يبدو ان المجتمع الدولي لم يشف غليله بعد من العراق وآهلة، فبعد سكوته على تدمير و احتلال البلاد و تشريد آهلها و زرع العداوة و البغضاء بين شرائح المجتمع الى تهجيره بعد تخريب الدولة المدنية، نقول ان هذا العالم" المتحضر جدا" يواصل مهمة تدمير آواصر العائلة العراقية لأعتبارت تدخل في استراتيجية اعادة توزيع الخارطة السكانية بشكل " غير متوازن" لكي لا توظف العددية في رسم موازين القوى بالمنطقة..
هذه المقدمة لها ايضا علاقة بالجهد المنظم لايذاء العراق عبر داعش و أخواتها ذات العمق المتجذر مع مفاهيم الاحتلال، فهي تتعلق بقضية خطيرة تجري فصولها بعيدا عن الأنظار و تتعلق بتفكيك العائلة العراقية وفق سياقات جديدة تعتمدها المؤسسات الدولية المختصة، حيث يتم فصل الأبناء الكبار عن العائلة و يتم استعجال تسفيرهم، حسب الحاجة و جهة الأختصاص، بينما تترك ملفات عوائلهم على رف النسيان، ما يعني أن جهة ما تقف وراء سيناريو مستقبلي خطير يهدد أواصر البيت العراقي.
يحدث هذا في العديد من العواصم الاقليمية حيث ذهب الشباب الى مدن أمريكا وظلت عوائلهم بانتظار النتيجة ليبدأ مشوار حزن اضافي لا تخفف من وطأته خدمات الاتصال المجانية، فالقضية تتعلق بتحويل مسار الحياة الى خط مائل بلا نهايات، فقد يتم استخدام هؤلاء الشباب في " المضاربات الأمنية" بعد فترة تأهيل و قد يتم استغلالهم بأعمال شاقة و الأخطر أن مستقبلهم العائلي بات مجهولا، ما يستدعي التفاتة عراقية عاجلة لمنع تفكيك البيت من الداخل بسبب الضغوط النفسية و الأمنية في البلاد و الاهمال الحكومي لكل شخص خارجها.
ان السكوت على هكذا ممارسات يؤسس لفتنة كبيرة اشد وطأة من الارهاب لأن البلاد التي تخسر شبابها و علمائها لن يكون لها نصيب من المستقبل، وهو ما يتحقق تباعا في العراق، حيث ترتفع الأصوات عاليا للتحذير من خطورة " النقص الحاد" في عدد الأطباء بمختلف الاختصاصات، بعد ان تحول الأمن الى بديل مؤلم عن الابداع و التطور و الخدمات، لأن البعض يريد تفصيل العراق على مقاسات مشوهة بالولادة.
ان الانشغال بالحرب على الارهاب واجب مقدس لحماية البلاد و العباد،بالمقابل فان السكوت على ظلم الغريب للعراقيين بسبب الحاجة و غياب " المعيل الحكومي" يمثل خرقا للحقوق و الواجبات التي كفلها الدستور العراقي، ما يضع على عاتق الحكومة مسؤولية كبيرة جدا في متابعة أوضاع اللاجئين العراقيين و عدم السماح باستخدامهم كقنابل موقوتة ربما تصيب العراق يوما بالصميم، فطريق " المرتزقة" يبدا من توظيف الحاجة في قهر الارادة، وهو ما لا نتمناه لأبناء شعب رضعوا حليب الوطنية وتربوا على الاخلاص و الوفاء لوطنهم، الذي أدار لهم ظهره بسبب مزايدات سياسية كفحيح الأفاعي.
نطالب العراقيين في الداخل و المهجر الى فضح هذه الممارسات و اسماع صوتهم للمجتمع الدولي لمنع " مافيات الفتن و التخريب " من وضع خطوة على طريق تدمير النسيج العراقي مثلما نحذر المنظمات الدولية من استغلال معاناة العراقيين للفوز برضا أصدقاء في الغرب و الشرق يهمهم ايذاء العراق عن طيب خاطر.. ننتظر موقفا حكوميا و برلمانيا عراقيا يليق بهذا الخطر الذي لا يحتمل تبريرات أو مجاملات ساهمت في ذبح العراقيين!!
مقالات اخرى للكاتب