المقدمة :
بعد ان تفاقمت الازمة بين الحكومة نفسها والمشاركين في الحكم السياسي من الاحزاب المتصارعة على محافظة كركوك, وبما ان الاتفاقية تمت من خلال كتابة الدستور من قبل الاطراف الاسياسية المشاركة في الحكم وكتب بند من بنود الدستور وهي المادة (140) من الدستور العراقي الجديد وتم الاتفاق على هذه الماده وشُكلت لجنة تحت هذه المسماة لحل الخلاف الحاصل حول موضوع كركوك, وبعد ان بدأت اللجنة عملها الفعلي لحل واقع كركوك, ظهرت عراقيل في هذه اللجنة حيث ان رئيس اللجنة استقال من منصبه وتسلمها شخص آخر ليدير هذه اللجنة ,ولانعرف الاسباب الحقيقية وراء ذلك الا انه تمت مواصلة هذه العملية لحل موضوع كركوك , وهنا نعتقد ان الاحزاب السياسية وراء هذا الصراع الكبير والذي اصبح مسرحاً للخطاب السياسي والاعلامي للمسؤولين الكبار في الدولة.
اصبحت الخلافات بعد هذه الازمة جوهرية الى ان طالبت الاحزاب بتدخل الامم المتحده لحل ازمة كركوك.وبعد ان قدمت الامم المتحدة حلولها لهذه الازمة اتضح ان بعض الاطراف السياسية غير قابلة او قانعة بهذه القرارت التي اصدرتها الامم المتحدة بخصوص كركوك.
نحن نعرف ان كركوك محافظة داخل العراق,ونعلم جيداً من القانون الدولي عدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة من قبل الدول المجاورة الاخرى, وبعد الرؤيا الواضحة والصورة الكاملة لتدحل دول الجوار واستخدام بعض الاطراف السياسية الضاغطة على حزب سياسي مشارك في الحكومة للاتفاق والابرام مع دول اخرى يخص الشأن الداخلي لمدينة كركوك , وبهذه الصورة تفقمت ازمة كركوك يوم بعد يوم , ونحن نعرف الجذور التاريخيه لمدينة كركوك وشعب كركوك هو جزء من المجتمع العراقي , وسوف نعطي صورة واضحة وكاملة يف هذا البحث عن واقع هذه المدينة.
في السنوات الاخيرة ونتيجة لصراع الظواهر الناتجة عن متغيرات جديدة و متعددة اخذ يظهر نوع جديد من الصراع يرتبط بحداثة تلك الظواهر الجديدة واخذ الخط البياني يرتفع ويتزايد واصبح هناك صراح داخل الحكومة ايضاً نتيجة عدم انسجام الكتل السياسية التي استحوذت على المقاعد البرلمانية واخذ هذا الصراع ايضاً يظهر على اشكال متعددة على الساحة ويظهر على شكل تمرد مسلح او عصيان او عدم الامتثال الى المؤسسات القانونية خاصة في السنوات الثلاث الاخيره لان ماحدث من متغيرات كان مثيراً ويمتلك دوافع ذلك الصراع ونستطيع ان نحدد اسباب الصراع في عاملين :
الاول الانتماء :
تعبئة وتجميع الناس وانتمائهم لهوية واحدة مستنده على الجنس , الدين , الثقافه , اللغة.. الخ .
الثاني : توزيع الموارد والثروات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ضمن المجتمع توزيعاً غير متكافيء مما أدى الى الشعور بالظلم و الاقصاء الاقتصادي والاجتماعي والديني والعرقي الذي ادى الى عمق الصراع وتجذره ,فمن الناحية العرقية هناك خطوط حمراء لهدم الثقافة والتاريخ او اللغة كذلك الصراع الديني هناك خطوط حمراء بالمساس بالمشاعر الدينية والشعائر ومجمل الطقوس المستخدمة .
وبصورة عامة تشكل هوية تلك المجموعة التي تظهر اما من اجل اللجوء لحمايتها او الى امور متظرفة مثل العنف .
