تعد المكتبة من اهم المصادر لاختيار وانتقاء المعلومات والعمل علي تنظيمها وتقديم موضوعات تهم المثقف والمتابع بحيث غداً لها دور بارز في حياة كل مواطن كما أنها أصبحت من الدعائم الأساسية لمجتمع المعلومات فالمكتبة هي كنز المعرفة الذي لا ينفد فالمعلومات التي تحويها متجددة باستمرار مادام هناك تأليف وترجمة كما ان التثقيف العام أي القراءة لمجرد التزود بالمعلومات هي الاخرى تقدمها المكتبات لروادها لحين الحاجة إليها في المستقبل حيث تفيدهم في مواقف تتطلب تلك المعلومات التي قرأها من قبل..
اما ان تتحول تلك المكتبات خاصة التي في غرف المسؤولين الى ديكور مع اركان وطقم وستائر الغرفة ويقف فقط امام الكتب في الادلاء بالتصريحات لوسائل الاعلام والمقابلات الصحفية المطولة لتظهر سلسلة المؤلفات الدسمة !!! من مقدمة ابن خلدون الى تاريخ الحضارة وشرح ابن عقيل في علوم النحو والصرف ودواوين عمالقة الشعر العربي قديما وحديثا من اول المتنبي الى الحطيئة وصولا الى الرصافي والجواهري وملا عبود الكرخي كل ذلك لكي يظهر المسؤول الرسمي او البرلماني او السياسي انه ظليع بكل تلك العلوم وانه اكمل قراءة موجودات مكتبته وكما يقال (من الجلد للجلد) وفي حقيقة الامر بعضهم لايميز بين الشاعر ابو تمام وابو العنبة قرب جسر الجمهورية ببغداد !!وبين الرصافي والصرافية وبين حمورابي صاحب المسـلة القانونية في بابل وبين مطعم باجة حمورابي!!
ومنهم حتى عندما يتمنطق شعرا على سبيل المثال ويرتجل يقول على غرار بيت شعري كنا نتداولها عند المرحلة الجامعية بقسم اللغة العربية نصه (اذا كنت انت والزمان شرم برم .. فلا خير فيك والايام ترللي).
هو بيت موزون شعريا ولكن دون مضمون (وعلى هالرنة طينج ناعم) والملفت ان البعض من هؤلاء ولكي يكمل اركان عنوانه الوظيفي او الوجاهي يضح امام الاسم لقب (دكتور) بعد حصوله عليها بكذا عدد من الدفـــــاتر ليست الورقية بل الدولارية !! وربما رسالته الموسومة التي ناقشها كانت تحت عنوان (اكبر راس خس يسوي احسن زلاطة)!!
وهكـــــــذا ياسامعــــــين ياخيرين ضاع الخيط وطار العصفور وبعد هذه المرحلة ماهي الا(طفرة) انتخابية واذا بذلك (الدكتور) مسؤولا رفيعــــــا وهو يقـــــف امـــــام اضواء القنوات الفضائية ومن خلفه المكتبــــة وهو (يثرم خس)!! عفوا يضع الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة بعد مقدمة ومصطلحات (في الحقيقة والواقع) مع ابتسامة عريضة لتكملة الصورة وفي المحصلة يفسر الماء بعد الجهد بأدانه (H2O)…
ففي السبعينيات وخلال عملي في وكالة الانباء العراقية واثناء تغطية صحفية لمناسبة فلاحية كان المسؤول الذي برعايته الحفل منهمكاً في كتابة الكلمة التي سيلقيها قبل بدء الاحتفال وكان يقف بجانبه احدهم من الحواشي على انه (جهبذ.. زمانه) وما ان عرف ان الكلمة هي للاحتفال اقترح على المسؤول بالقول (ابو فلان جثر من الامبريالية بالكلمة) وكانه يوصيه بزيادة البهارات أو الفلفل !!..
وصورة اخرى كان معنا زميل يحمل شهادة الدكتوراه الا انه ضعيف في مهنيته الصحفية وكنا نمزح معه في بعض المطبات التي تحدث عنده خلال العمل اليومي لوكالة انباء رسمية مستفسرين من باب المزاح من ان اطروحته للدكتوراه ربما كانت عن اهمية (الكرفس وعلاقته بالرشاد) وليس بالعمل الاعلامي كما هو مثبت ..
واليــــوم تعج الفضائيات ما بين محلل وخبير في مختلف المجالات تسبق صفة (دكتـــــور) !! وارتفع عددهم في بعض القنوات بالمئات يعني (من الدنكة للدنكة) ومن خلفهم المكتبات اليتــــــيمة التي حتى لو تفحصناها نجد ان اوراقها لم تجد احدا يقلبها من زمن الجاحظ رحمه الله الذي وقعت عليه الكتب و توفى على اثرها !!
مقالات اخرى للكاتب