كثيرة هي الافلام المصرية التي انتجت بعد الحروب التي خاضها الجيش المصري مع اسرائيل وكثيرة هي الاغاني الوطنية والقومية التي ظهرت مع كل انتكاسة حصلت وكان لوقع اغنية " وطني حبيبي وطني الاكبر " الاثر الكبير في التأثير على نفسية المواطن المصري وشحذ همته لمواصلة الصمود والتصدي للكيان الصهيوني الذي اضاق العرب الامرين من الانتكاسات لكن تلك الانتكاسات سرعان ما كانت الحافز له لتنظيم قواه باتجاه هزيمة هذا الكيان والتي توجت بحرب اكتوبر عام 1973 التي ارعبت دولة اسرائيل بعد ان قام الجيش المصري بتنفيذ اكبر عملية عبور لمانع مائي هو قناة السويس في عملية مازالت محط اهتمام الاكاديميات العسكرية لافي الدول العربية فحسب بل في العالم .. ولم تكن عملية عبور الجيش المصري لقناة السويس وتدمير الاله الحربية للكيان الصهيوني عملية آنية جاءت كرد فعل مفاجيء لكنها جاءت ضمن مخطط عسكري دقيق هو في غاية السرية خدع فيه الجيش المصري الاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية لا بل خدع حتى الاجهزة الاستخباراتية لدول تعتبر من الدول الضليعة في فن الاستخبارات .. وخلاصة القول ان تحقيق النصر في الحروب ليس في امتلاك الجيوش القوية والالة الحربية بل في امتلاك مايعزز تحقيق النصر وهو الاجهزة الاستخباراتية القادرة على مفاجئة العدو وتحقيق النصر وامتلاك هذه الاجهزة لايأتي من فراغ بل يتم انشاؤها وتنظيمها وفق سياقات هي في غاية الدقة اساسها اعتماد السرية في التنظيم والدقة في التنفيذ
لكننا في العراق ضيعنا " الخيط والعصفور " فلا توجد سرية في تنفيذ العمليات العسكرية بل توجد المبالغة والمغالات في اطلاق التصريحات النارية ففي كل ساعة يخرج مسؤول يحدد الزمان والمكان في عمليات تنفيذ الفعاليات العسكرية حتى وصل الامر في تحديد عدد القوات ونوع السلاح المستخدم ومحاور الهجوم والانطلاق مما يولد خيبة أمل في تحقيق الهدف الذي غالبا مايكون انكسارا يعقبه انكسار تكون نتائجه مزيدا من الضحايا ولم نجد في كل الحروب التي خاضتها قواتنا المسلحة اجهزة اعلامية متخصصة تعتمد المركزية في اصدار البيانات الدقيقة ومن النوادر التي كانت محل سخرية العباد عندما انشأ النظام السابق مطارا اسماه المطار السري لهبوط الطائرات الحربية في منطقة قرب مدينة الناصرية كان اغلب السكان يعرف مكانه حتى ان سائقي حافلات الاجرة في مرائب النقل كانوا يطلقون نداءات للموطنين يحددون فيها مكان انطلاقهم باصوات عالية " المطار السري .. المطار السري " وخلاصة القول ان السرية مطلوبة في تنفيذ العمليات العسكرية لان خوض الحروب ليست نزهة تقوم بها قوات عسكرية لتنفيذ سفرة سياحية يتم خلالها الجلوس على ضفاف النهر وشوي " الكباب " للتمتع باجواء رومانسية .. انها حرب وقودها البشر خاصة وان العراق ماعاد يتحمل تقديم المزيد من الضحايا الذين تجاوز عددهم الملايين نعم الملايين منذ حرب الخليج الاولى والثانية وما اعقبها من مسلسل القتل على الهوية والذي تطور ليسلك مسلكا اخر اكثر عنفا بعد ان سخرت قوى الاستكبار العالمي مرتزقة يكون لهم باع وخبرة ودراية في عمليات القتل والتنكيل بضحاياهم بطرق فاقت في بشاعتها جرائم هولاكو وتيمولنك حتى باتت نبوءة النهر الذي يجري دما نبوءة متحققه على ارض الواقع لا بل فاقت في غلوها اعتى الجرائم التي شهدها العالم والتي بات لاينفع معها انتج فيلم بعنوان " على من نطلق الرصاص " بل انتاج فيلم بعنوان " على من نطلق الكباب "
مقالات اخرى للكاتب