هذه المرة طالعت كما في المرات السابقة المذكرة الموقعة باسم مدير عام الشركة العامة للتجهيزات الزراعية,والتي حملت بعض الوصايا المتعلقة بعمل الموظفين في الشركة.ورقة مكتوبة بخط اليد نقاطها واضحة جدا.ولغتها المبسطة تريد ايصال رسالة للجميع,وانا اتمنى من كل قلبي ان يطبق الجميع بأمانة كبيرة وبلا استثناء ما جاء في تلك المذكرة لسبب بسيط وهو:ان التجهيزات الزراعية شركة خدمية انسانية هدفها تقديم افضل الخدمات للفلاحين والمزارعين.
انا في الحقيقة اعرف كيف اقرأ الرسائل التي تتعلق بلغة اي شخص مسؤول.واعرف وايضا اننا كبشر وكشرقيين وكعراقيين نعشق المثاليات والافكار والمثل.والمشكلة ان اي شخص نتحدث معه يعتقد انه يملك الحل الامثل لكل مشاكل البلد.الناس في بلادي لديهم نظريات كبيرة في الحكم والسلطة مع ان احدا منهم لم يقرا كتابا واحدا.ودائما ما نعثر على من يقول لو استلمت السلطة يوما واحدا لفعلت كذا وكذا.وهذا المدعي لا يعرف ان يوما واحدا لا تكفي حتى لترتيب وضعه والظهور امام الفضائيات كمتحدث مقنع.يوم واحد وتحل كل اشكاليات العراق..يالها من بساطة في التفكير تضحك حتى الاطفال في الروضة.
في كل اجتماع ينتهي يسال بعض الموظفين ما الذي دار اثناء الساعتين اللتين استغرقهما الاجتماع.كل ما يهم هو ماذا حصل بشان الايفادات,والترفيعات وكتب الشكر,والمكافات.لا احد يتطرق الى الالتزام الخلقي والنزاهة والصدق. لماذا لان هناك نسبة كبيرة تظن انها تملك كل هذه الصفات الحميدة.
ان الاخلاق العالية الرائعة موجودة في كل مكان ومتوفرة اكثر من الملح.الباقي والاهم هو:الايفادات والمنافع والامتيازات.ولو ان موظفا ذهب مرتين في ايفاد الى خارج العراق فسيطالب في الحصول على ايفاد ثالث.وسينظر بعيون محمرة كالجمر لو ان زميله حصل على فرصة يستحقها.وعندما نتصرف بهذه الطريقة الجائعة الى الايفاد,ومن ثم نعتقد اننا اخلاقيون ومقتنعون بانفسنا وابرياء فهذه كما اظن مشكلة علينا التفكير فيها.
وكما قلت الاشخاص الذين يتوقفون عند الوصايا الاخلاقية قلة اما الاغلبية فيعتقدون انهم في غنى عن اي كلام اخلاقي وانساني لانهم اساتذة في النزاهة والالتزام.
من الاشياء التي استوقفتني في القران الكريم ان الله عز وجل يذكر دائما ان الانســــان هو من يستغني عن الله ويبتعد عنه.لذا يقول رب العزة دائما فاستــــــغنوا واستغنى الله.تكرر هذا المعنى اكثر من مرة في بعض السور,اي ان الانسان هو من يبدأ بترك الله فيتركه الباري عز وجل.ما معنى هذا.؟معناه ان الانسان لا يسلم ابدا بان اخلاقه تحتاج الى اصلاح لانه مقتنع تماما بانه لا يقل عن غانـــدي وجيفارا في نزاهته.حتى مع الله يريد الانسان ان يفرض بضاعة اخلاقه.عجبا هل يعقل مثل هذا الكلام.ومن هنا فانا احترم من ينطق بكلمة لا.الرفض هو مفتاح سعادة الروح.لذا فعلى الانسان ان لا يصدق انه نقي كالعسل الجبلي.
الانسان كائن غامض ومر الطعم كالحنظل.هذا في الواقع ما اثارته عندي المذكرة التي تضمنت بعض النقاط التي تخص عمل الشركة.
مقالات اخرى للكاتب