"داعش" هيكليتها وقياداتها وعملها من الداخل واستراتيجيتها في مسك المعابر الحدودية لتنقل قياداتها ومقاتليها
أعلنت "داعش" في 22 مارس 2013 [ أن أبو الحسن العيساوي قتل على يد ثوار العشائر في الأنبار لإحداث فتنة فقد أغاظها تلاحم جنود الدولة والعشائر. ونؤكد أنه لا توجد أي مشاكل بين الثوار والدولة الإسلامية وهم يقاتلون بصف واحد ولله الحمد]. واضافت "(..) إن أبوالحسن العيساوي هو وزير الإعلام لدولة الإسلام من مواليد الفلوجة ومن الأوائل في جماعة التوحيد والجهاد التي قادها الزرقاوي(..). هذا التصريح على المواقع المعتمدة من قبل "داعش" له دلالات كثيرة ابرزها، التحالف والتقارب مابين مقاتلي "داعش" وبعض "ثوار" الانبار، مجلس الحرب. كذلك اعلان مقتل المكنى ابو الحسن العيساوي وجذور علاقته مع الزرقاوي والتوحيد والجهاد في العراق ماقبل 2006، يبرهن إن "الدولة الإسلامية" نشأت إمتداد الى التوحيد والجهاد في العراق. كانت صحراء الانبار ملاذ امن الى تنظيم القاعدة عام 2003 حتى عام 2006. صحراء الانبار شهدت نشاط ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم فرع القاعدة في العراق ـ التوحيد والجهاد ومقتله في 2006 في مدينة بعقوبة ومقتل خليفته ابو ايوب وابو عمر ألبغدادي زعيم تنظيم ما يسمى "دولة العراق ألاسلامية "في 2010. هنالك الكثير من التسائولات حول تنظيم داعش ونشأته وعلاقته بالتنظيم المركزي ومصادر الدعم والتمويل، التي مازالت لحد الان مثار تكهنات. تنظيميا، نشأ التوحيد والجهات في العراق في اعقاب الاحتلال الاميركي عام 2003، ولم يبايع الزرقاوي انذاك التنظيم المركزي الا مؤخرا ماقبل 2006، بعد ان شكل الزرقاوي مجلس شورى المجاهدين واعلن البيعة للزرقاوي من اجل الحصول على الدعم. وبعد عام 2006 وظهور"الدولة الإسلامية"في العراق بزعامة ابو عمر البغدادي، تشير المصادر والسجالات مابين "الدولة الإسلامية" والتنظيم المركزي بانه بعد مقتل ابو عمر 2010 وصعود ابو بكر البغدادي، لم يعطي البيعة الى الظواهري، واستمرت الازمة مابين الظواهري والبغدادي حتى ابريل 2013 وخروج مشكلة عائدية ومرجعية جبهة النصرة لتتصاعد حدة الخلاقات حتى مطلع فبراير 2014، عندما اعلن التنظيم على مواقعه المعتمدة، خلع التنظيم الى البغدادي وتنظيمه، ليدخل التنظيم مرحلة جديدة نتج عنها، اعلان إمارته في الفلوجة.
لماذ تستقطب "الدولة الإسلامية" العسكر
تميزت عمليات "الدولة الاسلامية في العراق والشام" بتوقيتها مع الأزمات السياسية مما اعتبرها بعض المراقبين بالذراع العسكري لبعض الكتل السياسية المشتركة في الحكومة والعملية السياسية
وقد عرف التنظيم واشتهر في العمليات الانتحارية من خلال الانغماسيين اي الانتحاريين والسيارات المفخخة وهذا ماعكسته تكتيكات التنظيم في عملياته داخل العراق باستهداف المقرات الامنية والمؤسسات الحكومية والتفجيرات المزدوجة في المناطق السكانية الرخوة. هذا النوع من التكتيك باستخدام المتفجرت والسيارات المفخخة كانت السمة الغالبة في مواجهة تراجع التنظيم في ريف حلب امام "الجبهة الاسلامية" وخاصة عند الحواجز لسد العجز في قدرته وقوته على الارض. ركزت"داعش" على استقطاب العسكر وخاصة من الذين خدموا في زمن النظام السابق ماقبل عام 2003 وبسبب ماتمتلكه عناصر الجيش والإستخبارات من خبرات ومنها في مجال التصنيع مثل المتفجرات والالغام وغيرها، وافادت مصادر المعلومات بان القاعدة في العرق تحركت على تجنيد الضباط وعناصر الجيش مستغلة ظروفهم والبعض منهم التحق بالتنظيم بالاجبار وتحت التهديد. مايميز العسكر هو الانضباط والسرية وهذا ماتتمتع به "داعش" اكثر من غيرها من التنظيمات "الجهادية". فهي لم تعلن سوى عن كنية قادتها ولم تنشر اي صور وتفاصيل عنها. وسائل الاعلام نشرت لاول مرة تفاصيل عن قياداتها شهر فبراير2013 بعد ان حصلت الإستخبارات العراقية معلومات من خلال عملياتها الواسعة في صحراء الانبار. تفيد المعلومات بأن "دولة العراق الإسلامية"تقوم باعداد مقاتليها في دورات عسكرية وامنية تمتد الى عام تقريباً. وما كشفته وثيقة وزارة الداخلية العراقية من قيادات للتنظيم سبق لها الخدمة في المؤسسات العسكرية والاستخبارية ماقبل 2003 تتماشى مع هذه المعلومات.