هنالك ايضاً اسباب اخرى تكاد تكون شمولية تؤجج الصراع وهو شعور الانسان العادي لحرمانه من ثرواته وارضه وفرص العمل والابتعاد عن العدالة والمساواة كذلك لعبت الثقافة دوراً كبيراً في هذا الصراع وخاصة المثقفون الذين يرتبطون بشرائح المجتمع حيث ان انعدام العدالة وتكافيء الفرص في اخذ مواقعهم في الدولة وفي مؤسساتها الثقافية والاعلامية والعملية و الإقصاء الذي مورس عليهم ادى بهم الى تعزيز تلك الصراعات من اجل العدالة والمساواة وهم يرون بان الهوية ذات الطابع والانتماء السياسي والكتل السياسية المسيطرة هي الفائز الاول .
ووجد ايضاً نوع من الصراع الذي ينتمي الى الطبيعة البشرية الانسانية وعدم شعور الانسان العادي بآدميته وانسانيته نتيجة استحواذ الانتهازية والفردية وعدم الشعور بالامان مما يدفع بهم الى البحث عن الاستقرار والسلام او الى تعميق الصراع.
فلو ذهبنا الى الصراعات المتضمنه في روسيا (الشيشان) ,ايرلندا الشمالية , ايران والعراق (مع الاكراد) , اسرائيل, سريلانكا , بورما ,الجزائر وفي اماكن اخرى .
حيث يعرف الصراع ذو العلاقة البعيدة بانه اكثر تعقيداً وتعنداً, وتتضمن ايضاً إدعاءات مجموعات حقوق المجموعة الوطنية كالمجموعات الدينية ,المجموعات الثقافية وهكذا .
الصراع الذي يهدد احساسنا ايضاً يكون اكثر صعوبة في ادارة هذه القضايا المعقدة والاساسية من ذلك المقياس الصغير من الكفاح العقيدي او سياسة الجغرافية.
وتتواصل الجهود المحلية والدولية لنزع فتيل الازمة التي تكاد تعصف بمدينة كركوك النفطية شمالي العراق نتيجة عدم وجود توافق بين مكوناتها لادارة المدينة بالاضافة الى وجود دعوات كردية ضمها الى اقليم كردستان وتقدم بعض المسؤولين بمقترح تضمن المشروع العربي الذي وصفه بالوطني والذي يقضي ان يكون لكركوك وضعاً خاصاً وتتمتع بالادارة اللامركزية مع التأكيد على هويتها العراقية.
وطالب التركمان بتقاسم السلطات بين مكونات المدينة بالتساوي ودون إلحاق المدينة الى اي طرف او اقليم وجعلها إقليماً مستقلاً بحد ذاته,حيث يشكل ملف مدينة كركوك (250كم) شمال بغداد والتي يقطنها خليط من العرب والاكراد والتركمان واقلية مسيحية ,يشكل اهم التحديات امام الحكومة العراقية التي تحاول جاهدة الوصول الى حل.
كركوك :
محافظة كركوك او محافظة التأميم سابقاً , وهي احدى محافظات العراق , ومركزها مدينة كركوك تشتهر بالانتاج النفطي , ويبلغ عدد سكان المحافظة حوال (847 ألف) نسمة بعض الاحصائيات تقول ان نفوس مدينة كركوك هو (854,000) نسمة والبعض يقول (949,000) نسمة والبعض الاخر يقول (1,585,468) نسمة .
تحتوي كركوك على عدة اعراق ومنهم الاكراد والعرب والتركمان بالاضافة الى الاشوريين والكلدان واليهود.
التقسيمات الادارية لمحافظة كركوك :
تقسم كركوك الى اربعة اقضيةٍ ادارية :
1- قضاء كركوك (622,000) نسمة .
2- قضاء الداقوق (45,000) نسمة .
3- قضاء الدبس (34,000) نسمة .
4- قضاء الحويجة (151,000) نسمة .
حقائق عن محافظة كركوك :
عدد سكانها (874,000) نسمة .
القوى العاملة (541,000)
المساحة (391\10) كم مربع.
الحدود الدولية : لاتوجد.
المركز : كركوك
الصناعات الكبيرة : الاسمنت والنفط
المجالات التي يمكن الاستثمار فيها : البلاستك,النتجات البتروكيمياوية الاخرى والسجاد والزراعة والماشية .
