كيف بنى شبابنا ثقافتاهم ؟ وما هي مراجعهم الثقافية ؟
لنبدأ من مواليد السبعينات صعوداً ...
الإفتتاح لتلك الأعمار كان بحملات اعلامية وتعليمية وتربوية تلقينية وحربية ، مدروسة ومنسقة منذ عام 1980 واستمرت حتى 2003 .
ومن يحاول ان يخرج عن ذلك النسق هروباً لعوالم اخرى سرية " كاسيت مثلاً " او اذاعات عربية او اجنبية ، فسيجد الإسلام السياسي بإنتظاره، او الوعظ الديني بصورة اعم ، سواءً في الكاسيت او عبر الإذاعة لا سيما اذاعة طهران العربية ، وستلاحظ ان الخطاب لم يتغير حتى بعد 2003 ووصول الأحزاب الإسلامية للحكم ، بل ان احداً لم يكلف نفسه بالحديث لإدانة ما جرى من فشل وسرقات بإسم تلك المدارس والتيارات ، بل ان افقاً اوسع قد انفتح امام تلك المدارس عبر الفضائيات واللقاء المباشر بالجمهور .
اما الإذاعات العربية فكانت تسير تقريباً في نفس الركب الحكومي بإستثناء الفن طبعاً وتتغنى بطواغيتها وتعمل على نفس النسق لكن بشكل اخف سيما وانها تعيش فترة سلام .
اما الإذاعات الاجنبية التي كان من اشهرها [لندن bbc ، صوت امريكا ، راديو مونتكارلو] فهي مصدر الخبر فقط وربما مرجعاً للفهم السياسي وهي طبعاً موجهه وتعمل وفقاً لاجندات دولها في المنطقة .
السينما انتجت الايام الطويلة والمسألة الكبرى والحدود الملتهبة وغيرها من الأفلام التي تدور في نفس الفلك ، وتعمل على خدمة اهداف النظام الدكتاتوري .
ونبقى في السينما ، حيث كانت الأفلام المصرية والهندية والأجنبية المختلفة وربما اشهرها افلام فاندام وبروسلي وجاكي شان اضافة الى القليل من الأفلام الاجتماعية والمميزة هي من يبني ذائقة العراقي ويعمل على صناعة وعيه[ المشوه ربما] .
كل شيء من اجل المعركة ، وسنجد ان الغناء قد تحول لذلك بإستثناء اعمال السبعينات في فترة ذهبية افسدها وصول صدام للسلطة ، حيث خرجت اصوات واعمال ما زالت متداولة حتى الساعة ، لكن بداية الحرب ووصول صدام دمر كل شيء ، لتهاجر بعدها تلك الأصوات وتجير الأخرى للحرب وثقافتها .
الشعر ايضاً ليس بأحسن حالاً ، فقد استعمل كسلاح حربي ، وانتشر الشعر الشعبي التعبوي والحربي بشكل كبير ، هادي العكايشي وفلاح عسكر واقبال فليح وعباس جيجان كأمثلة على ذلك .
وتحول المسرح لمسرح تجاري بائس وساذج واستخدمت خشبته كساحة عرضات وتدريب للتقليل من دماء المعركة .
الكثير من عناوين الكتب ممنوعة ، بل ان سن القراءة الجادة للمواضيع المهمة لا يتوفر لها قارئ حقيقي بسبب وجود جميع الشباب في ساحات المعارك والموت ، لذلك ستجد ان اغلب اولئك الشباب تعرفوا على الكثير من العناوين والمؤلفين بعد 2003 سواء عبر الكتب او عبر الأنترنت .
ربما يحاول البعض ان يقارن دائماً بين الشباب العراقي والشباب المصري او التونسي لكنهم ينسون وللأسف تلك المسيرة الدامية والسوداء .
انا اعتقد ان القادم من الأيام سيكون افضل حالاً ، رغم الغصة المتأتية من تفاهة نظام المحاصصة وفشلة في اصلاح النظام التعليمي وبناء ودعم المؤسسات الثقافية المختلفة لصناعة انسان واعي قادر على ان يأخذ بزمام الأمور .