يقول احد البعثيين الذي لا يزال يعتقد بان المستقبل كفيل بإعادة السلطة للبعث , ولم ير لحد الآن الدمار الذي اصاب العراق وسوريا نتيجة تسلط البعث على حكم البلدين لأكثر من خمسين عاما . ولولا تسلط القذافي في ليبيا الذي لا يقل سوءا عن البعث , لقلنا ان سوريا والعراق لاقيا اسوء مصير في هذا القرن من بين جميع شعوب الارض بسبب حكم البعث. وهو ما يؤكد ان لا يوجد حزب فاشي في التاريخ ارتكب جرائم بحق شعبه وأوصله لهذا المصير الاسود مثل البعث . ولا يزال هذا البعثي يؤكد على ان حتمية سقوط البعث هو مؤامرة اشتركت فيها اطراف دولية برئاسة امريكا التي تضمر العداء للبعث وقائده التاريخي صدام , الذي وقف بوجه زحفها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وأوقفها عند حدها .
ويقول احد اعضاء حزب الدعوة الموالي لرئيس الوزراء المنتهية ولايته المالكي , ان المالكي سيكلف بتشكيل الوزارة بعد انتهاء المدة الدستورية التي منحت للعبادي مرشح ائتلاف القوى التي تآمرت على المالكي وعلى رأسها الامريكان الذين اخرجهم المالكي وحرر العراق . ولم ير لحد الآن حجم التأييد الدولي والإقليمي لإزاحته بما فيها ايران , والداخلي ومنهم اطراف عدة من الدعوة ودولة القانون . وإذ كان ضمير ووعي هذا الدعوجي الموالي للمالكي لم تحركه المآسي التي حلت بالعراق نتيجة السياسة الطائفية الاقصائية التي مارسها المالكي مع باقي المكونات , والتي اخذت طابع التقية في رئاسته الاولى , والتقية هي التي مهدت للقبول باتفاقية اربيل من قبل الاكراد والسنة اللذين كان بإمكانهما اقصائه - رغم التوافق بين الامريكان والنظام الايراني لاستمراره بولاية ثانية - , وسرقة استحقاق علاوي ببدعة قانونية كما يعرف الجميع .
كنا نعتقد ان لا يوجد اغبى من صدام بعد ان عاد الجميع , واستنزف العراق في خيراته وشعبه . ولكن صدام كان يمتلك اقوى دولة بين دول العالم الثالث , وكون مؤسسات وقوى عسكرية وأمنية وحزبية قل نضيرها , ويستطيع الوصول الى غرف نوم العراقيين بعد ان تمكن من زرع جواسيسه في اصغر وحدة اجتماعية وهي العائلة في العراق . ولو لم تكن لديه دولة بهذه القوة لما تمكن من شن هجومه على ايران وتستمر الحرب لثمان سنوات , وبعدها اقدامه على اجتياح الكويت .
الا ان قدوم المالكي واستمراره في رئاسة السلطة لثمان سنوات فند غباء اعتقادنا بغباء صدام . المالكي لم يستلم دولة , ولكنه استلم سلطة من الاحتلال الامريكي , ولم يتمكن من تأسيس مؤسسة واحدة تتمتع بمواصفات مؤسسة دولة , لا بل حتى المؤسسات التي منحها الحاكم الامريكي ومنحها الدستور لاحقا صفة الاستقلالية مثل , القضاء , البنك المركزي , مفوضية الانتخابات , الاعلام ..الخ , والتي كان من المؤمل منها ان تضبط ايقاع اعادة تكوين مؤسسات الدولة , ازال المالكي التقية وعبر سلسلة من الاجراءات والأحابيل السياسية صادر استقلالها وحولها الى الى ادوات رخيصة لتنفيذ رغباته في اكثر مفاصلها العملية . ولا احد يعرف بأية اداة يمكن للمالكي لن يحكم العراق حتى وان كلف برئاسة الوزراء للمرة الثالثة ؟! فأكثر من نصف العراق هو خارج ادارته سواء كان الاقليم الكوردي , ام ما استحوذت عليه داعش , او التي فقد السيطرة عليها من اراضي الغربية والمناطق الهشة الاخرى في ديالى . ومن ناحية سياسية فقد رفض هو وقائمته من قبل كل الاطراف السياسية ومن بينهم الاطراف الشيعية , والاهم انه لم يتمكن من بناء مؤسسة واحدة بمواصفات مؤسسة دولة , ولا يمتلك من السلطة غير المكتب العسكري , ومجموعة من المليشيات الطائفية التي قد تنقلب على الولاء له بحجة تنفيذها وصايا المرجعية في النجف . وفي كل الاحوال هي مجموعات حماية وليس حكومة ودولة ووطن يلم ويحترم كل من يعيش على ارضه .
مقالات اخرى للكاتب