بقلمي / لماذا كل شيء في الماضي جميل ( ما عدا الأمور السياسية وجوانب الحكم فهي سبب المأسي للعراق من الماضي لوقتنا الحاضر ) ،العلاقات الاجتماعية كانت بين الناس في العمل وفي الشارع وفي المحلة مبهرة وجميلة تمتازة بالبساطة والاحترام والصدق ، وانسانية إلى أقصى الحدود ، بعيدة عن التعالي وبعيدة عن امراض اليوم من الطائفية والقبلية والعنصرية وغيرها ، والعلاقة بين افراد الاسرة الواحدة حميمية يسود فيها روح الايثار والتضحية دون مقابل ، فكم من شاب يافع ترك الدراسة من اجل ان يعيل عائلته بعد فقدان الأب ، وكم ابن بار عمل جاهدا للحصول على الشهادة لا لشيء سوى تحسين واقع عائلته المعدومة ، وكم ابن او بنت شقوا طريق المستقبل بصعوبة دون ان يحتاجوا عونا من أهلهم بعد ان تفهم كل واحد منهم واقع أهله المزري ، وكم كان الفن جميل وما اجمل غناء عبد الحليم او فريد او ام كلثوم وهو يصدح من جهاز الراديو او جهاز التسجيل خاصة اذا تم رفع صوته لغاية في نفس يعقوب القصد منها إيصال الصوت إلى بيت الجيران ، وما اجمل مشاعر العشاق من البنين او البنات عند سماعهم هذه الأغاني وما اجمل الخيال الذي تسبح فيه أفكارهم و مشاعرهم عند سماعهم هذه الاغاني ، حيث مشاعر الحب الصافي والخيال الرومانسي الجميل وما اجمل السهرات في الشتاء حول المذياع ،
وما اجمل بيوت الماضي حيث الفضاءات وحيث السطوح وحيث البيوت المفتوحة وحيث الجورة الجميلة حيث تبادل الأحاديث المسلية والأكلات الطيبة وإبداء المساعدة بي الجيران والتزاور بعيد عن المشاكل والخصوم العشائرية التافه بسبب او دون الاسباب ، وما اجمل حب الأمس ، حب رومانسي وخيالي بعيد عن الشيطانية واللهو ، حب صافي يتكلل بالنجاح وما اجمل أساليب وسلوكيات المحبين و نظراتهم ، ورسائلهم الغرامية والدارميات الجميلة ، حيث كانت الرسائل عربون وفاء وصدق وهي تقطر عطرا وشذا جميلا ، وكانت عيون العشاق تسرق النظرات يقتلها الخجل والخوف من عيون المغرضين ، حتى الاكل والشراب له طعم خاص في تلك الايام ليس كطعم اليوم ، فالسمك واللحم طعم يختلف والفواكه لها نكهة خاصة ، فما اجمل طعم البرتقال والنومي الحلو والرمان في الماضي عن طعم اليوم ربما كان عراقيا بامتياز وطبيعي ،أما الثقافة ومثقفو الأمس فهذا موضوع خاص يحتاج إلى كتابة مستقله ، فالثقافة كانت متنوعة وواسعة لها اهلها وروادها من المثقفين الذين يحتلون موقعا متميزا في المجتمع وكانت لهم مدارسهم الفكرية واجوائهم الخاصة من ندوات وجلسات وصحافة وأدب وفن تشكيلي او مسرحي وحتى غنائي ، وكانوا من أصحاب المبادىء الراسخة التي لا تتغير حسب الأهواء والمصالح ،فهم من المضحيين لا جل أفكارهم حتى لو تطلب دفع اثمان باهظة ، ليس كما هو حال اليوم ترى الكثير منهم ، رجل هنا ورجل هنالك ، من أجل تحقيق مصالح ضيقة ، حتى الهندام والملابس وطبيعة فصالها ونوعية الاقمشة وخياطي البدلات ( الدرزي) شيء لا يصدق في الماضي ، من حيث التنسيق والشياكة والفصال …الخ ، وهذا يمكن ملاحظته في صور الماضي لبعض الشخصيات العراقية حتى العادية منها .اضافة إلى كثير من الظواهر والسلوكيات والعادات كانت جميلة لا يمكن إدراجها لكثرتها
مقالات اخرى للكاتب