العراق تايمز: د. فوزي العلي
اجمعت الكتل السياسية على رفض تولي المالكي لولاية ثالثة بعد الفشل الذي مني به طيلة السنوات الثمان الماضية، وايصاله البلاد الى حافة الهاوية بسبب السياسة الهوجاء التي رسمتها له بريطانيا وامريكا وايران لايصال العراق الى حالة التقسيم بحسب ما اتفق عليه في مؤتمر لندن من قبل جميع الاطراف السياسية التي كانت في صف المعارضة انذاك قبل احتلال العراق عام ٢٠٠٣.
اللاعبين الرئيسين في الملف العراقي (بريطانيا وامريكا وايران) اجمعوا ايضا على استبدال المالكي بعد ان ادى وظيفته التي اوكلوها له على اكمل وجه - تقسيم العراق واهداء موارده الطبيعية من نفط وغاز لشركات الكيان الصهيوني وتدمير امنه الغذائي - وابلغوه رسميا بذلك من خلال وزير الخارجية الامريكي الذي التقى به قبل ايام في بغداد.
زعيم حزب الدعوة الحاكم نوري المالكي وكاجراء لحمايته من القادم طلب من حلفاءه الايرانيين توفير الملاذ الامن له بعد مغادرته لموقعه، هذا ما اكده احد قياديي حزب الدعوة الإسلامي، حيث قال ان المالكي اجرى اتصالات مع سليماني وطلب منه موافقة ايران على استقباله وتوفير الحماية اللازمة له من اي اجراء قانوني قد يتعرض له بعد مغادرته لمنصبه الذي بات قريبا.
المالكي عمل طيلة فترة توليه رئاسة الحكومة على بناء ترسانة مالية ضخمة وصلت الى ١٥ مليار دولار يشرف عليها بصورة كاملة نجله الاكبر احمد المالكي، حسب ما صرح به احد المنشقين من القياديين في حزب الدعوة حيث قال: اموال جاءت غالبيها من خزينة الدولة من عقود تجهيز ومقاولات فاسدة لم تعد خافية على احد، تورط بها غالبية قيادات حزب الدعوة الحاكم، من ابسط امثلتها صفقة السلاح الروسي ومصفى ميسان النفطي التي كان حجم الفساد في عقودها يفوق 5 مليار دولار.
يقول القيادي المنشق من حزب الدعوة: تتوزع هذه الترسانة المالية التي يشرف عليها احمد المالكي على شكل اموال نقدية في مصارف ايران وتركيا وبريطانيا والامارات وسوريا وبولندا ومصنع للبواخر في السويد بقيمة 400 مليون دولار، بالاضافة الى العديد من الاستثمارات في هذه البلدان وغيرها، حيث يمتلك المالكي استثمارات كبيرة في جزيرة التناريف (احدى جزر .
الكناري) في المحيط الاطلسي التابعة الى اسبانيا، بالاضافة الى عشرات البنايات والعقارات داخل العراق وخارجه.
اعتمد المالكي وفريقه السياسي والاقتصادي على اسلوب اختلاق الازمات في ادارة الحكم داخل العراق للتغطية على الكثير من ملفات الفساد التي انكشف بعضها، واتهم الخصوم السياسيين الذين فضحوا هذه الملفات بانهم اعداء للوطن والعملية السياسية.
احدث الازمات واحدة تلو الاخرى، وغالبا ما كان يرافقها احدى هذه الصفقات الكبار، حيث ارتبطت جميع ملفات الفساد الكبيرة والصفقات المشبوهة بقيادات مقربة منه جدا، وغالبيتها من الخط الاول لحزب الدعوة الحاكم.
حصلت خلافات كثيرة بين هذه القيادات والمالكي بسبب تسلط ابنه احمد على هذه الاموال ووصل الامر بالبعض الى الانفصال والانشقاق عن الحزب بعد ان احس انه قد غبن حقه ولم يعطى كامل حصته من الكعكة التي استولى عليها المالكي وابنه وحلقة ضيقة من الاقرباء والاصهار.
