لا اعرف حقاً لماذا انت مكتئب وحزين وكثير الشكوى،، فانت تعيش في أجمل بقاع الدنيا ومهد الحقارة أعني الحضارة،،وواحة الأمن والأمان بحمى الرحمن وعدالة السلطان ،،لا تعرف حياتك اي حرمان،،ولم تر في حياتك ذرة تراب واحدة تعكر صفو أجوائه المثالية،،فلا حر تشعر معه بقيمة المهفة ولا برد يذكرك بانك تعيش في بلد لفطي،،عذرا نفطي،، ولا أمطار تدخل غرفة نومك وتحمل سريرك لتضعه فوق سياج جيرانك الطيبين الذين ليس لديهم طفل واحد مشاغب،،يحترف سرقة قمصانك المنشورة على الحبل في السطوح كما ان الحبل نظيف تماماً وليس فيه اي اثر لفضلات طيور ابن الجيران،،وحتى هذا الولد غير المطيرجي حباب لم يصفر ويبصبص ولا مرة لزوجتك التي تكبر امه في السن ،،ولا تنس حقوق الجيرة والصداقة فهو زميل مقرب لابنك في مدرسة الحي التي تقع عند اقرب مكب قمامة دال،،،،ابنك الغالي الذي تراه كل لحظة بتيشيرت شكل حتى شكك في سلامة عينيك،، هذا الذي ترى فيه صورة عنك أيام صباك يوم كنت تقضي السنة الدراسية ببنطلون وأحد تعجز عن ان تحزر لونه وألوان الخيوط التي رتقت عيوبه التي لا تعد ولا تحصى ،،وحذاء أدمن رفقة الإسكافي لكثرة ما تعرض للرفع والصبغ ورفقة عشرات الطركات حتى صار مثل قلب الشاعر المتنبي (لقد صار قلبي في غشاء من نبال ،،،فإذا رميت تكسرت النصال على النصال)،،،،
لماذا تتبطر على النعمة وكل من في البلد قائم على خدمتك والسهر على راحتك،،بدءا من أعلى هرم السلطة حتى ابسط عامل خدمات ،،فانت مدلل منذ اللحظة التي تفتح فيها عينيك حتى اللحظة التي تستطيع ان تغمضها بعد ان ينتصر النعاس على البعوض والحر حين يزعل عليك صاحب المولدة في منطقتك،،فحين تتجه صباحا الى مقر عملك صدقني لن تجد افضل من الازدحام الذي تسببه السيطرات فرصة للتأمل في حياتك الجميلة،،،وانت تقضي ربع عمرك تقريبا في الوقوف فيها،،تخيل ربع عمرك ،،ما يعني عشرة طيبة مع الحواجز الكونكريتية التي باتت جزءا لا يتجزأ من حياتك ناهيك عن الجنود المهذبين الذين ينحنون لك ولغيرك من المواطنين احتراما وهم يتفحصون هويتك او سنوية سيارة سائق الكية التي تستقلها للمرة العشرتالاف وهم ينشدون في حضرتك كل انواع الشائم والسباب التي يكون للست الوالدة فيها طبعا نصيب الاسد،،ولا تنسى الجهاز الجميل الذي يحملونه بأيديهم ،،هذا السونار الذكي المذهل الذي سعت قيادتك الحكيمة بشوارب رجالها التي تقف عليها الأسود الى التعاقد على شرائها من أرخى المناشيء العالمية،، ومن جيبها الخاص وداعتك وليس من مال الشعب ،،فلا فرق يا عزيزي فالجيب واحد الا ما حرم الله،،المهم ان تبقى انت مرتاحا ،،مدلالا ،،واذا حصل لا سامح الله انك شعرت بالرتابة والملل من هذا الروتين القاتل للذهاب والعودة الى العمل بسلاسة وانسيابية فلا تقلق فالمفخخات والمليشيات موجودة دوما لتنقل لك السينما وأفلام الأكشن الى الشارع بلا فواصل إعلانية ولا لقطات تخدش الحياء للبطل الذي يقبل البطلة تحت وابل الرصاص والدنيا مكلوبة ،،وتستمتع بدلا عن ذلك بتصريحات ما بعد التفجيرات وتغريد المفخخات على السنة نواب الغفلة ودواهي اخر الزمان والنايبات الخايبات في الفضائيات العلاوية والمالكية والهاشمية والمطلكية التي لا تعد ولا تحصى تندد وتهدد وتتوعد الإرهابيين بالعقاب وتتغنى بالباجة الوطنية ودحر الطائفية السمسمية في مواجهة الهجمة الفلافلية على الدولمة العراقية،،ويننقضي يومك الجميل على تيتي تيتي مثل ما كلتي ما سويتي ،،فما الذي ينقصك أيها المواطن بعد ؟؟؟؟؟؟؟
ثم هل نسيت بانك تعيش في بلد تقول عنه أمريكا دام ظلها انه واحة الديمقراطية وسط الأمة البدوية،،وان هذه النعمة الأمريكية افضل من شوارعهم الجميلة وابراجهم الشاهقة بل حتى أجمل من منتجعات لبنان ومولات كردستان،،فانت تستطيع ان تشتم رئيس وزراء بلدك وتلعن سلسفيل اي وزير او مسؤول وتتهمه بالسرقة والاختلاس والرشوة والمحسوبية والطائفية ،وووو،،،الى اخر قائمة الموبقات ،،كما تستطيع ان تجعل من الرئيس الكردي لدولتك العربية أضحوكة وموضوعا للنكات القوية،، من غير رقيب ولا حسيب،،والله يا أخي انت بطران وفسكان ،،فالعالم يحسدك كل يوم على ما انت فيه،،ولتعلم ان النعمة التي يبطرها أهلها تنتهي الى زوال ،،وعندها تتحسر عليها حسرة بائع الغاز الذي فضل السايبا ام العطلات على الزمال،،ولا أقول الا ،،الله يهديك ويصبر حكومتك الرشيدة عليك،،،ويضع الحكمة أمام ناظريك،،لتكون مواطنا صالحا شريفا عفيفا لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم،،
مقالات اخرى للكاتب