انتهى الانقلاب التركي وعاد اردوغان من منتجعه بعد هزيمة العسكر مزهوا بنصره .. لكن تداعيات الانقلاب مازالت مستمرة في البلاد حتى اوصلت الرئيس التركي امام خيارين لاثالث لهما اولهما مر والثاني أمر منه .. والخيار الاول الاستمرار بحملة الاعتقالات في صفوف الجيش وتصفية خصومه المفترضين من كبار الرتب العسكرية وما سيرافق هذه التصفيات من تداعيات تجعل الجيش ضعيفا لايرتقي الى المستوى الذي كان عليه قبل الانقلاب مثلما حصل للجيش العراقي بعد دخول القوات الامريكية للعراق عام 2003 وما رافقها من حملة اعتقالات للقادة العسكريين المقربين من الرئيس العراقي صدام حسين وتسريح المتبقي من القادة ممن يمتلكون خبرات عسكرية قسم منهم لزم داره متواري عن الانظار خوفا من عمليات انتقام محتملة والقسم الاخر هاجر خارج العراق بعد تدمير آلته العسكرية التي تضم قوة قوامها
320 مقاتلة هجومية ابرزها طائرات الميراج الفرنسية والسوخوي والميغ 27 و 25 و 23 و 21 الروسية اضافة الى طائرات الرصد والانذار المبكر و550 حوامة " طائرة سمتية " وصواريخ ارض جو ستراتيجية اضافة الى الاف الدبابات المتطورة والمدافع يستخدمها اكثر من مليون مقاتل مدربين تدريبا عالي الكفاءة وبفقدان هؤلاء القادة فقد الجيش هيبته واصبح جيشا منحلا بقرار من الحاكم المدني الامريكي بول بريمر سرعان ما ادركت الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق مدى الخطأ الذي ارتكبته من حل الجيش العراقي فشرعت ببناء جيش جديد على انقاض الجيش السابق جيش لايمتلك تلك الخبرة ولا الدراية لصد الهجمات المتكررة التي تقوم بها عناصر ارهابية قادمة من خارج الحدود .. وما حصل في العراق يحصل حاليا في تركيا فقادة الجيش المتهمين بمعارضة نظام حكم اردوغان اصبح حالهم مثل نظرائهم قادة الجيش في العراق البعض منهم مازالوا معتقلين بسبب اتهامهم بالتخطيط لتنفيذ الانقلاب العسكري والقسم الاخر معتقل بسبب تنفيذهم اوامر عسكرية تخدم المتمردين والبعض الاخر هرب الى المنافي خارج تركيا فيما بقي البعض الاخر متواريا عن الانظار داخل منا زلهم مهددين بالاعتقال ..
وفي ضوء هذه التطورات باتت المؤسسة العسكرية التركية متهمة بالخيانة العظمى والتآمر لقلب نظام الحكم في البلاد .. وقد احدثت عمليات الاعتقال حالة ارباك داخل المؤسسة العسكرية وربما تكون من نتائجها حل الجيش ومحاولة تشكيل جيش جديد كما حصل في العراق لايمتلك تلك الخبرة التي يمتلكها الجيش السايق لانه سيضم حتما عناصر مواليه لاردوغان اغلبها من تنظيمات حزبه حزب العدالة والتنمية .. هذا الاجراء سيمهد الطريق لتشكيل ميليشيات مسلحة تابعة للرئيس التركي وتشكيل هذه الميليشيات سيخلق حالة من الفوضى داخل صفوف المؤسسة العسكرية وربما سيتحرك القادة العسكر من جديد من الذين لاتدور حولهم الشبهات لتنفيذ انقلاب عسكري يكون اكثر دقة من الانقلاب السابق .. وقد يتطور هذا الانقلاب فيما لو حدثت مقاومة الى مواجهة شاملة بينه وبين الميليشيات التابعة لاردوغان اشبه بالمواجهات الحاصلة حاليا في سوريا .. عندها سينقلب السحر على الساحر وتكون تركيا ساحة احتراب ومواجهة يحترق فيها الاخضر واليابس .. وهذه الفوضى ستخلق المبررات لدخول اطراف خارجية لتاجيج تلك المواجهات وحتما سيكون الدب الروسي والثور الامريكي في صدارة هذه التدخلات وستسهم في تاجيج الفوضى لجعل تركيا دولة ضعيفة خاصة وان القادة العسكر الاتراك لهم علاقات واسعة وعميقة مع دول تسعى الى تفتيت تركيا . . عندها سيكون حلم اردوغان بالانضمام الى الاتحاد الاوربي امنية بعيدة المنال وستدخل تركيا شاءت ام ابت الى قائمة الدول المحظور التعامل معها كونها من الدول الغير مستقرة خاصة وانها دولة تمتد جغرافيا الى مناطق واسعة حيث تمتد اراضيها في اسيا واوربا ومجاورة لدول تضمر الشر و العداوة لها بسبب تدخلاتها المتكررة في شؤونها الداخلية ..
اضافة الى تشجيع المتمردين الكرد لتنفيذ المزيد من الهجمات لتحقيق حلمهم بتكوين كيان لهم جنوب تركيا .. وستكون الايام القادمة حبلى بالمزيد من المفاجآت خاصة اذا اصر الرئيس التركي اردوغان على برنامجه في اصلاح المؤسسة العسكرية وفق مبدأ الانتقام والثأر لا وفق مبدأ عفا الله عما سلف .. وفي كلا الخطوتين فأن الوضع في تركيا بات اكثر سخونة ولايبشر بوجود ضمانات للعودة الى الوضع قبل الانقلاب .
مقالات اخرى للكاتب