قامت الدنيا ولم تقعد في فرنسا يوم الأربعاء الموافق 7/1/ 2015عندما أقدمت مجموعة أرهابية متكونة من شخصين بأقتحام مقرصحيفة (شارلي أبيدو) التي تصدر في فرنسا وأمطرت العاملين فيها بوابل من الرصاص من رشاشات كلاشينكوف التي كانوا يحملونها مما أدى الى مقتل (13) شخص وأصابة (11) آخرين بجروح. وصحيفة( شارل ديبه) هي صحيفة أسبوعية ساخرة صدرت منذ عام 1969وتهتم بنشر المواضيع و الرسوم الفكاهية والتقارير والمهاترات والنكات، بمعنى أنها ليست من الصحف الرصينة!. سبب الهجوم جاء كرد فعل لقيام الصحيفة المذكورة بنشر صور مسيئة عن الرسول الكريم محمد (ص)!!.العالم كله هاج وماج وأستنكر الحادث وأبدى تعاطفه الأنساني مع فرنسا، معبرا عن ذلك بصيحات الأستنكار والأستهجان لبشاعة الفعل وبدأت بيانات وبرقيات التعازي تنهال على الحكومة الفرنسية وشعبها منددة بالحادث! وتم على أثر ذلك تنظيم مسيرة مليونية تجاوزت الثلاثة ملايين شخص و بمشاركة أكثر من 58 رئيس دولة أجنبية وعربية!! يتقدمهم الرئيس الفرنسي (هولاند) طافت باريس، كما طافت مظاهرات كبيرة أخرى باقي المدن الفرنسية كلها تندد بالعمل الأرهابي معتبرين القتلى شهداء الحرية!!، ولا ندري أن كان بين هؤلاء الشهداء من هو شاذ، أو مثيل جنسيا، أو حتى لوطيا!!‘ ففرنسا بلد الحريات وكل شيء فيها مباح بأسم القانون وحمايته!!، وكما لا ندري هل أنهم يستحقون كل هذه الضجة والمسيرات المليونية والتي في حقيقتها لا يراد بها أدانة العمل الأرهابي بقدر ما يراد بها الأساءة لصورة الأسلام والمسلمين!!، وهنا لا بد من الأشارة بأن عائلة(روتشيلد) اليهودية والتي تعتبر من أثرى العائلات بالعالم والتي تسيطر على قطاع الأعلام و المصارف في العالم دأبت منذ فترة بأعطاء مبالغ لهذه الصحيفة أو تلك أو لفنان هنا أوهناك من أجل رسم ونشر صور مسيئة الى الرسول الكريم محمد (ص)، لأستفزاز وجر الأرهابين من تنظيمات القاعدة أو داعش أو غيرها من التنظيمات الأسلامية المتشددة التي شوهت صورة الأسلام والمسلمين لغرض الأنتقام وقتل من يقومون بذلك!!، وهذا ماحدث بالفعل أثناء تنفيذ عملية الهجوم على صحيفة (شارلي أبيدو) ، حيث صاح أحد المهاجمين بعد تنفيذ العملية (الآن أنتقمنا للرسول)!!. من الطبيعي نحن لا نتفق مع العمل الأرهابي هذا ولا مع أية أعمال أرهابية تتم بمثل هذه الطريقة وتأتي كردة فعل أعمى، وكذلك نستنكر وندين هذا العمل رغم أنه جاء كرد فعل طبيعي ومتوقع لأسلاميين متشددين وجدوا في تلك الرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد (ص) أستفزازلمشاعرهم ومعتقدهم الدينية وهي بالفعل كذلك!!؟، ولو لم تكن الصحيفة قد نشرت تلك الصور لما كانت قد تعرضت للهجوم!؟. وبعيدا عن الحادث وتفصيلاته ومداخلاته، فالحادث هو دين على فرنسا أن ترده عاجلا أم آجلا؟! وهو أرتداد لكل ما فعلته فرنسا وتدخلاتها بالشأن العربي!؟ وغض نظرها عن أكثر من 1300 فرنسي مؤشر عليهم بأنهم منضويين تحت تنظيمات أسلامية متشددة يشارك قسم منهم الآن بالقتال مع تنظيم (داعش) الأرهابي في سوريا والعراق!!؟، فهناك الكثير من الدلائل وعلامات الأستفهام تؤشر بأن أصابع فرنسا لم تكن بعيدة عن دعم الأرهاب وأثارة الفوضى بالعالم العربي بأحداث ما يسمى( بالربيع العربي)!!.الذي نريد أن نقوله هو لماذا؟ هاج العالم وماج ووقف على قدميه وتوافد كل رؤوساء العالم من شرقه وغربه وشماله وجنوبه الى فرنسا، ليعزوها بمصابها الجلل والأليم!!، وليشاركوا بالمظاهرات المليونية التي أدانت مقتل (13) شخص كان هناك سبب مبرر ومتوقع لقتلهم!!؟، وما بال هذا العالم لا ينظر ولا يتعاطف ولم ترف له جفن ولا طرفة عين وهو يرى ويسمع بأن أرواح المئات من العراقيين الأبرياء من الشيوخ والأطفال والنساء تزهق يوميا بلا أي سبب نتيجة الأعمال الأرهابية، وحصاد الموت المجاني هذا بدأ منذ الأحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ولم يتوقف لحد هذه اللحظة؟!.ولماذا لم نسمع ونشهد مثل هذا الأستنكار العالمي والدولي على حمامات الدم التي تجري بالعراق منذ 11 عام ولحد الآن؟! ولماذا تقف أمريكا وباقي دول الغرب مكتوفي الأيدي على موتنا المجاني هذا؟!، وأين أخواننا العرب (الأخوة الأعداء) من مصيبتنا؟!. آه كم كبيرة كذبة الأنسانية وحقوق الأنسان التي تتاجر بها أمريكا وباقي دول الغرب والتي يكيلون بها بأكثر من مكيال!!؟، فبالوقت الذي أنقلبت الدنيا فيه على موت (13) شخص فرنسي ، لكن لم نسمع ولا صرخة ولا كلمة رثاء وحسرة ألم على موت عشرات الألاف ونزوح مئات الألاف من العراقيين بسبب الأعمال الأرهابية لمجرمي (داعش) حتى نشرت وسائل الأعمال صورا عن كلاب سائبة أكلت بعض الأطفال الموتى على جبل (سنجار) الذي حاصره مجرمي (داعش)!!. أهناك فرق بين دم قتلانا ودم قتلاهم؟، أدمهم أحمر قاني، ودمنا أزرق؟ ولماذا تنظر أمريكا وفرنسا وبريطانيا وباقي دول الغرب للشعوب العربية وخاصة العراقيين في محنتهم الأخيرة! بأنهم أناس لا يستحقون الحياة أن عاشوا أم ماتوا بموت طبيعي أو عمل أرهابي؟!!، ألكوننا مسلمين؟ أم لأننا أسئنا الى أنفسنا وللأسلام؟ وهل العيب فينا ، أم بحكامنا الذين دائما بذلوا دمنا رخيصا؟!، ولماذا جعل حكامنا منا مشروع دائم للموت؟! فالرئيس العراقي السابق (صدام حسين) جعلنا دروعا بشرية ومشروع موت رخيص دفاعا عن الأمة العربية وبوابتها الشرقية؟!!، والحكام الذين جاءوا من بعد سقوط النظام السابق لم يكونوا أحسن حالا ممن سبقهم!!؟ فقد أعلنوها وعلى رؤوس الأشهاد بأن العراق وشعبه يدافع ويقاتل الأرهاب نيابة عن العالم؟!!. أرى أن العالم يعيش كذبة كبيرة أسمها الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة؟! فالدول الكبرى التي تنادي بهذه القيم والشعارات وتروجها وتسوقها وفق مصالحها القومية العليا ونظرتها الضيقة!، فهي بالوقت الذي وجدت في قتلى صحيفة (شارلي أبيدو) بأنهم شهداء الحرية وأنهم بشر من الدرجة الأولى ويستحقون كل هذه المظاهرات والتنديد فأنها بنفس الوقت تنظر الىينا بأننا بشر من الطبقة السفلى ولا نستحق أن يرف جفن على موتنا؟!!. ويبدو أن قيمة الأنسان ونظرة العالم له تأتي من خلال قوة ومكانة دولته بين الدول ومدى حرص الحاكم ووطنيته على شعبه وتفانيه في خدمتهم. ومن خلال كل ما جرى من أحداث وما وصلنا أليه الآن من أفلاس وجوع!!؟ يبدوا أن العراقيين سيبقون مشروع دائم للموت والتشرد والجوع والفقر والتخلف حتم أنوفهم؟! بدون أن يرف جفن لأمريكا ولا فرنسا ولا بريطانيا ولا باقي دول الغرب ولا من أخوتنا العرب العاربة أخوة الدم ولا من حكامنا الوطنيين!!!! وتلك هي مصيبتنا الكبرى؟
مقالات اخرى للكاتب