التعليم : تأسست جامعة كركوك عام 2002 وفي عام 2003 تم شمل 1800 طالب في كلياتها ( القانون – التمريض – العلوم الحاسبات وفروعها – الرياضيات – الاحياء – اللغات ) اضافة الى انها تمتلك 145 مدرسة اعدادية و 16 مدرسة مهنية ومعهدي معلمين وتوجد 19 مكتبة.
الصحة : تمتلك محافظة كركوك 8 مستشفيات و26 مستوصفاً .
البنية التحتيه : كركوك هي احد مراكز الصناعة النفطية في العراق ولهذا السبب تلتقي عدة طرق في هذه المدينة,ويمكن الوصول اليها من بغداد عبر طريقين رئيسين اما عن طريق الشمال الغربي مروراً بسامراء و تكريت او عن طريق الشمال الشرقي مروراً بمحافظة ديالي وهناك طرق من الشمال مثل ( الموصل – اربيل السليمانية ) , وايضاً الكثير من الطرق الداخلية التي تربط القرى بالمدينة التي تم تبليطها عام 2005, كذلك يوجد مطار في قاعدة كركوك الجوية وكذلك تم اعادة تشغيل محطة كهرباء (ملا عبد الله) الى العمل في آب عام 2004 بعد عقود من الاهمال وهي توفر الطاقة الكهربائية لـ (51000) بيتاً في المحافظة.
المواقع السياحية : مدينة كركوك على ضفاف نهر خاصا بالقرب من اسفل جبال زاكروس, حيث تقع المدينة على موقع أرافا الاثرية التي وصلت الى شهرتها في القرن العاشر والحادي عشر في ظل المملكة الآشورية.
كركوك عبر التاريخ :
يقول بعض المؤرخين بان كركوك اصلها (كرخ سلوخا) وان كرخ سلوخا كونها مدينة السلوقيين ,ويقال بان اصلها هو ( كرخ – د – بيت سلوخا ) حيث اثبت العلامة مصطفى جواد اعتراضاً على هذا المسلك الذي تبناه المؤرخ الكردي توفيق وهبي وبعض المؤرخين فمن ينقل هذا القول عليه ان يدعم حجته قبل كل شيء بوصف جغرافي يعين فيه موقع (كرخ – د – سلوخ) والا فلا فائدة من تقارب الاسمين اذا اختلفت البقعتان.
ويعتقد السيد عبد الرزاق الحسني ان الذي أنشأ مدينة كركوك هو (سردنابال ) ملك الاشوريين مستنداً في ذلك الى بعض المصادر السريانية, ويذهب الدكتور شاكر خصباك الى ان الكوتييون او الميديين جغرافياً غير معروف.
عندما نصل الى بداية القرن الثالث عشر ,نرى ان ياقوت الحموي المتوفي سنة 1228 م قد رأى قلعةً حصينة في ارض سهلية لاجبلية بين داقاوق (طاووق) واربل (اربيل) وحولها دور ومساكن تسمى (كرخيني) وهذا الوصف الجغرافي ينطبق تماماً على كركوك الحالية .
كان لتلفظها صورة اخرى في القرن السادس للهجرة وهي (كرخيني) كما جاء ذلك في سيرة صلاح الدين الايوبي لابن شداد الموصلي (192) وفي تاريخ بني سلجوق , لصدر الدين ناصر الحسيني (ص 179) وهذا الاختلاف يدلنا على ان اهل عصر واحد قد يختلفون في تلفظ اسم واحد مثل (اربيل) عند العرب والعراقيين و (هولير) عند الاكراد للتنويه على انها مدينة كردية , وسوف يثبت المستقبل ان التاريخ يلعب دوراً اساسياً في تثبيت الحقائق على مدينة كركوك من قبل المؤرخين الذين لايغيب عن قلمهم كتابة الحقائق.
كركوك في العهد العثماني :
ضم العثمانيون شمال العراق (ولاية الموصل) الى حكمهم في عهد السلطان سليم الاول عام 1543 م وضموا بغداد الى حكمهم في عهد السلطان سليمان القانوني عام 1543 وقد استمر هذا الحكم حتى عام 1918 م.
