في خريف 1621 ,بعد سنة واحدة من نزول "الحجّاج المهاجرين" أي الأوروبيّين, على أرض "بلايموث روك", في ما يعرف اليوم بولاية "ماساتشوستس", اجتمعوا مع هنود قبيلة "وامبانواغ" للاحتفال بأوّل حصاد ناجح للمستوطنين "الحجّاج", وهذا الاحتفال الّذي كان مزيج بين عادات السكّان الأميركيّين الأصليين "أي الهنود الحمر" وبين الحجّاج المهاجرين, استمرّ ثلاثة أيّام ,جمعهما سويًّا تناول الطعام, مع التعبير عن الامتنان "والصداقة" ..يعتقد المؤرّخون أنّ المجموعتين تناولتا أطعمة خاصّة بأميركا كالديك الرومي ولحم الغزال والكرندن "والسلطعون" واليقطين الخ جوهر العيد ذاك لا زال ,لكن طرأ عليه الكثير من تغيير في أطعمة "عيد الشكر" الّذي سمّي ذلك الاحتفال فيما بعد بهذا الاسم ..
أنا هنا في هذا المقال أسجّل إيماني التام بالخصوصيّة ,على مستوى الفرد أو على مستوى المجتمعات, ليس جزافًا أو "حشو مشاعر" بل من منطلق علمي جاء إيماني بالخصوصيّة ,لأنّها من الناحية العلميّة هي الّتي تقف خلف "التنوّع" على مستوى الطبيعة أيضًا ,شرط انفتاح على تقبّل الآخر ,وذلك ما تعاني منه مجتمعاتنا اليوم تحت ضلّ الاسلام السياسي ,منطقتنا مثالًا ..إذ انّنا نرى المصابون بالنوستالجيا "شدّة الحنين للماضي" من المؤمنين به إيمانًا متوارثًا "بالنسخة القديمة" من "الاحتجاج" أخذ يعطي مردودات عكسيّة تمامًا بعكس ما ادّعى رعاة مثل هذه "المهرجانات" الحزينة الّتي تقام سنويًّا والّتي بدأت تكون لا حصر لها وتشكّل عبئًا ثقيلًا على بلداننا وعلى عمليّة التطوّر "إن وُجد له مكان".. فلو تسنّى عرض عقول مثل هؤلاء لعمليّة تشريح بيولوجي رغم صعوبة ذلك, أو جراحي, سنجدها عقول؟ ,لكنّها تعاني من "المراوحة" لا يفرق ما تعانيه ما تعاني عجلة قديمة مستهلكة عديمة الاستجابة.. الواحد من "هؤلاء" لا يقبل حتّى طعامه "ذو الوصفة الموروثة ", يميل إلى ما ورثه من طعام, فلديه كلّ شيء "جاهز" منذ يوم مولده ,وسيوصم "بعيب اجتماعي" من نفر عنه: "يتفرنج" عن سرب المؤمنون بنسخة آبائهم وأجدادهم الّتي لا ناسخ لها, رغم انّ القرآن قبلها ومارسها؟, وليس بغير "التكرار" بديلًا .."الصنعة" توريث ..عن أبيه عن جدّه.. الخ ,فهي عنده مثل "الحديث" عن أبيه عن جدّه ,كتوريث صنعة أبيه "في صناعة غرف النوم" مثلًا ..,فلا تغيير أو مراجعة لخطوط "التصميم" المتحجّر, للشعور الجمعي الراسخ باستحالة التغيير ,وبذلك فكلّ ميراث موروث طبيعته أبديّة و"عيب" على كلّ من "يشتطّ" بتصميم جديد "لغرفة نوم" ,على عكس الآي: ( ويخلق ما لا تعلمون ) والّتي "لا يستطيع تفسيرها, كمثيلاتها من الآيات ,إلّا "الشرعيّون", ممّن تعلو رؤوسهم "الشارات" الملفوفة ,بحسب ما شبّه "للمنسّخون" ,فهم فقط من يستطيع "تفسيرها" بنظر هؤلاء, ويشمل حتّى توريث "الرفض" وبرسوخ لا يقبل التبديل أو الحذف ,فقط الإضافة والتضخيم ,لذا ,فهو رافض لكلّ تغيير, في حين لا ضير من فرض ذائقته المتوارثة ,على الآخر وإن رفضها ,فرغمًا عن أنفه إن تطلّب الأمر "بالفتوحات" سابقًا "وبالوعيد" في الحاضر ,بل "ويتعجّب" كيف لا يرضى الآخر "بما رضيته له أنا" مفسّرًا: "أكيد في عقل الآخر لوَث"! حتّى وإن كانت تلك القوى "الرافضة" ,أو الآخر ,قوى كبرى بات هو يلجأ إليها هربًا لا واعيًّا من واقعه ..
يأكله الفساد من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه لا يبالي يعتبر ذلك "ابتلاء" يُطرد بالحجابات وبالأوردة وبالتمائم وبالطواف, تعوّد "التظاهر" ,تقليدًا لآبائه الأوّلون بمعزل عن تظاهرات اليوم! طالما لم تؤشّر داخل لائحة المناسبات عنده ,وإن هدفها دحر الفساد؟ ذلك لأنّ بالّلا وعي عنده: أنّ التظاهر الجديد شأن الحاضر بينما هو يمارس تظاهر الماضي"! ..مثل هؤلاء هم من ينتخب الفساد ويرسّخوه, فيهتاج له الحسينيّون الحقيقيّون وجيفارا ستيف بيكو شفيق المهدي احمد سوكارنو دالتون الشحماني عرابي ,في النجف في البصرة في ,الأوروغواي .. "الّلوائحيّون" هم المعنيّون بالآية ( هم كالأنعام ,بل هم أضلّ ) ,يوكّده رسوخ فهمهم للأمر أبديّة التنزيل "القرآني" بحسب قناعتهم ,وصلاحه "لكلّ زمان ومكان" ,وعلى هدي من "أصحاب الشارات"؟..
ما دام الفساد يبدأ من العقول فطبيعته نقل الفساد من مكان سحيق إلى مكان مستقبلي جديد ,وطالما أغلق أصحابها "وهم يقرأون عن الناسخ كيف جعل الناسخ الأقدم منه منسوخًا, يساعد في ذلك جماجم هذه العقول "إفريز" لتجميد "البضاعة" المتوارثة خوفًا عليها من الزمن "من التلف" ,ومن يستنكر منهم سيواجه أشدّ عمليّات التعذيب "بالجلد وبالصلب وبالتشقيق بالمناشير وبالشواء بنيران الأخدود وبوضع الصخر على الصدور" إن تطلّب الأمر القضاء على كلّ "ناسخ".."..
كلّنا يعلم جيّدًا, وفي علمه ذلك ,أنّ الكثير أنّ العاهاث تورّث أحيانًا وإن بدرجات ,ومنها معايب بدنيّة أو حتّى عقليّة , جميعها يوافق "الوارثون" معالجتها وإن بالتشريح أو الإصلاح ,إلّا "ملف التوريث العقائدي المغلق" فهو غير قابل للفتح إلّا ب"كود" ,سرّ مصون ,بأيدي أصحاب الشارة الملفوفة الرافضون للتغيير..
مقالات اخرى للكاتب