أصدر مجلس الامن قراره 1270 تحت الفصل السابع حول محاربة ارهاب " الدولة الأسلامية" وجبهة النصرة السورية والمنظمات المتفرعة عنهما يوم 16 آب الجاري, بعدما تيقن العالم من حقيقة تنظيم داعش بأعتباره كيان ارهابي دولي يهدد دول العالم المتحضر قاطبة, غير ان تباطؤ المجتمع الدولي في وضع القرار حيز التنفيذ الفوري الى يومنا هذا برغم مرور اكثر من عشرة ايام على اعتماده , يكلف الكثير من الدماء والمعاناة لضحايا الأرهاب.
وكانت الولايات المتحدة قد قامت منفردة, قبل اصدار القرار, بعمليات قصف جوي لبعض مواقع وقوات داعش قرب اربيل انقاذاً لها من السقوط بأيدي الأرهابيين الذين وصلوا على بعد عشرات الكيلومترات من عاصمة اقليم كردستان بعد تقهقر قوات البيشمركه أمامهم, ثم واصلت عمليات القصف التي اقتصرت على ما حول سد الموصل لتأمينه, بينما لم تحرك ساكناً عندما ارتكبت عصابات داعش الاجرامية كارثة تهجير مسيحيي العراق من مناطقهم التاريخية ونهب ممتلكاتهم وتبعتها مأساة مواطنينا الايزيدين في سنجار ومجاميع أثنية مختلفة من العراقيين في سهل الموصل ومحاصرتهم لآمرلي في كركوك. لقد كان انقاذ عاصمة اقليم كردستان, قد أوقف, بلا شك, التدهورالعام للأمن الوطني العراقي, لكنه لم يكن بمعزل عن حسابات مصلحية ذاتية للولايات المتحدة, فقد كان الرئيس الأمريكي اوباما واضحاً في تصريحه بأن الضربات العسكرية لداعش حول اربيل هي للدفاع عن مواطنين أمريكيين ! ومن الجدير بالذكر ان التعامل الأنتقائي خارج اطار اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة الامريكية, والتهرب من تطبيق بنود هذه الاتفاقية, بما فيها تسليح القوات المسلحة العراقية, تشير الى تقصيرحكومة الولايات المتحدة في تحمل مسؤولياتها السياسية كضامن لأمن العراق ووحدته.
سياسة عدم الأكتراث بما يحدث في الأراضي العراقية التي اتبعتها الولايات المتحدة, بحجة عدم الرضا عن سياسات رئيس الوزراء نوري المالكي, لم يكن موقفاً مبرراً بأي حال من الأحوال, فأتفاقية التعاون الأستراتيجي عقدت بين الدولة العراقية ودولة الولايات المتحدة وليس بين رئيس الوزراء نوري المالكي واي مسؤول أمريكي بشخصه.
كما ان المحيط الأقليمي لايبدو جدياً في الشروع بتطبيق القرار. فأجتماع جدة الخماسي بين السعودية وقطر ومصر والأردن والأمارات حول الأرهاب في سوريا والذي عقد بعد صدور قرار مجلس الأمن في 23 آب الجاري, كان شكلياً, فهو لم يخرج حتى ببيان حول نتائج اللقاء يوضح خطط هذه الدول في مواجهة الأرهاب , خصوصاً وان السعودية وقطر ضالعتان في دعم ارهاب داعش وقبلها القاعدة وتمويلهما, اضافة الى ان انعقاد اللقاء كان بغياب الدولة المعنية بالأمر وهي سوريا. كما ان اللقاء لم يتطرق الى استفحال ارهاب داعش في العراق حتى بعد مضي اكثر من شهرين من سيطرة داعش على مدينة الموصل ومدن عراقية اخرى في10 حزيران الماضي.
ان وجود حاجة سورية للتنسيق واستعداد روسي للمساعدة في محاربة الأرهاب, يوفر لنا خياراً واقعياً وبديلاً عملياً لحماية ابناء شعبنا وصيانة وحدة بلادنا من ارهاب داعش, بعد التلكؤ الأمريكي, وفي اطار الشرعة الدولية وتطبيقاً للقرارالأممي1270. فيمكن الاتفاق مع السوريين على تنسيق العمليات العسكرية بين البلدين, بقيام الطيران الحربي, على سبيل المثال, لأحد البلدين قصف عصابات داعش داخل حدود البلد الآخر, ثم دعوة روسيا الفيدرالية لتقديم الدعم الفني والعسكري لضرب الارهابيين ومواقعهم.
لم يعد الأنتظار مجدياً, ويجب أخذ الأمور بأيدينا, فالقضية قضيتنا وابناء شعبنا هم من يدفعون ضريبة التلكؤ والأنتظار معاً.
مقالات اخرى للكاتب