جغرافية كركوك :
تستمد مدينة كركوك اهميتها من موقعها الجيوسياسي مابين المنطقة الجبلية والسهلية من العراق, وتشكيلها عقدة مواصلات يتفرع منها الطرق الرئيسية الى كل من اربيل 95 كم مربع ومنها الى ايران و الى اواسط اسيا وطريق السليمانية 114 كم مربع ومنها الى اواسط اسيا عبر ايران,وتبعد عم العاصمة بغداد 244 كم مربع .
وقد نالت شهرتها في المحافل الدولية بعد اكتشاف منابع النفط فيها,واصبحت مسرحاً للصراع حول عائديتها داخلياً وخارجياً كانت مساحتها تبلغ 19543 كم مربع قبل قرار تعريبها وتم استقطاع اجزاء واسعة منها بين الاعوام 1975- 1977 وتقليص مساحتها الى 9426كم مربع.
الوحدات الادارية التابعة لها :
1- ناحية التوب كوبري .
2- جمجمال ( كانت تابعه الى السليمانية رسمياً )
3- قضاء الداقوق
4- قضاء الحويجة
5- قضاء طوز خورماتو
إما النواحي التابعة لها فقد فصلها النظام البائد عنها وربطها بمحافظة صلاح الدين (تكريت) وقضاء كفري ربطها بمحافظة ديالى تطبيقاً لسياسة التعريب , ولكنها ضمن المنطقة الامنة التي افرزتها حرب الخليج الثانية.
القرى والارياف المحيطة بكركوك والتابعة اليها ادارياً :
كومبتلر, قزليار , باجوان , ترجيل , ليلان , بشي ر, حزلي , مطارة , جرداغلي , حويزاوة , خوروز, بايجي, بلاوة , حصار , يحياو او غيرها من المدن والقرى و الارياف معظمها تركمانية وبعضها مختلطة من التركمان والعرب و الاكراد وقد تم تهديمها وترحيل سكانها في عهد النظام المقبور.
الاحياء السكنية والمعالم الحضارية التاريخيه في كركوك :
1- القلعة الاثرية : تعتبر القلعة رمزاً تاريخياً للتركمان, حيث تنتشر فيها احياء تركمانية كثيرة مثل, القلعة , ميدا زندان, حمام مسلم , حمام مسيح, اي الحي الذي يقطنه المسيح الكاثوليك من التركمان الذين يتحدثون باللغة التركمانية فقط ويفتخرون باصولهم التركية , ويعتقد انهم استوطنوا العراق في العهد المغولي حيث انه من الثابت ان الجيش المغولي كان يضم عدداً كبيراً من المسيحيين والاتراك.
المعالم التاريخيه في القلعه :
مرقد وجامع النبي دانيال ومرقد الصحابة عزير وحنين, ومرقد الامام القاسم, والامام احمد, والامام عباس ,وكنيسة مريم العذراء, وفيها القبة الزرقاء (كركوك بند) ومزار بغدة خاتون , ويعود تاريخها الى عام 762 هجرية ةهي من اشراف السلاجقة ,وفيها جوامع ذات قيمة تاريخية كبيرة مثل الجامع الكبير (اول جامع) ويسمى ايضاً جامع (مريم أنا) وجامع الفضولي وجامع عريان وميدان وجامع نعمان وارسلان الحضارية بجوامعها وكنائسها وتركها اكوماً من الركام شامخة ترمز الى الاعمال الاجرامية للنظام الديكتاتوري الذي استهدف تفتيت المجمع التركماني وامحاء المعالم التاريخيه العائدة لهم, ولم يترك سوى بعض الاضرحه والمعالم مثل جامع النبي دانيال ومرقد عزيز وحنين والقبة الزرقاء (كركوك بند) ومزار بغدة خاتون ودار توما ودار عبد الغني ودار صدق علاف كنماذج لتلك المعالم ...
