اللحظة التي انتفى فيها الخجل والعيب والحرام من "الفساد" و"سرقة المال العام" و"استخدام السلطة لاذلال الاخرين" .. هي لحظة العد العكسي لزوال العراق .. وهذه اللحظة لم تبدأ اليوم بل بدأت منذ عقود .. وتضاعفت بشكل فاضح في التسعينات من القرن الماضي .. ولهذا كانت البيئة مناسبة لفتح شهية اميركا لافتراس هذه البلاد .. ماحدث منذ 2003 كان عهد جديد من "الفرهود العراقي" .. فرهود باكثر صوره بشاعة ودونية .. عندما صار انتهاك المال العام "بطولة" وشراء الذمم "فهلوة" والدجل والتدليس "سياسة" .. كان المواطن قد تضرر .. حاصرته قيم الفرهود .. اذلته .. اخبرته مراراً ان الاستقامة والامانة والنزاهة .. مجرد نكت للضحك لا التطبيق .. استمر ينظر الى السراق والوصوليين والمزايدين يتسلقون المنصات .. ويصفق لهم الناس .. لا يخشونهم فقط .. بل يحترمونهم .. يحبونهم .. يعتبرونهم مكافحين .. مناضلين .. ناجحين.
انهار كل شيء امام قيم الفرهود .. صار الطفل يرضعها صغيراً مع حليب امه .. يتعلمها من سلوك استاذه .. يتماهى معها من تبختر الضابط الفاسد في الشارع .. والسياسي السارق في التلفزيون ... لم تعد المباديء التقليدية كافية لردعه .. ليس للقيم الدينية من تأثير الا عندما تحث على القتل والاستبداد .. سقط العراق في عصر الفرهود .. ولم ينهض منه بعد.