التطور المذهل لشبكة المعلومات الحديثة للاتصال، أسهمت في ظهور نوع جديد من الإعلام، هو الإعلام الإلكتروني الذي يعتبر ظاهرة جديدة يتميز بسرعة الانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور وبأقصر وقت ممكن وأقل تكلفة.
فالعصر الحالي يعد بحق عصر الإعلام الإلكتروني، يحظى بحصة متنامية في سوق الإعلام لسهولة الوصول إليه وسرعة إنتاجه وتطويره وتحديثه كما يتمتع بمساحة أكبر من الحرية وأصبح محور الحياة المعاصرة متحررا من قيود الرقابة ومحددات النشر، وفرض واقعاً جديدا في حياتنا اليومية، فهو لم يعد تطويراً فقط لوسائل الإعلام التقليدية وإنما هو وسيلة إعلامية احتوت كل ما سبقها من وسائل الإعلام.
تكنولوجيا الإعلام الجديد فتحت بابًا واسعًا لحرية الإعلام لا يمكن إغلاقه وما الدور الذي لعبه الإعلام في تسريع عملية التغيير في دول الربيع العربي إلا الدليل على دوره في حياتنا بعد اختفاء الحدود بين المرسل والمستقبل فأصبح الجمهور هو صانع الحدث عبر الرسالة الإعلامية، التي أنتجت المواطن الصحفي الذي قام بنقل الحدث حال وقوعه.
وإزاء هذه المستجدات في واقع الإعلام الجديد هل ستستفيد المجتمعات من هذه الفرصة أم أنها ستقف مترددة في التعاطي والانفتاح على /تكنولوجيا الإعلام الجديد/ والحد من مخاطره على محرمات السلطة والمس بقوانينها.
إن الإعلام الإلكتروني هو إعلام المستقبل ذو قدرة هائلة على تقديم مواد تفاعلية لم يسبق أن قدم التاريخ مثيلا لها حتى في التواصل المباشر بين الأشخاص. وحتى يأخذ الإعلام الالكتروني كامل مدياته في حياتنا لابد من ضبط إيقاعه عبر ميثاق شرف لمنع استخدامه لغير مقاصده النبيلة وخدمة المجتمع وتعزيز التواصل بين أفراده ليس من خلال قوانين أسقطتها ثورة الاتصالات وإنما تكنولوجيا الاتصال الجديدة وبشكل خاص الأقمار الصناعية والإنترنت، لن تؤدي فقط إلى إزالة الحدود التي تفصل بين الشعوب، ولكنها ستؤدي إلى خلق ثقافة جديدة، أو على أقل تقديرٍ قيام قدرٍ من المشاركة بين الشعوب في قيمها وأنشطتها الثقافية. من هنا يكمن قلق المجتمعات التي اخترقتها وسائل الإعلام الحديثة أبرزها /الإعلام الالكتروني/ من خطورة انتقال ثقافات وتقاليد عبر هذه الوسائل قد تبدو غريبة وهجينة على مجتمعاتها وربما تتقاطع مع ثقافات مجتمعية قد تتسبب في اهتزاز معادلة التوازن المجتمعي. وعلى الرغم من بعض المحاذير التي تتحسب من تداعياتها بعض المجتمعات فان ثورة الاتصالات واشتراطاتها ماضية في فرض معادلتها الكونية، ما يدعونا إلى مواجهة هذا العصر التكنولوجي الجديد، لأنه عصر لا مفر من ملاقاته..
مقالات اخرى للكاتب