلفزيون بل هو كاتب ايضا في الصحف والمجلات والإذاعات وأحيانا في المنتديات التي تعقد والمحافل المحليه والدولية اذا ذاع صيته واصبح شخصية عامة فهو يحمل مواصفات مرغوبة لدى القنوات الفضائية والتلفزيونات والصحف وقد يصل الحال بهذا المحلل مؤلف وكاتب قدير يستطيع أن يكتب الاحداث ومساراتها وحدودها القصوى حسب اعتقاده .
قد يعتقد البعض ان حاملي الشهادات في مضامير العلم يستطيعون أن يكونوا محللين بحكم اكاديمتهم وحملهم لشهادات كبيرة وعريضة لكن ربما ايضا العكس صحيح قد تجد البعض ليس له صفة أكاديمية لكنه بحكم عمله أو خبرته أو اختصاصه في مجال ما وحمله لصفاة تمكنه من ان يكون قادرا على تحليل الحدث بكل اريحية ورشاقة كلامية مقنعة للمتلقي ويفوق بعض من الذي يحملون الشهادات الكبيرة والعالية .
قد يكون البعض من هؤلاء الاختصاصيين في التحليل عاشوا في مناطق الصراعات او في مناطق التوترات او الهزات الاقتصادية والسياسية كدارسين او لاجئين او مبعوثين عن دولهم أو مؤسساتهم وخرج هؤلاء بدروس وعبر توقعية تجعل منهم مقتدرين في تحليل احداث تلك المنطقة ليس في مجال واحد لكن ربما لأكثر من مجال وهذا الشخص الذي عاش في تلك البيئة جعلته متحدث ومحلل لأحداث تلك المنطقة البعيدة الذي يسمع أحداثها الناس لكن لا يعرفون لماذا حدثت وماهي الاسباب ومتى تنتهي وماهي تداعياتها وهنا يأتي دول ذالك الشخص المهيأ للحديث عن هذه المناطق .في فترة ما قبل الطفرة التكنلوجية والاعلامية في عالم الفضاء والتلفزة كانوا هؤلاء يعدون على اصابع اليد الواحدة ومعروفين الى حد الشهرة الكبيرة التي تضاهي بعض من اعلام التلفزيون والسينما بعضهم تجاوزت شهرته المحلية واصبحت اقليمية وحتى عالمية بعضهم وصل الى حد المستشار او الخبير او المتطلع في بعض الصحف والمجلات والساسة كل ذالك بحكم تطورهم وتراكم خبرتهم في مجال عملهم وأصدر هؤلاء مؤلفات تدرس في الجامعات والمدارس الاختصاصية .اليوم اختلف الحال جدا واصبح المحلل السياسي مجرد شخص يلبس ملابس جميلة وله بعض الصفاة من الوسامة ويحمل شهادة عليا او يعمل في مجال مهم او في مركز حكومي عالي تجد مثل هذا الشخص وقد غزى الفضائيات ومطلوب لكل القنوات لمجرد الصفة والعمل وما ان يظهر هذا المحلل التي اتت به الاوضاع المتسارعة حتى تجد تحت اسمه عدة صفاة تمجده قد تجد تحت اسمه الدكتور ورئيس الدراسات العالمية او الخبير في الاستراتيجي او المدير الاول لدار الاستشارات وبعض الاسماء والصفاة التي اتت به الى تلك القناة ليأخذ من وقت المشاهد او المستمع الكثير وهو يتحدث بمواضيع عدة وكأنه حامل لكل تلك المضامير السياسية والاقتصادية والمجتمعية والزراعية والعسكرية ,,حتى بتنا نرى هؤلاء الاشخاص ضيوف ومحللين لكل المواضيع التي تتحدث عنها القناة مرتديا ملابس جميلة وشكله احيانا وسيم وتكتشف من حديثه أنه مجرد كاتب انشاء او ومزوق كلامي بعيد عن الحدث يجرجر به اللقاء تلو اللقاء دون ان يقدم شيء لمستمعيه وكأنه يتحدث عن لسان تلك القناة أو توجهها السياسي ولايستطيع ان يقول كما قدمه المقدم محلل سياسي بل هو منقاد كليا لسياسة المنبر الذي يتحدث من خلاله الى الجمهور وعشرات من هؤلاء اصبحوا اليوم شخصيات يعرفها المشاهد المتلهف لمعرفة الاخبار والاوضاع الذي يعيش في كنفها ويتمنى لو يعرف متى وكيف يخرج من مأزقها المؤلم او لو أنه يتمنى العيش حياة عادية على الاقل وهو ينتظر من ذالك المتمنطق بحكم تسميته محلل ان يخبره .
في العراق اليوم ولكثرة عدد القنوات التي تجاوزت المئاة صار مثل هؤلاء مألوفين لدى المشاهد وهم مهيمنين على القنوات وقد صدعوا رأس المواطن بأحاديثهم التي لاتنتهي الى شيء معروف يساير الحدث بل هو ربما مجرد ناقل للإخبار وكأنه مذيع نشرة الاخبار واذا واجهه المذيع بسؤال تحليلي او توقع هو يراه فانه في احيان كثيرة يعجز عن رسم صورة للواقع على الاراضي ولا يستطيع أن يوصل ويقنع المتلقي عن ما سيجري مستقبلا . بالتاكيد عدم وجود هيئات أو مؤسسات رقابية او مهنية على مثل هذه المهنة الذي كثر اشغلوها يضع هؤلاء في حرية تامة من العمل وعدم التوقف لكن نسى البعض او تناسى أن المواطن العراقي اصبح يستطيع فرز المحلل المقتدر والمتمكن من غيره وصارت بعض القنوات او المواقع معروفة في ضعف ايصال المعلومة والتحليل للحدث .
من المؤكد أن العراق هو الاكثر وضوحا لهذه الظاهرة على اساس ان العراق بلد استمرت به الاحداث والمتغيرات السياسية لعشرات السنين وهو ما نفك يعاني من وطأ تلك المتغيرات ومن هذا الاساس ظهر الكثير من هؤلاء اللذين ينعتونهم بالمحلل السياسي وأغلب هؤلاء قاصرين في امتداد الرؤيا للأحدث وبالتالي فهم عبارة عن ناقلي اخبار او رجال انشاء
مقالات اخرى للكاتب