Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
هل كان النبي عليه الصلاة والسلام يعلم الغيب؟.. في الرد على القرآنيين
الثلاثاء, تشرين الأول 28, 2014
خلدون طارق

في مطالعاتي لما ينشره أخوتنا القرآنيين، رأيت عجبَ الأمور من تخرصاتهم وادعاءاتهم، ومنها ما صدر منهم بنفي علم الرسول عليه الصلاة والسلام من الغيب، وتكذيب كل الأحاديث المنسوبة اليه حتى التي تُحدث عن نبوءات مستقبلية وتحققت من بعد وفاته. من جملة تلك الأحاديث التي ينفونها أحاديث المسيح الدجال وأحاديث المهدي وغيرها من الأمور الهامة بحجة انها تخالف صريح آيات القرآن. لكن ذلك للأسف هو نتيجة فهمهم السطحي لآيات الكتاب الكريم، وليس للتعارض الذي يقولون عنه. ويجب ان نذكر أيضا ان نكرانهم لهذه الأحاديث هو ردة فعل للتأثير الذي خلفته باقي المدارس الإسلامية الاخبارية التي تصر على ان تلك النبوءات يجب ان تتحقق على حرفيتها، وما علموا هؤلاء ان النبوءات تأتي بحلل الاستعارات وان علامات الساعة علامات خفية لتُحقق قول الله تعالى عنها في انها تأتي بغتة على رؤوس الكافرين والمعاندين لها لأنهم اما لها ناكرون او ينتظرون وقوعها وقوعا حرفيا. وبما ان أحاديث المسيح الدجال وظهور المهدي وغيرها من الانباء مستحيل ان تتحقق على ظاهرها فقد أنكر القرآنيون تلك الأحاديث ولم يلتفتوا الى الطرق المتعددة التي وردت فيها تلك الأنباء ولا ايضا الى اجماع الفرق المختلفة اصلا على الايمان بها لكونها وردت عندهم بأسانيدهم المعتبرة والتي تختلف عن أسانيد غيرها من الفرق الإسلامية. فهل صدق الجميع كذبة راوي واحد وشاعوا ما اشاعوا عنه وهم المختلفون حتى في تفسير آيات القرآن الكريم بين بعضهم  البعض!

 

قد وقع اخوتنا القرآنيون كما غيرهم من الفرق بخطأ كبير آخر، وهو اغفالهم لقواعد مهمة في علم التفسير منها جمع الآيات المتشابهة التي تخص موضوعا واحدا والتوفيق بينها مع مراعات سياقها، وليس اجتزائها وتأويلها على عكس ما تقول باقي الآيات. 

لقد استند اخوتنا القرآنيون على الآيات الاتية لنفي علم النبي عليه الصلاة والسلام بالغيب: 

{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} الأنعام 50

 {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} الأنعام 59

 {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} الأعراف 188

 {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} هود 31

 {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} النمل 65

وكلها ايات بينات تدل على ان النبي عليه الصلاة والسلام وغيره من الانبياء كانوا لا يعلمون الغيب وهو ما لا نختلف فيه ابدا فالله تعالى هو يعلم الغيب بكليته وبتفصيله ولكن علينا ان نعلم ما هو الغيب اولا:

 

الغيب في اللغة

الغَيْبُ: الشَّكُّ، وجمعه غِـيابٌ وغُيُوبٌ؛ قال: أَنْتَ نَبـيٌّ تَعْلَمُ الغِـيابا، * لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا والغَيْبُ: كلُّ ما غاب عنك. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يؤمنون بالغَيْبِ؛ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم، مما أَخبرهم به النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار.


وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم به، فهو غَيْبٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: يؤمنون باللّه. قال: والغَيْبُ أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ، وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب.
ويُقال: سمعت صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه.
وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب، أَو غير محصل.
وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً، وغِـياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِـيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ.
وغَيَّبه هو، وغَيَّبه عنه.
وفي الحديث: لما هَجا حَسَّانُ قريشاً، قالت: إِن هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة؛ أَرادوا: أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب والأَخبار، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ؛ ويدل عليه قول النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لحسَّانَ: سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم؛ وكان نَسَّابةً عَلاَّمة.