هيكلية التنظيم
رغم انه لا تتوفر الكثير من الوثائق والمعلومات حول هيكلية التنظيم من الداخل لكن ماتم الحصول عليه من معلومات في رسائل بن لادن مايس 2012 وفي وثائق سنجار التي حصلت عليها القوات الاميركية في العراق بعد عام 2003 وما حصلت عليه الاستخبارات العراقية من عمليات واسعة في صحراء الانبار، وقد تناولت قناة العربية تفاصيل هيكلية "الدولة الإسلامية" وهي:
· تكون هيكلية التنظيم هرمية وليست عنقودية، اي يوجد قيادي واحد فقط يربط التشكيل بالتنظيم. إما الدعاة في التنظيم فلا يحتاجون ان يحيطوا انفسهم بالسرية بل يتم الاعلان عن انفسهم وتعليمات التنظيم تحذرهم من اضافة اجرائات امنية احترازية على حركتهم.
· وسائل الاتصال كانت محصورة عند التنظيم مثل التنظيم المركزي للقاعدة بايتهدام المرسال البشري وعدم استخدام الاتصالات. لكن بعد عام 2011 وخروج القوات الاميركية من العراق، بدا التنظيم يستخدم الهواتف النقالة والثريا ، وفقا لمعلومات محققين في جهاز مكافحة الارهاب العراقي. اما معلومات وكالة "ناسا" التابعة الى وكالة الامن القومي الاميركية فقد كشفت عن اتباع التنظيم المركزي وربما داعش المنتديات على الانترنيت تحت اسماء وهمية معروفة لديهم وغرف مغلقة، وهذه المعلومة كانت وراء غلق الولايات المتحدة الاميركية اكثر من 30 بعثة دبلوماسية في اللعالم خاصة الشرق الاوسط. التنظيم بدا يطرح بعض نشاطاته على خدمة تويتر والفيس بوك ووسائل االتواصل الاجتماعي.
· المجلس العسكري وهو مايقابل اركان عمليات التنظيم بقيادة ابو احمد العلواني مع ادارة ثلاث ضباط اخرين، مهمتهم التخطيط وادارة القادة العسكريين ومتابعة الغزوات.
· الهيئات الشرعية يرئسها ابو محمد العاني مهمته الارشاد والدعوة ومتابعة الاعلام.
· مجلس الشورى يتزعمه ابو اركان العامري ومهمته تزكية الولاة للولايات بعد موافقة البغدادي 11 الى 19 عضوا ويتم انتخابهم من قبل البغدادي
· مجلس الامن والاستخبارات بزعامة ابو علي الانباري، هو ضابط سابق في الاستخبارات ماقبل 2003 مسؤول امن البغدادي وامن التنظيم من الاختراق.
· مؤسسات الاعلام بزعامة ابو اثير الشامي من اصل سوري، يتابع الاعلام الالكتروني والمواقع الجهادية غالبا من الخليج وشمال افريقيا.
وهي قريبة الى هيكلية القاعدة المركزي التي تتضمن:
· وزارة الحرب، اللجنة العسكرية وهي المسئولة عن عمليات التدريب وتوفير الأسلحة والتخطيط للهجمات.
· لجنة المال، المالية وهي التي تمول العمليات من خلال الحوالات، وتوفر تذاكر الطيران وجوازات السفر الزائفة، وتدفع الأموال لأعضاء القاعدة، وادارة مشاريعها الاستثمارية ـ الواجهات ـ .
· لجنة الشريعة وهي مسؤولة عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وتقرر مطابقة مسارات العمل للشريعة واصدار الفتاوى .
· لجنة الإعلام والتي تولت إصدار نشرة إخبارية، والعلاقات العامة.
واعتمد التنظيم استراتيجية اعتماد قياداته من المنطقة الغربية ومن مدينة الانبار اكثر من غيرها من المدن، ووفقا الى راي الدكتور مصطفى العاني مسؤول وحدة مكافحة الارهاب في مركز الخليج فان التنظيم اعتمد المكون السني في المنطقة الغربية واصولها العشائرية الممتدة في سوريا وهذا كان وراء اعلان الدولة الاسلامية في العراق والشام
أبو بكر البغدادي : واسمه إبراهيم عواد ابراهيم البدري، كنيته السابقة أبو دعاء. عمل محاضراً في الدراسات الإسلامية، وإماماً لجامع أحمد بن حنبل في سامراء، ومن ثم إمام جامع في بغداد، وآخر في الفلوجة. اعتقلته القوات الأميركية في 4 يناير 2004 لنحو 3 أعوام. أسس تنظيماً تحت اسم جيش أهل السنة، والتحق بعدها بالقاعدة، وأصبحالرجل الثالث في التنظيم. تولى القيادة خلفاً لأبو عمر البغدادي.
