في البداية لابد من التعرف على ماهية هذا المجلس و تشكيلاته فانه هيئة حكومية دولية تابعة لمنظمة الامم المتحدة يتألف من (47) دولة انشأ في الشهر الثالث من عام (2006) بقرار ذات الرقم (251/60) من قبل الجمعية العامة للمنظمة الدولية و هذا المجلس مسؤول عن تعزيز جميع حقوق الانسان الواردة في المواثيق الدولية و حمايتها في جميع الارجاء المعمورة من شتى اشكال الانتهاكات و ان اعضاء هذا المجلس يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة و تراعي فيها اسهام الدول المرشحة للعضوية فيها في تعزيز حقوق الانسان و مدى حمايتها و درجة التزامها بتعهداتها و المعاهدات ذات الشأن .
قبل ايام استطاعت دولة العراق من الحصول على عضوية هذا المجلس لولاية مدتها ثلاث سنوات و فقدت روسيا عضويتها فيه بعد اتهامها من قبل العديد من المنظمات الدولية بعدم رعايتها لحقوق الانسان و انتهاكاتها الصارخة لها .
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ما هو السر في حصول العراق على عضوية هذا المجلس و ما هو الهدف منه خاصة و ان العراق تمر في اصعب مراحلها التاريخية بين ازمة سياسية و عدم مشاركة كل مكونات الشعب العراقي بالسلطة و ضغط الشارع بضرورة اجراءات اصلاحات جذرية و ازمة اقتصادية و قلة الخدمات و ديون المؤسسات المالية العالمية ناهيك عن مشاكلها مع اقليم كوردستان و قطع الموازنة و من جانب اخر معركتها مع منظمة داعش الارهابي التي اعلنت عن دولتها على ارض العراق و سوريا , اذن من الناحية القانونية و السياسية (الواقعية) لم تعد دولة العراق كاملة السيادة على اراضيها بالاضافة الى القوى الاجنبية المتواجدة فيها و المتصارعة على خيراتها و التفجيرات اليومية باتت جزءاً من الحياة و الضحايا هم الشعب المظلوم و ان العراق اصبح ساحة الصراعات و تصفية الحسابات و الشعب يعيش في انشقاق طائفي و مذهبي و قومي , القتل على الهوية سمة بارزة في المشهد العراقي و انه بلد النازحين و المخيمات و داعش فعلت بالشعب العراقي فعلتها من التدمير و التفنن بالقتل و التخريب و بات الانسان ارخض سلعة في العراق فأين حقوقه و حرياته ؟ و لم تتمكن الحكومة العراقية من حمايته او تأمين ادناها .
فاذا كان عضوية العراق في هذا المجلس من اجل اعادة عافية الحقوق المنتهكة اصلاً و دعمها فلا بأس بها وخطوة في الاتجاه الصحيح ، اما اذا كان استناداً الى تعزيز حقوق الانسان و مكانته في العراق و درجة التزامها بالمواثيق و الاعلانات الدولية فانها القرار يحتاج الى مراجعة دقيقة يكون الجواب عنها بارقام المتفجرات و عدد الضحايا و صور العائلات النازحة و المهجرة و بكاء الاطفال و الارامل و تقارير المنظمات الدولية عن المخيمات و المناطق المدمرة بالكامل مثل الكرادة و جسر الائمة و غيرها في المحافظات و ان قطع الموازنة عن مواطني الاقليم لاسباب سياسية تأتي في سياق مسلسل الانتهاكات المستمرة للحقوق امام مرأى العالم المتحضر .... فالعراق لوحة فنية تختلط فيها كل الوان الانتهاك و التشريد و في التاريخ شواهد كثيرة بحيث لا يشعر المواطن بمواطنيته تجاه بلده .
اما اذا كان وراء القرار اهداف سياسية بعيدة المدى دون الالتفاف الى مأسى و معاناة الشعب فان المجتمع الدولي يحتاج الى مراجعة جذرية او نقرأ على المجتمع الدولى السلام و نعلم حينه بأن مصطلح حقوق الانسان يستخدم لأغراض سياسية و انها اداة لقمع الشعوب و طمس الهويات و اذلال المجتمعات و امتصاص ثرواتها لصالح الدول الكبرى و إلا كيف يكون العراق عضواً في مجلس يهدف حماية حقوق الانسان و مراقبة الدول الاخرى و ان مواطنيه يشهدون انتهاكاً يومياً لحقوقهم فاين الانسجام و التناسق .
مقالات اخرى للكاتب