الأنسان بناء الله ، ملعون من هدمه .تلك كلمة يسوع (ع ) لم تعد ذا فائدة وسط هوس ما يحدث. قتل الورد صار شائعاً ، . البشر يذبل أكثر من الورد بفضل العنف الذي يقتل الناس بأذرعٍ لا تنتهي ، الإرهاب وعصابات الخطف والموت وحتى سُحت التجار والادارة المرتشية هو قتل لمن ظل جسده يعيش يومه والراتب وبطاقة التموين على أمل أن تفرج .
يضع العراقيون .علامة الاستفهام ( متى ؟ ) أمام أعينهم بشعورٍ فاق رغبة الشعور بعلاقة حب أو زواج أو بناء بيت جديد او سهرة تمتد الى أخر الليل .
الرغبة في الحصول على ضوءٍ نهاية النفق ، ولكنه لا يتعدى سوى بصيص حُلم يمشي بجنب نشرات الاخبار وتصريحات الساسة وجلسات برلمان يُكملُ نصابه بشقِ الانفس بسبب الغياب والزعل والسياحة وأمور تهم سيطرات التفتيش بالمنطقة البرتقالية و الخضراء .
وأي اخضرار والمواطن العراقي تَسودُ في عينيه الدنيا ، وبدلاً أن يُلهي وقته بكلماتٍ متقاطعة وفلمٍ معبرٍ وكتابٍ مسلٍ واكلة يأكلها بهناء ، صار يفكر ببقعة ارض تأويه لتحمي بيته واولاده ورغبته ليعيش لاليموت وهو في الطريق بين البيت و الدائرة او تقتحمه مفرزة لايعرف ان كانت تابعة لشرطة بلده او لشرطة تاهيتي .
جراء كل هذا . سهت عواطف المواطن ، غابت في احلام لم تعد واضحة المعالم والآمال القليلة والاخطار الكثيرة ، لم يعُدْ يدرك لحظة مسك الوطن بمرآة التخيل ليرى بساتين تزهو ونواعير تدور وبلدية تشتغل .
متشائم دائما ، فلا يرى مدينة العاب ولا تبليط الشارع ، دائما يقول ، يريد من الساسة ان يتحدوا و زحام الطرق يموت والكهرباء ووقود والأهم يريد أماناً...!
وكأنه يجد نفسه منساقٌ لصوت ام كلثوم ( إذا الأيمان ضاع فلا أمان ) .
الأيمان بالرغبة المشتركة للخروج من هذا النفق ، الإيمان بكرامة العراقي وأدراك إن بارومتر نفاذ الصبر يكاد يصل الى حده ، الأيمان به كواحدٍ من مبدعي هذه الدنيا ومن اجمل صناع القصيدة وجملة الحب ونوتة الموسيقى .
وأخيرا الأيمان به كبشر وأن لا يعيش هلع الذبح في قارعة الطرق السريعة أو يرمى في مشاريع تصفية المياه الثقيلة او الترع الريفية .
هذا العراقي ، معدنه ذهب . اعيدوا اليه مناجم روحه ، علموه ، ان الديمقراطية لاتعني في النهاية حصاد في بيادر الجماجم ، وحدوا فيه منهج الحب والغاء الفوارق ونسيان الماضي ، واعطوه بالملموس السبب الحقيقي لفوضى ما يحدث ، واروه من هو عدوه الحقيقي . وإلا سنحصل على هجين اجتماعي ربما اخطر من القنبلة النووية . واذا كان الانتحاري اليوم يقيد يديه على مقود السيارة المفخخة ويذهب الى جنة يفترضها إنها على بعد أمتار منه ، فغدا ستقيد الذات المهجنة كل جسدها الى منشط او عمود كهرباء في السوق ويحدث المصاب .
هذا جزء من سيناريو نتمناه ان لا يكون ، وربما سوف لن يكون ، لما في ذاكرة وقلب وروح العراقي من خير وحب لا ينتهي .
ولكن تكرار اليوم بصورته البائسة حال لا يطمئن ، وروح العراقي فيها مساحة هائلة من رغبة الحياة كما خَلقُ الله في السويد وابو ظبي وأريزونا .
انا منكم . انتم مني . حديث بهذا الاكتئاب امر مدفوع بحرصي وحرصكم على هذا الانسان النائم الان على ربى النهرين والكهرباء تأتي إليه بالقطارة . واذا كنت انا انتظر صوت فيروز في الصباح فهو ينتظر نهارا يرتدي قدر المجهول . وكما قالوا . اكثر ما تسهو الروح تسهو مع القدر المجهول .
مقالات اخرى للكاتب