
قد يكون البحث الذي أثير مؤخراً عن ذكاء العراقيين مؤشراً واضحاً عن المحنة التي نعيشها ، سواءً أكان البحث دقيقا أم لا ، لكن ما يهمنا منه هو ان الفرد مهما كان ذكياً سيبقى بحاجة للمجموع ، ان واحداً من أهم أسباب فقدان العمل الجماعي هو طبيعة تكوين شخصيتنا ، لا توجد آليات للعمل الجماعي ، إذ ما يزال نموذج القائد والأتباع ، السيد والعبيد ، الراعي والقطيع هو السائد ، لذلك سترى الكثير من الناس لا يرغب في الإنخراط بأي عمل الا اذا كان متبوعاً لا تابعاً ، متى ما تم اصلاح ذلك بتأسيس نماذج للعمل الجماعي الفعلي والمؤسسي الذي يكون فيه الرئيس او المدير ناطقاً بإسم الجماعة ومخولاً بإدارة المؤسسة لا عبقرياً مستبداً ينظر للآخرين وكأنهم " ذابين جرش" معه ، ويتعامل معهم بإستعلائية ، اتصور ان هذا هو الرهان ، وهذا هو الذي سيخلق نخب حقيقية قادرة ومتطورة بإستمرار و تقديم قيادات كفوءة اعتماداً على آليات فرز حقيقية لا بالإعتماد على العلاقة والشللية .
ان اي مشروع ومهما كان فاعلاً وجميلاً بحاجة الى نقاش حقيقي ومعمق ليتسنى للجميع المشاركة في هضمه وفهمه والدفاع عنه والإيمان به ، فالمشاريع الناضجة هي المشاريع المرنة القادرة على التطور والتكيف مع المستجدات والأزمات .
بالمقابل ، ماهو المتوفر للناس من اجل ان تبدأ بالعمل الجدي وتخرج من الأمنيات والتذمر ؟
اذ لا جديد على الساحة ، حتى الدعوات الى الإنخراط في هموم المجتمع لا سيما السياسية منها يقابل بالسخرية احيانا وبالتثبيط احياناً اخرى ومن اناس لا هم لهم سوى انتقاد ما يجري ، لكنك وما ان تتحدث معهم عن امكانية فعل الكثير من الأشياء لو توفرت الجدية والصدق ، والنتيجة انك لن تراهم بعد ذلك .
لا توجد بيئة صحية للعمل الجماعي ، نحتاج لإصرار عجيب ولجنود مجهولين لا يفكرون بالمكاسب بقدر ايمانهم بالمشروع والهدف لنستطيع ان نضع اول اقدامنا على الطريق .
ليس هناك طريق بلا مصاعب ، وتذكر دائماً ان الأهداف العظيمة لن يوصلك اليها طريق معبد .