2 – القيصيرية : يقع هذا السوق التراثي الشامخ على بعد امتار من القلعه التي جهتها الجنوبية الشرقية يعود تاريخه الى اكثر من 170 عاماً حيث يقول الباحث نصرت مروان عن القيصرية في بحثه الموسوم (الوجود التركماني التاريخي في كركوك كنموذج للتآخي تاريخياً) حيث ان الذي يزور هذا السوق يرى الفن المعماري الرائع فالدكاكين الـ (360) الموجوده في السوق ترمز الى ايام السنة والشقق المبنية فوق الدكاكين ترمز الى اشهر السنة ,وثمة اربعة وعشرون ممراً يرمز الى ساعات الليل والنهار.
كما ان مداخل السوق السبعة تستقبل الشمس حين شروقها واخر يودعها حين غروبها ,وكانت معظم الدكاكين عائدة للتركمان واليهود ولقلة الاكراد قبل هجرة اليهود في عام 1947 م.
3- قشلة كركوك : هي ثكنه عسكرية بنيت سنة 1863 م وشيدها الوالي العثماني محمد نامق باشا, عندما كان والياً على بغداد لتكون ثكنة للجيش في كركوك.
تبلغ مساحة قشلة كركوك 2900متر مربع وهي بطابقين تحتوي على 24 قاعة مسيجة اضافة الى 12 غرفة واصبحت بعد الحرب العالمية الثانية مقراً للفرقة الثانية وضمت امرية موقع كركوك والانضباط العسكري والحسابات العسكرية والمستودع الطبي, وبعد عام 1986م تم تحويلهما الى مركز ثقافي , انشيء فيه (متحف كركوك) و (بيت المقام) وجناح خاص سمي (متحف الصمود والتحدي ) في عهد النظام البائد.
4- بابا كور كور:
من المعالم الطبيعية المميزة لهذه المدينة (بابا كور كور) النار الازلية ,يقول مصطفى جواد (توجد صلة بين بابا كور كور) التي ذكرها بطليموس مع ان كور كور تسمية حديثة تعني كلمة (بابا كور كور) بالتركية ان (بابا) معناها الاب و (كور كور) النار والنور فبابا كور كور لايدل بصورته وتركيبته على اسم انسان ولاصلة له بزمن.
التغيير الديمغرافي القسري والهجرة الكردية :
طرأت على المدينة تغييرات ديمغرافية بظهور بادرة الهجرة من القرى الكردية الى المدن باضطهاد منذ الاربعينيات من القرن المنصرم اعقبها التغيير القسري للتعريب منذ السبعينات مما ادى الى اختلال التركيبة السكانية لمدينة كركوك و طابعها القومي التركماني وخلق مشكلة معقدة بين القوميات وصراح حول عائديتها وهويتها القومية .
سيراً مع تطورات الاوضاع الاجتماعيه والاقتصادية والسياسية التي سهدتها المدينة والعراق بشكل عام ,نشأت احياء سكنية حديثة في مدينة كركوك والمناطق التركمانية الاخرى بصورة تدريجية بعد النصف الثاني من اربعينيات القرن الماضي,وذلك نتيجة الهجرة الكردية من القرى الى المدن ,عقبها نشوء احياء سكينة كردية اخرى عديدة نتيجة استمرار الهجرة من القرى الكردية المجاورة والبعيدة من المناطق الشمالية لاسباب وعوامل متعددة ,ادت الى تغيير الواقع السكاني القومي للمدينة التي يمكن حصرها في العوامل الاتية :
أ – تطور الحالة الاقتصادية وازدياد الحاجة الى الايدي العاملة نتيجة نمو الصناعة النفطية وازدياد الانتاج النفطي وتوسيع منشآت الانتاج والتكرير,مما احدث تغييراً كبيراً في الوضع الاجتماعي في المدينه اضافة الى وجود شركات النفط العراقية التي دعت الى وجود اعداد كبيرة من العمال والفنيين الذين جاؤوا من خارج المنطقة بحثاً عن سبل العيش الافضل,حيث ادى ذلك الى نشوء احياء سكنية مستقلة تحيط بالمدينة وبدأت الاحياء تتداخل مع بعضها البعض مع الاحياء القديمة التي شغلت من قبل الاكراد النازحين.
ب – وجود ثكنات لوحدات الفرقة الثانية في كركوك وقد كان معظم منتسبيها من الضباط وضباط الصف والجنود المتطوعين,وقد ساعد ذلك على استقرار معظمهم في المدينة بعد احالتهم على التقاعد والجنود المسرحين لم يعودوا الى المناطق التي جاؤوا منها.
