المعارضة العراقية في سوريا كانت تقاد من قبل ما يسمى بلجنة العمل المشترك التي تأسست في العام 1990 والتي كانت تتألف من اللجنة الخماسية ممثلة بالجبهة الكردستانية وحزب الدعوة الاسلامية والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وحزب البعث العربي الاشتراكي – قيادة قطر العراق الموالية لسوريا والحزب الشيوعي العراقي . في تلك الفترة حصل توافق اقليمي لدعم هذه اللجنة العاطلة عن العمل بين المملكة العربية السعودية وإيران وسوريا بعد ان اضيف فصيلان لهذه اللجنة هما حركة الوفاق الوطني بقيادة اياد علاوي والمجلس العراقي الحر بزعامة سعد صالح جبر المدعومتين من الرياض .
اول شيء طلبته هذه الاحزاب المعارضة لصدام حسين من اللجنة الاقليمية هو التمويل المادي . اجتمعت اللجنة الاقليمية لدراسة هذه المطالب ووافقت عليها بعد فترة قصيرة لسبب بسيط هو ان هناك شحنة نفط عراقية محتجزة لدى السعودية ستباع ويقدم عائدها الى هذه الفصائل المعارضة الخاوية بوصفها اموالا عراقية .
حتى هذه اللحظة لا يعر ف احد قيمة هذه الشحنة ، لكن المهم في الامر ان الخمسة الكبار في المعارضة العراقية مع الفصيلين الجديدين تقاسموا عائد شحنة النفط الضخمة بشفافية كبيرة واستئناس وتحضيرات للإطاحة بالدكتاتور .
تم تحويل مبلغ شحنة النفط السرية الى دمشق بطلب من سوريا التي اشترطت ان يحول المبلغ الى الليرة السورية حتى تستطيع دمشق الحصول على فارق التصريف وهي بمثابة حصة سوريا من هذه الصفقة خصوصا وان مقر لجنة العمل المشترك هناك . كانت المعارضة تريد ان يحول المبلغ الى بيروت لكن دمشق رفضت ذلك . بمجرد ان وصل المبلغ الى سوريا تقرر توزيعه في بيروت في ليلة مظلمة وأبقت منه مبلغا ضئيلا للأحزاب الاسلامية الصغيرة القميئة التي كان يسميها مام جلال الطلباني ب ( البلابل ) . ملامح الترف والرفاهية ظهرت على رموز المعارضة العراقية بعد توزيع الاموال . في حينها قيل ان مبلغا ضئيلا وصل الى البيشمركة الكردية .
المضحك ان احد زعماء الاحزاب الصغيرة الدينية القميئة ( البلابل ) بمجرد ان استلم المبلغ المخصص لحركته ذهب وتزوج في الحال لكي يكون مستعدا للإطاحة بسلطة الدكتاتور لان العمل المعارض يحتاج الى زوجة ثانية كما يتندر عليه رفاقه في الحركة .
شخصيا اقترحت على المجلس الاسلامي الاعلى ان تكون لديهم صحيفة خاصة بهم طالما ان لديهم الاموال الكافية بدلا من النشرة البائسة " نداء الرافدين " التي كانت تصدر مرة كل شهرين . وصل الخبر الى بيان جبر صولاغ الذي كان يدير مكتب الحزب في سوريا فطلب ان يرى عددا تجريبا . قمت بأعداد عدد تجريبي من اربع صفحات من القطع الكبير بمساعدة عدد من الاصدقاء الشعراء الذين كانوا يعملون مع الحزب في تلك الفترة وعندما رأى بيان جبر صولاغ العدد التجريبي وافق على اصدار عدد من ثماني صفحات باقتراح مني لأنهم في ذلك الوقت لم تكن لديهم ادنى فكرة عن تقنيات الصحافة واحتياجاتها المادية من ورق وأحبار وطبع .
نجحت تجربة " نداء الرافدين " وبعد ان اصبح لديهم كادر قادر على اصدار الجريدة بفعل تراكم الخبرة طلبوا مني ترك العمل بحجة انني الوحيد الذي يتناول المنكر وإنني لا اصلي ، حتى انهم لم يدفعوا لي النصف المتبقي من راتبي ومازلت اطالب بيان جبر صولاغ بمبلغ 100 دولار .
بعد ذلك طلب مني احد الاحزاب الدينية القميئة الصغيرة ان اعمل لهم صحيفة مشابهة لصحيفة " نداء الرافدين " وكانت لديهم نشرة اسمها " الاعتصام " . بعد ان اصدرت لهم خمسة اعداد من الجريدة طلبوا مني ترك العمل لأنني لا اصلي ولم استلم راتبي الاخير من الحجي كما يسمونه في الجريدة .
اليوم بعد اكثر من عشر سنوات في السلطة نهبت هذه الاحزاب اكثر من 700 مليار دولار من خزينة العراق واحتل ثلث مساحته من قبل داعش وهناك هجرة جماعية لشبابه الى الخارج وانهيار اقتصادي واجتماعي ونفسي ينذر بنهاية