حسين المالكي او ما يسمى بابو رحاب وهو زوج ابنة المالكي الكبرى "اسراء" تحول من عامل بسيط في محل باحدى الولايات الامريكية الى رجل اعمال كبير يرعى مؤسسات خيرية ويقوم بتوزيع المساعدات ( من المال العام) على الايتام والارامل في زمن الانتخابات فقط.
الشيخ (ابو مجاهد) وهو لقب وصولي يطلق عليه لا ينسجم مع شخصيته الريفية فالرجل لم يكن في يوم من الأيام شيخ عشيرة، وليس أيضاً شيخ دين، وكل مؤهلاته ان رئيس الحكومة يحبه ويأنس إليه بعد سنوات طويلة أمضاها كاطع في خدمته خلال الفترة التي قضاها (ابو اسراء) في الشام ممثلاً لحزب الدعوة في دمشق، وهي فترة مليئة بالمتاعب السياسية والضنك المعيشي والحياتي التي عاشها المالكي انفض عنه فيها اقرب المقربين باستثناء (أبو مجاهد) الذي لازمه وشاطره العيش الصعب، خادماً في شقته المتواضعة في حي الصناعة بعد انتقاله إليها من خرائب حي (الحجيرة) ومستخدماً في مكتب حزب الدعوة في منطقة السيدة زينب وسائقاً لسيارة المالكي التي كان الراحل العلامة محمد حسين فضل الله قد أهداها إلى حزب الدعوة وهي من طراز (فولفو) زيتونية اللون.
ويعد (ابو مجاهد الركابي) اليوم واحداً من أباطرة المال والتجارة في العراق، وهو صاحب نفوذ في أوساط حزب الدعوة رغم انه بمرتبة صغيرة فيه، ومسؤول مهم في حكومة المالكي، قادر على التلاعب بوزرائها ووزاراتها حسب ما يشاء، وكثيراً ما يلجأ الوزراء إليه في حل المتاعب والمضايقات التي يتعرضون لها من مراكز قوى متنفذة، فيجدون الحضن الدافئ والتفهم المطلوب ولكن (كل شيء بحسابه) كما يقول المثل الشعبي العراقي.
ويعتقد كثيرون من المتعاملين مع (ابو مجاهد) ان الاموال التي جمعها منذ تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة في منتصف العام 2006 وصدور قرار بتعيين كاطع الركابي مديراً عاماً في مكتب رئيس الحكومة حتى نهاية العام 2013 لا تقل عن 20 مليار دولار، وفق حسابات تؤكد أن ما يحصل عليه (ابو مجاهد) في العام الواحد لا يقل عن 3 مليار دولار عن عمولات وإيرادات وهدايا ومكافآت وتمرير عقود وتوقيع صفقات، ويرون ايضاً ان التسهيلات التي يحظى بها في اوساط الحكومة العراقية تؤكد انه شريكاً مع المالكي و ابنه احمد ويشيرون بهذا الصدد الى ان (ابو مجاهد) وحده الذي سوى المشاكل والخلافات بين احمد نوري المالكي وشريكه السابق نمير العقابي، ففي خلوة واحدة جمعت بين الركابي والعقابي في دبي تلاشت الخلافات وانتهت المشاكل وعاد العقابي الى مربض فرسه في لندن باقل الخسائر، ورجع كاطع الى بغداد محملاً بـ(النصر)، والمعلومات تشير الى ان (التسوية) بين ابن رئيس الحكومة وشريكه المشاكس تضمنت تنازل الاخير عن عقود شركته الامنية مع الجهات الحكومية وقيمتها 60 مليون دولار سنوياً والتخلي عن عقود مع امانة بغداد ووزارات التجارة والصناعة والكهرباء والنفط والاسكان قيمتها الإجمالية بحدود 85 مليون دولار اضافة الى تحويل ملكية 120 سيارة مختلفة الأنواع والأغراض من بينها 30 سيارة مصفحة.
كل هذا ولازال اكثر من ٤٠ ٪ من ابناء الشعب العراقي يعيشون تحت خط الفقر، ويدخلون الحروب واحدة تلو الاخرى دفاعا عن القائد الضرورة وترسانته المالية التي سيهرب بها ويترك العراق والعراقيين يلحسون بجراحهم.