ت – تكيف الهجرات وتزايد القتال بين القوات الحكومية والاكراد, وبين الاطراف الكردية المتصارعة فيما بينها,وذلك بحثاُ عن مكان امن لهم ووجدوا ذلك في مدينة كركوك التي كانت تنعم بالاستقرار والامن الى جانب الترحيب والمساعدة التي تلقوها من اهالي كركوك والتركمان دون حساب لما سيأتي بها الايام من التداعيات والتهديد لوجودهم , حيث زاد عدد نفوسهم في كركوك وبلغ بحلول عام 1959 م حوالي ثلث السكان.
ث – بتطور الحركة الكردية المسلحة وتغيير الاوضاع السياسية في العراق وبعد قفز حزب البعث الى الحكم عام 1968 طورت القيادات الكردية اهدافها السياسية وبدأت تطالب بالحكم الذاتي والفيدرالية وضم محافظة كركوك بمشروعها الفيدرالي الذي طرحته في مؤتمر صلاح الدين عام 1992 والذي عقده اطراف المعارضة العراقية الذي كان يهدف الى تقسيم العراق الى قسمين (القسم الكردي والقسم العربي ) حيث انها نجحت في تأسيس برلمان وتشكيل حكومة اقليم انقسمت الى حكومتين , ويبدو انه خلال الفترة من 1991 حتى سقوط بغداد في 10\3\2003 وضعت الخطط وهيأت كافة متطلبات تغيير الواقع السكاني من تشجيع ودعم الهجرة الكردية الى كركوك , مادياً ومعنوياً واتبعت كل السبل الشرعيه وغير الشرعية لغرض تغيير الواقع القومي في المدينة بزيادة عدد سكان الاكراد,حيث شهدت المدينة بعد 10\10\2003 نزوحاً مكثفاً من المنطقة الشمالية.
هذا الامر ادى الى تفاقم الوضع في المدينة وتحولت الى بؤرة من التوتر والصراح بين الاكراد المهاجرين الجدد وابناء القوميتين التركمان والعرب في الجانب الاخر,والذي ادى الى سقوط الكثير من القتلى والجرحى من الجانبين.
التغيير القسري او تطبيق سياسة التعريب:
اتبع النظام العراقي البائد سياسة التعريب في اطار الصراع حول مدينة كركوك وواقعها القومي , وفي مقابل ظاهرة الهجرة الكردية الى المدينة ومطالبة الوفد الكردي المفاوض بكركوك ضمن الحكم الذاتي اثناء مفاوضات منح الاكراد حكماً ذاتياً الذي اعلن عنه في اذار عام 1970م وتم تأجيله كاجراء لتلافي مخاطر تحول الواقع القومي في المدينة لصالح الاكراد والمطالبة الكردية بالمدينة التي لها اهمية كبيرة بسبب الثروة البترولية ويشكل التركمان والعرب الاقلية الساحقة فيها, مما اثار الشكوك حول النوايا الحقيقية للقيادة الكردية .
وعلى كل حال في اطار مخطط التعريب الذي وضع حيز التنفيذ منذ عام 1070م حيث نشأت احياء سكنية لاستيطان المواطنين العرب الذين تم استخدامهم من المحافظات الجنوبية وهكذا فان عملية التعريب من جهة والترحيل القسري للتركمان من جهة ثانية والهجرة الكردية في العهد البائد من جهة اخرى ادت الى تغيير ديقمراطية المدينة وخلقت حزازات وضغائن بين القوميات الى درجة كبيرة ومن ذلك تشهد مدينة كركوك منذ ذلك التاريخ ممارسات ادت الى تداعيات كبيرة وخلقت وضعاً امنياً قلقاً غير مستقر بدرجة مخيفة.
