شارف العام الدراسي على الانتهاء ، وهـو يطوي صفحات أيامه المتخمة بالقلق ، والمصحوبة بترقب وانفعالات الطلبة وأولياء أمورهم وخوفهـم الرهيب على حاضر ومستقبل أبنائهم ، في ظل استمرار انهيار منظومة العلاقة وغياب الثقة وانعدام التفاهم بين إدارات المدارس والطلبة بشكل لم يسبق له مثيل ، أدى إلى تسرب وهروب العديد من الطلبة من مدارسهم ، فضلا عن تدني المستوى العلمي لعموم الطلبة ، مما يستدعي بذل المزيد من الجهود المضنية في تنشئة الجيل الجديد .معالي الوزير .. إن الكثير من الحلقات لا تزال مفقودة بين إدارات المدارس والطلبة ، حتى أصبحت تدق ناقوس الخطر ، وان مبادرات بعض المدارس في تنظيم مجالس الآباء والأمهات ، لم تثمرعـن نتائج طيبة ملموسة على ارض الواقع ، وقد لمست ذلك بنفسي عندما حضرت مجلس الآباء في مدرسة الحي الذي اقـطن ، فوجدته بائسا من حيث حضور ومشاركة أطراف العلاقة ، وضعيفا في المنهاج ، حيث تركز حديث مدير المدرسة الأستاذ الفاضل والخلوق حول حاجات و متطلبات المدرسة ، ولاسيما شح المقاعد الدراسية ، وكان حريصا كل الحرص و مخلصا على دعوة أولياء أمور الطلبة لتوفير مادة الخشب ، وفعلا تم فتح باب التبرع بالأخشاب على أمل البدء في عملية تصنيع المقاعد داخل المدرسة .. حتى انفض الاجتماع الذي دام زهاء الساعة والنصف .معالي الوزير .. إن الطلبة وأولياء أمورهم صاروا يشكون من ضعف المستوى التدريسي ، والذي أدى إلى لجوء الطلبة غير المسبوق إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية ، لدى مدرسي المدرسة أنفسهم ! ! ، مقابل أجور باهظة الثمن لضمان النجاح .سيادة الوزير .. لا يخفى عليكم غياب المدرس القدوة الذي كان في ما مضى يحتـذى به ، وتراجعت و انحسرت تلك النظرة التي كان الطالب يرنو بها المعلم و المدرس ، بعد أن أصبح بعض المدرسين ينظرون إلى الطلبة على إنهم ( سلعة) ، إن جاز التعبير ، على نحو يتم استغلال و استثمار الطلبة الراسبين حصريا في أكثر من ثلاث مواد دراسية لطلبة الصفوف المنتهية الذين يسعون للحصول على فرصة للاشتراك في أداء الامتحان الوزاري ، من خلال الاستعانة بالوساطة والمحسوبية والدروس الخصوصية عند أساتذة المدرسة الذين بيدهم الحل والربط ، فان إحدى المدارس المتوسطة فيها 86 طالبا من مجموع مائتي وعشرين طالبا ، لم يشتركوا في الامتحان الوزاري ، وهو رقم كبير نسبيا ، إذ يشكل رسالة واقعية واضحة تعكس النموذج الحي السائد بتدني نسبة النجاح .سيادة الوزير .. أظن ليس ببعيد عنكم استمرار ظاهرة تجاوزات إدارات المدارس على الأنظمة واللوائح النافذة ، التي تمنع استخدام العقاب البدني المفرط ، المتمثل بالضرب والشتم في التعامل اليومي مع الطلبة ، الأمر الذي أدى إلى ظهور ميول واتجاهات عدوانية لدى عموم الطلبة ، بحيث صاروا يشكلون عبئا ثقيلا على كاهل المدرسة على حـد قـول احد مدراء المدارس الذي يتهـم البيت بالتقهقر في التربية ، وهكذا تتبادل الاتهامات بين الجانبين المدرسة والبيت ، وكلاهما مقصر في تربية وتوجيه الـنـشئ الجديد ، وفقا لخطاب تربوي هادف ، يكون بمثابة المرتكز الصحيح لبناء شخصية الطالب وإعداده للتطلع إلى أفاق رحبة ومستقبل طموح ..
مقالات اخرى للكاتب