لم أشعر يوما بحالة من اليآس تتحكم بمزاجيات العراقيين مثلما راقبته من ردود أفعال واسعة بمناسبة عيد الفطر المبارك، حيث تقاسمت شرائح واسعة عبارة" بأي حال عدت ياعيد"، ما يكشف عن نجاح مخطط قتل الأمل في عقول العراقيين، الذي تناخت دولا و مجموعات لفرض كأمر واقع في العراق، بالاستفادة من عبثة توجهات الفتن الطائفية و دعوات القتل بلا ثمن بعد انتحار الوازع الانساني لدى نسبة عالية من المتنفذين و أعوانهم.
وقناعة منا بان تمرير هذا المخطط يعني صرف العراقيين عن مسؤولية الدفاع عن الوطن و أخوة شعبه، فاننا ندعو الى تكاتف" ملحمي" لاضاءة شمعة ما في دهاليز ظلمة العنف السياسي، وبما يمنع من تحول الأهداف الطيبة الى طلاسم و ترك بقايا الأشباح تتسيد المشهد العام في العراق، وهي ليست أمنية أو ترف سياسي بل مسؤولية وطنية ملحة لحماية البلاد والعباد من " فؤوس " حصد الرؤوس و هدم معالم الحضارة لصالح دكاكين الشعوذة و أرصفة الضياع!!، مثلما يفعل البعض في المطالبة باسقاط العملية السياسية لأنه لم يحصل على مناصب في الانتخابات البرلمانية، او عدم الخجل من التفكير باعادة تكليف المالكي بعد أن أوصلت مزاجياته العراق الى حافة الهاوية، والتي لا يصلح أن يكون المنقذ منها في المستقبل!!
نعرف ان التحديات فاقت المعقول و التراخي الرسمي في المعالجات لا يتناسب وادارة روضة أطفال في قرية نائية، مثلما نعي جيدا عدد الخناجر المغمسة بطروحات التحرر و السيادة و الموال السحت التي تدفع لزيادة تعميق الجروح العراقية، بعيدا عن لغة الطوائف و المذاهب، لأن الذي يبالغ في الفتنة هو أبن الطائفة قبل غيرها، ولنا في مشاريع التقسيم و الاقاليم و الطوائف ما فيه الكثير من العبر و النتائج.
ليس كل من يرفع شعار الدفاع عن البيت الطائفي مخلصا في نواياه لأنه اصلا حنث باليمين عندما هجر الوطن لصالح الطائفة و البيت الصغير، وليس كل من تسيد المشهد عارفا أو مخلصا، فهناك من " الزَبد" ما هو كثير و من الشطط ما يفوق التوقعات ، فنحن في عالم عراقي مختلف عن باقي محطات التاريخ بعد ان تحول الفساد الى مهنة " محترفين" و السرقة الى " واجهة اجتماعية"، بينما أصبح القتل " هواية سياسية" فمن أين يأتي الفرج اذا ما تعمقت جذور اليآس بين العراقيين!!
لن يكون الجواب مفرحا ولا الحلول عقلانية طالما تتواصل ثقافة " أني شعليه" ، التي يستغلها الطامعون بكل شيء سوى مخافة الله، يستغلونها لزيادة تعميق هوة الخلافات و ذبح عراقية الوطن ، ما يستدعي " صحوة فرسان" مختلفة في الهدف و الرجال عن " صحوات الفلسان" التي تميل مع ريح الدولار فتذبح أبن الدار و تحمي الغريب بكل عناوينه التخريبية.
العراق لا يعاني من مرض طائفي ولم يصب بعدوى الاقتتال الشعبي و لا الانفصام الوطني انه مصاب بطفح جلدي سياسي يتم توزيعه جغرافيا عبر اسيجة للتخويف و باجات للتنقل و طواقم لتنفيذ الخطأ و تجنب الصواب، ما يضع المواطن في دائرة الشك و فقدان اليقين عن جهات التنفيذ و الطامعين بالجاه على جماجم الأبرياء، و تغييب معالم الوطن ما يجعل من الفتنة مشروع خطير ، يحتاج الى شجاعة فرسان يتشرف العراق أن يكون أبنائه على رؤوس الأشهاد في النخوة الوطنية و رفض مشاريع الفتن و العملاء، كيف لا ونحن شعب خصه القدير بتجانس اجتماعي متميز، توزعت فيه العشائر على الطوائف و القوميات ولم يكن بين ثقافاته تمييز عرقي أو مذهبي، بل أخوة متجانسة كتجانس مياه دجلة و الفرات.. و ما يزال العقلاء غالبية مطلقة لذلك سيحتفل العراق بالعيد عندما نذهب معا لتهنئته بالمناسبة لا زرع الألغام في الطريق، هي دعوة لتخليص العقول من الوهم و الاقرار بان الطائفية خنجر غدر لا مشروع للبناء و التعمير!!
مقالات اخرى للكاتب