لا يزال المواطن العراقي في متاهة التفاؤل على الوعود و الخوف من منضدة رمل متحركة بلا شواخص تحدد مسارات المرحلة المقبلة و القدرة على تنفيذ الالتزامات، لمواصلة المراهنة على مفارقات عجيبة غريبة و طلاسم سياسية معقدة في التكوين و الترتيب ليصعب على أفضل العرافين امكانية قراءتها بالمقلوب كما يفعل السحرة و المنجمون، لذلك يستمر الفشل و تزداد التحديات تعقيدا، على غرار القول ان تنتظيم " داعش" من خلابا " بلاكووتر" أو المافيا التركية حسب قول الجنرال الأمريكي مارك هارتلنغ، لتتحول القضية الى وجهات نظر وليس قراءة عملية بحثا عن الحلول.
لا نعرف لماذا يعاد تجربة المجرب رغم فشله في كل الدروس، و ما هو سر الدوران على وجوه غير مسموعة الأصوات، و استنساخ تجربة الفشل و الحوارات المغلقة و انتظار الحلول من مقامات تتابع المشهد عبر الفضائيات كحال اغلب السياسيين، وكأن فشل لقاء اجتماع قاعدة الأسد قبل أشهر لم يؤسس لذبح الانبار من الوريد الى الوريد.
وفي هذا السياق نوجه انظار رئيس الوزراء حيدر العبادي الى ضرورة البحث عن حلول بديلة وفتح قنوات حوار غير معبدة بالمغريات المادية ، وأن يكون المشروع العراقي و ليس المناطقي هو أساس التحرك خاصة وأن العراقيين يواجهون تحديات مشتركة، ما يجعل من المؤتمر العراقي الموسع حلا مهما يضع الجميع أمام مسؤولية مشتركة تغيب عنها كل التوصيفات الضيقةسيما وأن القدير وزع العراقيين على عشائر محترمة يذوب فيها النفس الطائفي، و تتعاظم فيها النخوة العراقية، بحيث نستذكر قيم ثورة العشرين بغض النظر عن متاهات ما بعدها.
لايجوز الابقاء على نفس العناوين لكل المراحل و من غير المنطقي ابعاد الشباب عن تحمل المسؤولية و الأنكى عدم الاصغاء لرأي العقلاء من الاكاديميين و المثقفين خارج سرب الحكومة، كما أن الحوار مع الطرف الذي يعارض بعض التوجهات الحكومية و يحرص على وحدة و سيادة العراق هو الأكثر نفعا من اضاعة الوقت في تعهدات غير قابلة للتطبيق بسبب الفجوة بين المعلن وما يمكن تنفيذه على الأرض.
لا يحتاج العراق الى مناظرات سياسية و اجتماعات غير متجانسة ، لأن المواطن ينتظر حلولا انسانية قبل العسكرية، على غرار اطلاق سراح المعتقلات والتعجيل بحسم ملفات الأبرياء و التأسيس لمرحلة شراكة حقيقية بقرارات واضحة و ملزمة، بحيث لا يكون المواطن في هذه المحافظة داعشيا أو معاديا يجب ملاحقته، مثلما يجب
تفعيل سيادة القانون على الجميع لأن الدولة التي تنتشر فيها فوضى السلاح لن تحلم باستقرار حقيقي، كما أن الاصرار على الخيار العسكري دون غيره لا يؤسس لمرحلة انفراج، فالجميع يبحث عن عراق مستقر و آمن و طرق غير ملغمة بعبوات التطرف و الطائفية، وعندما يتحقق ذلك سيكون العراق بيتا لجميع ابنائه، فهل يستطيع العبادي الفوز بشرف هذه المسؤولية الكبيرة، ذلك ما نتمناه شرط أن يفتح سجل الملاحقات القانونية ضد جميع المتورطين بذبح الوطن وتشريد آهله!!