الحاج بكر: اسمه سمير عبد محمد الخليفاوي. ضابط سابق ماقبل 2003. تولى مهام تطوير الأسلحة و سجن في بوكا، وبعد إطلاق سراحه التحق بالقاعدة و كان الرجل الأهملداعش في سوريا، حيث قتل أخير في معارك ريف حلب ضد الجبهة الاسلامية فبراير2014.الحاج بكر يعتبر هو القائد الفعلي للتنظيم وكان يىمثل الرجل الظل الى ابو بكر البغدادي، وربما وجد فيه ابو بكر البغدادي ماينقصه من خبرات عسكرية وخبرات اركان حرب واستخبارات لتعزيز قوة التنظيم، لكن رغم ذلك كان ابو بكر البغدادي هو من يمسك بقرارات التنظيم ولم تتعرض مكانته للتراجع مقابل الحاج بكر وهذا يقود تحليل بان البغدادي هو من كان يمسك بمصادر التمويل.
إستراتيجية مسك المعابر والمنافذ الحدوودية
إن من يمسك بتمويل التنظيمات يمسك بقراراتها، اي ان البغدادي من المؤكد عزل قادته عن مصادر التمويل. يشار ان الصرامة الموجودة داخل التنظيم مكنته من تجاوز الاختراقات والانشقاقات، بل استقطب التنظيم الكثير من المقاتلين الاخرين من العراقيين والاجانب، لما يتمتع به من امكانيات مالية. واتخاذ جبهة النصرة والجبهة الاسلامية قرارها تحت ضغوطات سياسية محلية واقليمية ودولية باستبعاد الاجانب داخل التنظيمات وعدم استقبالهم، صعد من تدفق المقاتلين الاجانب والعرب ـ المهاجرين ـ الى "داعش" . هذه الخطوة، استقبال المقاتلين الاجانب عكست مبدأ عولمة الجهاد عند "داعش" وان تكون منافسا الى التنظيم المركزي العالمي. مازالت تعاني "داعش" الكثير من التراجعات والتقلص في جغرافية تواجدها، فقد ضعفت كثيرا في سوريا وخاصة في ريف حلب وحمص والمناطق الشمالية الشرقية رغم تمترسها في الرقة، اما اعلان وجودها في لبنان وفي سيناء، فيبدو انه وجود ضعيف ورمزي اكثر من وجوده الفعلي، لذا لم يكن له عمليات على الارض هناك. هي تتبع إستراتيجية مسك المعابر والسيطرة على المنافذ الحدودية مستغلة فراغ السلطة وتمكنها من التحرك والتنقل.
في ظل الأزمات"داعش" تستعيد قدرتها واتصالاتها مع شبكة تنظيمات جهادية اخرى تتوزع على خارطة جغرافية واسعة من العراق خاصة بغداد والمناطقة الغربية والشمالية الغربية. يشار ان" داعش" استطاعت ان تصل الى هدنة في حلب سوريا مع تنظيم صقور الشام وكذلك الجبهة الاسلامية، هذه الهدنة ربما ساعدها على ادخال وتسرب مقاتليها من سوريا الى العراق عبر بعض المعابر التي تسيطر عليها خاصة عن القامشلي. إن سلسلة العمليات الواسعة خاصة في بغداد، تعكس ان "داعش" والتنظيمات الجهادية لاخرى، بدات تنفذ اعلان عمليات شاملة في العراق. مساحة العمليات التي تنتشر عليها العمليات، لايمكن ان ينفذها تنظيم واحد ولكن ممكن من خلال التنسيق مابين التنظيمات" الجهادية" الاخرى من بينها انصار السنة التي تتركز في كركوك شمال العراق، رغم خلافاتها مع "داعش" بالاضافة الى تنظيم جيش الطريقة النقشبندية و ـ المجلس العسكري،ـ مجلس الثوار ـ الذي يتزعمه علي حاتم السليمان، الاخير ممكن ان يمثل اهمية ونشاط اكثر، كونه يتمتع "بالشرعية" من قبل وجهاء العشائر. المراقبون اعتبرو مجلس العشائر، نسخة من الجيش الحر. التقديرات تشير احتمال اعلان إمارة "داعشية" جدبدة في المنطقة الشمالية الشرقية او الشمالية الغربية، وربما محافظة ديالى بسبب موقعها من جبال حمرين الذي يمكن التنظيم من استغلال الجغرافية واعلان "الامارة" وارباك الانتخابات القادمة المقررة في ابريل 2014 واستمرار الفوضى.
*باحث في مكافحة الإرهاب والإستخبار
مقالات اخرى للكاتب