أعلنت الفصائل الإرهابية المسلحة في العراق تشكيل (مجلس شورى الفصائل السلفية في العراق)، يضم (الجماعة السلفية في العراق، الجماعة السلفية الجهادية في العراق، الجماعة السلفية المجاهدة في العراق، جيش الصحوة الإسلامية جبهة النصرة في العراق، جيش أنصار الشريعة في العراق، كتائب فرسان الإسلام في العراق، كتائب جند الإسلام في العراق، عصبة الأنصار في العراق)، وذلك كما جاء في بيان صادر عن تلك الفصائل، نشرت الوكالات يوم الاثنين الفائت، مقتطفات اضافية منه.
تأتي هذه الخطوة من قبل المجاميع الإرهابية، للتأكيد على إستراتيجيتها الجديدة، فإلى جانب استهدافها المستمر للمدنيين، دون رادع، وكأن الساحة أصبحت خالية لقوى الإرهاب المجرمة بممارسة أفعالها الشنيعة، فإنها أصبحت تخطط وتنفذ عمليات نوعية، متعددة الأهداف متزامنة التوقيت، عبر تخطيط شديد المركزية، تتوفر له كل مستلزمات العمل العسكري، من قيادة مركزية نشطة، تختار أهدافها وفق الاستراتيجية المرسومة لها، قادرة على المناورة، متمكنة من حشد وإدارة الموارد البشرية وتوظيفها، توفر الأسلحة بتنوعها، لها عيون و استخبارات تهتم بتوفير المعلومات وتدقيقها وتحليلها، تختار الأهداف بدقة، الى جانب اشتغالها على رفع معنويات عناصرها الإرهابية المجرمة.
وجاءت عملية اقتحام وإطلاق سراح سجناء سجني (أبو غريب) والتاجي ، كمثال على التحول النوعي في العمل العسكري الذي يتبعه الإرهابيون، وهو تمرين بالذخيرة الحية لعملية نوعية اكبر، سيما وقد أظهرت العملية قدرات تخطيطية كبيرة وتنسيقا عملياتيا واسعا وإمكانيات نوعية في إدارة المعركة والتنسيق بين القوى المشاركة في العمليتين. إن تنفيذ هاتين العمليتين، كأبرز نموذج لاستراتيجتهم الجديدة، لغاية الآن، والتي لم تعد تنحصر في القيام بعمليات ذات طابع إرهابي لعرقلة نشاط الحكومة، بل هي تمرين حي للوثوب لما هو اكبر واخطر، وهذا آخر ما يمكن أن يواجه العملية السياسية. كل هذا يجري في وقت اتسعت فيه ظاهرة الفساد في المؤسسات الأمنية، والتحلل في أداء الواجبات و» الفضائيين» وضياع العقيدة العسكرية الوطنية، اثر الولاءات الطائفية والاثنية والجهوية، ونقص التدريب، وضعف الخبرات وعدم الاعتماد على القيادات الميدانية الوطنية النزيهة والكفوءة سيما من القوى التي قارعت النظام الدكتاتوري السابق والتي لها تجربة كبيرة في العمل العسكري والميداني. وترافق ذلك مع إعلان نشاط عدد غير قليل من المليشيات المسلحة، في تحدي واضح للدولة، وتأكيد على ضعفها وعدم قدرتها على ضبط الوضع.
والأخطر ما في الأمر، هو انه مازالت السلطات تعتمد الحل العسكري فقط، رغم ما اشرنا إليه من ثغرات جدية ترافقه، بينما يحتاج التصدي للملف الأمني جملة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الى جانب الإجراءات العسكرية، فيما يعد دور المواطن ومساهمته في التصدي للإرهاب الأساس في كل ذلك، وضمان اسهامة المواطن تأتي عبر تأمين مشاركته السياسية وتوفير مستلزمات معيشته وحياته الكريمة.
والسؤال: إذا كانت ضرورة أهداف الإرهابيين الشريرة قد دفعتهم الى التوحد في إطار سياسي فلماذا لا تحتم ضرورة الحفاظ على سلامة وامن مستقبل العراق التنسيق بين كافة القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية في العراق؟
اقرأ ايضاً