اذا لم تتخذ الحكومة الاجراءات الكفيلة لوضع حد للممارسات وانهاء الصراع الدائر حول عائديتها وهويتها القومية لاهداف معلومة للمجتمع فان المنطقة سوف تشهد الاستقرار والامن وستبقى ملتهبة وعالية يجب ايجاد حل جذري لمشكلة هذه المدينة الغنية بالنفط وانهاء الصراع الدائر بها سوى ان يكون لها وضع دستوري خاص بها بحيث يؤمن لها الحفاظ على نسب النفوس والقوميات بالاستناد على الواقع السكاني في 9\4\2003 وانجاز مايلزم للحفاظ على تلك النسب,لا سيما ان المشكلة الكردية لاتنحصر ضمن الحدود العراقية وحسب,وانما تتعداها الى دول الجوار ايران,تركيا,سوريا, وعليه قد نفتح الطرق الى تدخلات الدول المذكورة عندئذٍ سيتوسع نطاق الصراع ويصعب التكهن بابعاده او مداه.
حقول النفط :
في عام 1927 حدث تدفق تلقائي عظيم للنفط في منطقة بابا كركر بالقرب من مدينة كركوك مما ادى بشركة النفط العراقية الى استخراج النفط بصورة منظمة من حقول بابا كركر في سنة 1934 علماً ان استخراج النفط كان يتم قبل هذا التاريخ بطرق بدائية,و يقدر كمية المخزون الاحتياطي لحقول النفط في كركوك باكثر من 10 مليار برميل مقدرة انتاجية قدرها (750 الف ) برميل الى مليون برميل يومياً.
ويعتقد بعض الخبراء في مجال النفط ان الاساليب السيئة التي كانت تتبع لاستخراج النفط ابان حكم النظام السابق في ظل سنوات الحصار ادت الى اضرار قد تكون دائمة في حقول النفط في كركوك.
احد هذه الاساليب كانت اعادة صنع النفط الفائض الى حقول النفط مما ادى الى زيادة لزوجة النفط وبالتالي تردي نوعية نفط كركوك وقد تؤدي كذلك الى صعوبة استخراج النفط في المستقبل ,
منذ شهر نيسان 2003 الى كانون الاول 2004 تعرضت حقول النفط الى مايقارب 123 ضربة تخريبية وكانت وكانت اشد هذه الضربات الموجهة الى خط الأنابيب الذي ينقل النفط الى ميناء جيهان في تركيا,أدت هذه العمليات الى خسائر بلغت مليارات الدولارات, اضافة الى الاضرار بالبنية التحتية لإنتاج النفط وحقل بابا كركر العملاق .
تشتهر المدينة بحقول أخرى مثل (جمبور, باي حسن الجنوبي,باي حسن الشمالي,افنا ,خباز,جبل بور).
تشتهر حقول كركوك بغزارة أنتاجها وجودة نفطها فهو يعتبر من النفط الخفيف القياسي,ويدير عمليات النفط شركة نفط الشمال الوريث الوطني لشركة نفط العراق (IPC ) التي اممت عام 1972م. وتوجد ظاهرة غريبة في كركوك وهي ظاهرة اشتعال النار فيها نتيجة خروج غازات من الارض (لوجود تكسرات في الطبقات الأرضية) للحقل النفطي تسمى (النار الأزلية) وهي تشتعل منذ اكثر من أربعة آلاف سنة.
اتفاقية الحكم الذاتي :
في 11 اذار سنة 1970م تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي للاكراد بين الحكومة العراقية والزعين الملا مصطفى بارازاني وفيه اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للاكراد مع تقديم ضمانات للاكراد بالمشاركة في الحكومة العراقية واستعمال اللغة الكردية في المؤسسات التعليمية ولكن لم يتم الوصول الى حل حاسم بشأن قضية كركوك التي بقيت عالقة بانتظار نتائج احصائيات لمعرفة نسبة القوميات المختلفة لمدينة كركوك.
هذه العملية الاحصائية كانت امل الاكراد باظهار الهوية الكردية لمدينة كركوك نتيجة لقناعة الاكراد بتفوقهم العددي في مدينة كركوك وضواحيها بالاضافة الى مدينة خانقين الواقعة جنوب شرق مدينة كركوك.