 

الغيب في القران الكريم 

هو ما خفي عن الإنسان أو غيره من الأخبار والأشخاص وهو السر وفيه قال تعالى بسورة الفرقان "قل انزله الذي يعلم السر فى السموات والأرض
الله عالم الغيب

  
الله هو عالم الغيب أى عارف الخفى وفي هذا قال تعالى بسورة الرعد والمؤمنون والسجدة "عالم الغيب والشهادة "وقال بسورة سبأ "علام الغيوب "و"عالم الغيب " (المصدر ... موقع اهل القران) 

 

ومن خلال ما تقدم يتبين ان مفهوم الغيب مفهوما نسبيا، فما هو غيب عندي ليس غيبا عندك وما هو غيب عندك ليس غيب عندي. وبالتالي كان لا بد ان نفهم معنى الغيب المشار اليه في تلك الآيات، فنفي علم الغيب عن البشر بهذه الاطلاقية التي يقول بها القرانيون يقتضي الا يعلم اي أحد بغيبي ولا بغيبك، وهذا المعنى سقيم لا يُقبل به عند العقال والمتفهمين، ومع هذا فإن  الأمر لا يقف هنا.

 

ان الله تعالى نفى العلم بالغيب عن البشر ولكنه لم ينف اطلاع الرسل والانبياء وإظهارهم على الغيب فقال 

-عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (سورة الجن26 - 27) 

 

-{مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} آل عمران179

 

وهذه الآيات تُثبت بان الاطلاع على الغيب هو امر خصه الله تعالى بالأنبياء والرسل أيضا. 

فعلى القرآنيين المتمسكين بالمفردات القرآنية البحث عن الدلالات اللغوية وأن يدققوا في الموضوع كثيرا، فالأنبياء بحسب هذه الآيات يطلعون على الغيب ولكنهم ليسوا علماء به، والفرق بين العلم بالغيب والاطلاع عليه فرق كبير! 

والآن سنأتي لنبحث في الغيب الذي لم يكن يعلمه النبي عليه الصلاة والسلام في الآيات القرآنية السابقة التي اثبتت بان النبي لا يعلم (الغيب) وقد ورد الغيب في تلك الايات ورودا معرفا ب (ال) التعريف وليس مبهما او نكرة والتعريف كما هو معلوم يقتضي التخصيص كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في تفسير ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.

فقال "لا يغلب عُسر يُسرين" فالعسر المعرف هو واحد رغم تكرره ولكن ال (يسر) كان متعددا لأنه تكرر بصيغة الابهام وعدم التعريف، فنفي العلم بالغيب يخص غيبا معينا محددا ذكرته تلك الآيات مشددة على اهمية مراعاة المعنى السياقي كقاعدة من قواعد التفسير.

فالغيب الخاص الذي لا يعلمه الا الله تعالى هي مفاتيح الغيب التي ذكرها عز وجل في هذه الآية من سورة الانعام، فقال:  

{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} الأنعام 59

 

وان تلك المفاتيح قد ورد ذكرها في القران الكريم في سورة لقمان، فقال: 

{إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} لقمان 34

وهو مناط الغيب الخاص بالله تعالى فقط والتي ذكرته الآيات المتعلقة بالغيب ونفي علم البشر به:

 

علم الساعة 

إنزال الغيث 

علم الأرحام وهو لا يشمل الذكر والانثى فقط انما يشمل كل شيء عما ستحمله الارحام من رزق وسعادة ام شقاء وغيرها 

خفايا النفس والكسب 

الموت 

 

وسترون في شرحنا للآيات التي يستدلون بها على ان الغيب المنفي العلم به كان يدور في فلك المفاتيح الواردة في سورة لقمان وسنأتي اليها ونراجعها واحدة واحدة: 

 

1- {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} آل عمران 179

وردت هذه الاية في السياق التالي:

وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{176} إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{177} وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ{178} مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ{179} وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{180}

وسنُفصل في الاية الاولى فقط ليطلع القارئ على ان الاخذ بالمعنى السياقي ليست بدعة ابتدعناها انما هو قول المفسرين الأولين رحمهم الله تعالى، فقد ورد في تفسير الطبري الاتي: 

