صحة الأطفال في المدرسة وعلاقة وجودهم فيها بالعناية بحالاتهم الصحية، هي من المواضيع الساخنة لدى الأوساط الطبية والهيئات الطبية العالمية. ولأن الأطفال يقضون نحو ثلث يومهم في المدرسة كمكان مهيأ للتحصيل العلمي ضمن بيئة صديقة للطفل Friendly Environment، وبالإضافة إلى مسؤولية المدرسة في جعلها كذلك، يحتاج الوالدان أن يعلما الجوانب المتعلقة بكيفية جعل ذهاب الطفل إلى المدرسة ملائما للحفاظ على صحته. وتهتم الهيئات الطبية العالمية بجانبين في شأن الأطفال والمدرسة، الأول يتعلق باحتياجات الطفل المصاب بأحد الأمراض المزمنة، والثاني يتعلق بمراقبة صحة الطفل كي لا يكون وجوده في المدرسة سببا لأي انتكاسات صحية مفاجئة له أو لبقية زملائه في المدرسة.
وحول الجانب الثاني، نشر الباحثون من النظام الصحي لجامعة ليولا في إلينويز بالولايات المتحدة، في 20 مارس (آذار) الحالي، إرشاداتهم للوالدين حول الأسباب التي عليهم بموجبها منع أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة. وأفاد الباحثون أن الوالدين غالبا ما يواجهون صعوبات في تحديد مدى ملاءمة حالة طفلهم الصحية للتوجه إلى المدرسة. وقالت الدكتورة هانا تشاو - جونسن، طبيبة الأطفال بالجامعة المذكورة: «ممارسة دور الأبوة أو الأمومة هي مهمة شاقة، ومن ذلك هل عليهما دفع الطفل للذهاب إلى المدرسة وهو مريض بالبيت، ومتى عليه أن يبقى في المنزل ومتى يمكنه الذهاب إلى المدرسة»؟ والواقع أن هذا الأمر لا يزال لدى الكثير من الآباء والأمهات مشكلة يتعين عليهم اتخاذ قرار فيها في ساعات الصباح الأولى. وتضيف الدكتورة تشاو - جونسن قائلة: «ثمة أوقات يكون من الأفضل للطفل ولرفاقه في المدرسة أن يبقى الطفل في المنزل». وأعطت عدة أمثلة، منها إصابة الطفل بالتهاب الملتحمة في العين، أي احمرار الجزء الأبيض من العين، وفي هذه الحالة يكون الطفل معديا للغير عبر البكتيريا أو الفيروسات التي تتسبب بهذه النوعية من التهابات العين، وبالتالي يتعين على الوالدين منع الطفل من الذهاب إلى المدرسة حتى زوال علامات الالتهابات عن عينه. وكذا حالات الإسهال نتيجة النزلات المعوية، حتى بعد مرور 24 ساعة من توقف الإسهال. وكذلك أيضا حينما يعاني الطفل من حالات السعال المستمر أو نوبات السعال.
وتقول الدكتورة تشاو - جونسن: «الطفل قد يذهب إلى المدرسة إذا كان لديه سعال خفيف ولكن عليه أن يمارس إتكيت النظافة بعدم السعال إلا على المنديل أو على باطن مفصل المرفق وتكرار غسل اليدين». وأشارت إلى أن غالبية المدارس تمنع حضور الأطفال إذا تجاوزت حرارة جسمهم 100 درجة فهرنهايت (37.78 درجة مئوية)، ولكن على الوالدين أن يتأكدا أيضا من عدم ذهاب الطفل إلى المدرسة إلا بعد مرور 24 ساعة من عدم ارتفاع الحرارة. وأضافت أن ارتفاع حرارة الطفل مؤشر لاحتياجه إلى الراحة.
وذكرت الإرشادات حالات أخرى لا مجال للاستطراد في ذكرها، ولكنها بالجملة تتطلب ملاحظة ومراقبة الوالدين لحالة أطفالهم الصحية وتعاونهم في منع تسبب أطفالهم المرضى بإصابة بقية رفاقهم في المدرسة بتلك الأمراض المعدية. وهذه الأمور تتطلب تواصلا وتعاونا بين المدرسة والوالدين، وتتطلب أيضا اهتمام الوالدين والمدرسة بتعليم الأطفال السلوكيات الصحية في إتكيت النظافة ومنع انتقال العدوى أو سهولة التقاطها. وفي كل عام تحدث الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إرشاداتها ونصائحها للوالدين حول ذهاب أطفالهم إلى المدرسة حال تعرضهم لأي انتكاسات صحية، وآخرها كان في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي.
العناية بالطفل مهمة شاقة، والحفاظ على صحته هي أكثر صعوبة، وحضور الطفل إلى المدرسة هو وسيلة لرفع مستوى التحصيل العلمي، والتعاون بين الوالدين والمدرسة ضرورة في حث الطفل وتحبيبه الذهاب إليها، وكذلك أيضا تعاونهما في حفظ صحة الطفل وعدم تعريضه لأي مضاعفات قد تنجم عن أي انتكاسات صحية قد تصيبه، وعدم تعريض بقية الأطفال في المدرسة لعدوى تلك الأمراض.