عند احتلال العراق عام 2003 دخلت القوات الغازية من الجنوب برا من سفوان وبحرا من المدينة الصغيرة (ام قصر) والتي ربما تكون امتداد للـ ( المختارة ) عاصمة الزنج ومثل صمود المختارة امام جيوش العباسيين صمدت ام قصر بكل عنفوان العراق واوقفت زحف المحتلين لاكثر من 20 يوم وكان اول تصرف مرفوض قام به المحتلون بعد قهر المدينة البطلة واحتلالها هو انزال العلم العراقي الذي ظل يرفرف خفاقا في سماء المدينة طيلة فترة المنازلة مع المحتلين مما ترك في النفوس اثرا سيئا تجاه امريكا التي ادعت انها جاءت لتحرير العراقيين من سلطة البعث وصدام وانزال العلم العراقي كشف بوضوح زيف هذا الادعاء , وعلى عكس ( ام قصر ) التي شهرت سيف المقاومة بوجه الاحتلال خنعت مدن كبرى فقدم عبد اللطيف هميم (رئيس الوقف السني الحالي ) مفتاح الانبار بكل سرور للامريكان وكان تبريره انه جاء من بعيد ليحافظ على مدينته من التدمير ومثلها فعلت صلاح الدين وتبعتهما الموصل اذا تفاهم كبار ضباط الجيش المهزوم من المواجهة باسم اهل الموصل مع القائد الامريكي والذي دخل هو وقواته الموصل صلحا وهكذا سارت الامور في اول سنوات الاحتلال بعلاقة طيبة بين هذه المدن التي لم تقاوم والمحتلين لكن الحال انقلب بعد سنوات اذ اصبح تخريب هذه المدن ممنهجا وفق خطة سرية لايعرف من يقف خلفها لكن الغريب ان التخريب يتم بيد نفس ابنائها الذين فاوضوا باسمها او سلموا مفاتيحها للمحتل بعد ان حولتهم الخطة السرية الغريبة الى رافضين للعملية السياسية برمتها ثم اغرت بعضهم بالمشاركة الخجولة وهذا الرفض والمشاركة كان البوابة التي دخلت منها ( القاعدة ) وباقي التنظيمات الارهابية الاخرى مما جعل المدن المفتوحة سلما ساحة حروب لاتنتهي بين الامريكان وبين الارهاب ومن ثم بين الحكومة العراقية والقاعدة ثم جاء الجزء الاكثر خطورة في الخطة وهو ايجاد ( داعش ) وادخاله للرمادي والموصل من خلال ساحات الاعتصام لتمتد بعدها الى سامراء وانتهت الاعتصامات بسيطرة داعش على الموصل والانبار وتكريت فأبيد الحرث والنسل من خلال حروب متواصلة تم الاجهاز فيها على كل شي في هذه المحافظات ومارس المنفذون للخطة العجيبة كل الممارسات المخجلة وشرعنوا القتل والسرقة وتهديم المدن وتشريد الاهالي وحرق الزرع والضرع .. لست بحاجة لكثير ذكاء لنعرف ان امريكا هي التي وضعت الخطة بدهاء وسرية تامة واوكلت الى امعات واخرون من سقط المتاع وشذاذ الافاق لتنفيذها والاجهاز على كل شي في تلك المدن التي قبلت فتحها صلحا لكن ما يشغل البال ويحير العقل السؤال القائل : ( لماذا وضعت امريكا هذه الخطة الرهيبة لتدمير تلك المدن واوكلت تنفيذها الى ادوات صالحة تماما للتخريب ؟ اهو العداء لمدن كان من ابنائها قادة الجيش وضباط الامن وعائلة صدام ؟ او هو الانتقام من مدن رفضت المواجهة ضد المحتل فاحتفظت بكامل قوتها واصر الامريكان على تدمير هذه القوة لكي لاتكون عقبة في طريق استراتيجيتهم التي يطبقونها ليس في العراق وحده ؟ والسؤال الاهم : هل تتوقف خطية امريكا السرية في تدمير هذه المحافظات بأيدي ابناؤها بعد رحيل داعش او انها تستمر تحت مسمى اخر ؟
مقالات اخرى للكاتب