"وأولـى الأقوال فـي ذلك بتأويـله: وما كان الله لـيطلعكم علـى ضمائر قلوب عبـاده، فتعرفوا الـمؤمن منهم من الـمنافق والكافر، ولكنه يـميز بـينهم بـالـمـحن والابتلاء كما ميز بـينهم بـالبأساء يوم أُحد، وجهاد عدوّه، وما أشبه ذلك من صنوف الـمـحن، حتـى تعرفوا مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم. غير أنه تعالـى ذكره يجتبـي من رسله من يشاء، فـيصطفـيه، فـيطلعه علـى بعض ما فـي ضمائر بعضهم بوحيه ذلك إلـيه ورسالته.

 

وقد ورد في تفسير الرازي في شرح الآية ايضا ما نصه: 

 

ثم قال تعالى: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ} معناه أنه سبحانه حكم بأن يظهر هذا التمييز، ثم بين بهذه الآية أنه لا يجوز أن يحصل ذلك التمييز بأن يطلعكم الله على غيبه فيقول: إن فلانا منافق وفلانا مؤمن، وفلانا من أهل الجنة وفلانا من أهل النار، فان سنة الله جارية بأنه لا يطلع عوام الناس على غيبه، بل لا سبيل لكم الى معرفة ذلك الامتياز إلا بالامتحانات مثل ما ذكرنا من وقوع المحن والآفات، حتى يتميز عندها الموافق من المنافق، فأما معرفة ذلك على سبيل الاطلاع من الغيب فهو من خواص الأنبياء، فلهذا قال: { وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء} أي ولكن الله يصطفي من رسله من يشاء فخصهم باعلامهم أن هذا مؤمن وهذا منافق. ويحتمل ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فيمتحن خلقه بالشرائع على أيديهم حتى يتميز الفريقان بالامتحان، ويحتمل أيضا أن يكون المعنى: وما كان الله ليجعلكم كلكم عالمين بالغيب من حيث يعلم الرسول حتى تصيروا مستغنين عن الرسول، بل الله يخص من يشاء من عباده بالرسالة، ثم يكلف الباقين طاعة هؤلاء الرسل.

والمقصود بهذا الغيب كما اوردته التفاسير المذكورة ما تخفي نفوس الناس وما يتعلق بها 

 

{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} الأنعام 50

هذه الآية وردت في السياق التالي: 

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ{47} وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{48} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{49} قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ{50} وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ{51}

وهي تنفي علم النبي عليه الصلاة والسلام بموعد هلاك الأمم الكافرة وبموعد يوم القيامة وهذا الامر مفروغ منه:

 

{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون} الأعراف 188

وهذه الآية وردت في السياق التالي:

يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{187}

 

{وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} هود 31

وسياق هذه الآية هو: 

وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ{29} وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ{30} وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{31}

وهي تدل على نفي نوح بعلم ما تكسبه قلوب اتباعه وما هي مكانتهم عند الله تعالى 

 

{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} النمل 65 

وقد فسرها الامام الرازي رحمه الله تعالى بالآتي: "أما قوله: {وَمَا يَشْعُرُونَ} فهو صفة لأهل السموات والأرض نفى أن يكون لهم علم الغيب وذكر في جملة الغيب متى البعث بقوله: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} فأيان بمعنى متى وهي كلمة مركبة من أي والآن وهو الوقت وقرىء { إِيَّانَ} بكسر الهمزة." وهي ايضا تخص القيامة 

 

ومن هنا يتبين بأن الغيب الذي لا يعلمه الانبياء يدور حول مفاتيح الغيب التي ذكرناها وهي تخص أمورا معينة وردت في سياق الآيات المذكورة، وأن النبي عليه الصلاة والسلام كانت توحى له أنباء الغيب وكان يسردها في أحاديثه ووقع الكثير منها وكان وقوعها مصداقا لتلك الروايات وتُأكد على صحتها، فالحمد لله وليُّ الحمد الذي فصل في الكتاب كل شيء وجعله هداً لنا ورحمة.



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.38452
Total : 101