تم التخطيط لاجراء تلك الاحصائية المهمة في عام 1977,ولكن اتفاقية اذار كانت ميته قبل ذلك التاريخ,
وساعدت علاقات الحكومة العراقية مع الزعيم الكردي الملا مصطفى بارا زاني واعتبرت اصرار الاكراد بشأن كردية كركوك كاعلان حرب مما ادى بالحكومة العراقية في اذار عام 1974م الى اعلان الحكم الذاتي للاكراد من جانب واحد فقط دون موافقة الاكراد الذين اعتبروا الاتفاقية الجديدة بعيدة كل البعد عن اتفاقيات سنة 1970م.
ولم يعتبر اعلان 1974 مدينة كركوك وخانقين وجبل سنجار من المناطق الواقعه ضمن الحكم الذاتي للاكراد وقامت الحكومة العراقية بالاضافة الى ذلك باجراءات ادارية شامله في مدينة كركوك كتغيير الحدود الادارية للمدينة بشكل يضمن الغالبية العددية للعرب في كركوك واطلقت تسمية محافظة التأميم على المنطقة بعد ان ضمن النظام العراقي عدم تأييد شاه ايران لاي حركة كردية بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 مقابل تنازل النظام العراقي عن ارض العراق حتى منتصف شط العرب في اكبر تنازل شهده التاريخ.
المادة (58)
(أ) تقوم الحكومة العراقية العراقية الانتقالية ولاسيما الهيئة العليا لحل صراعات الملكية العقارية وغيرها من الجهات ذات العلاقة , وعلى وجه السرعة باتخاذ التدابير اللازمة من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق والمتمثلة بتغيير الوضع السكاني لمناطق معينة بضمنها كركوك من خلال ترحيل ونفي الافراد من اماكن سكناهم,ومن خلال الهجرة القسرية من داخل المنطقة وخارجها وتوطين الافراد الغرباء عن المنطقة وحرمان السكان من العمل,ومن خلال تصحيح القومية.
ولمعالجة هذا الظلم على الحكومة الانتقالية العراقية اتخاذ الخطوات الاتية:
1 – فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين والمهاجرين ,وانسجاماً مع قانون الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية,ادعاءات الملكية والاجراءات القانونية الاخرى, على الحكومة القيام خلال فترة معقولة باعادة المقيمين الى منازلهم وممتلكاتهم ,واذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضاً عادلا.
2 – بشأن الافراد الذين تم نقلهم حديثاً الى مناطق واراضي معينه,على الحكومة البت في امرهم حسب الماده (10) من قانون الهيئة العليا لحل الصراعات الملكية العقارية والهيئة العراقية لادعاءات الملكية , لضمان امكانية اعادة توطينهم اذا رغبوا بذلك, او لضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة, او امكانية تسلمهم لاراضي جديدة من الدولة قرب مقر اقامتهم في المحافظة التي قدموا منها, او امكانية تلقيهم تعويضاً عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق .
3 – بخصوص الاشخاص الذين حرموا من التوظيف او من وسائل المعيشة الاخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من اماكن اقامتهم في الاقاليم والاراضي ,على الحكومة ان تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي.
4 – اما بخصوص تصحيح القومية , فعلى الحكومة الغاء جميع القرارات ذات الصلة والسماح للاشخاص المتضررين بالحق في تقرير هويتهم الوطنية وانتمائهم العرقي بدون اكراه او ضغط.
(ب) لقد تلاعب النظام السابق بالحدود الادارية بغية تحقيق اهداف سياسية على رئاسة الحكومة العراقية وتقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات الغير عادلة, وفي حالة عدم تمكن الرئاسة بالموافقة بالاجماع على مجموعة من التوصيات , فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين طرف محايد لغرض دراسة الموضوع وتقديم التوصيات وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم ,فعلى مجلس الرئاسة ان يطلب من الامين العام للامم المتحده تعيين شخصية مرموقة للقيام بالتحكيم المطلوب .
(ج) تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها والتي من ضمنها كركوك , الى حين استكمال الاجراءات اعلاه,واجراء احصاء سكاني عادل وشفاف ةالى حين المصادقة على الدستور الدائم على ان تتم التسوية بشكل يتفق مع مباديء العدالة, اخذ بنظر الاعتبار ارادة سكان تلك الاراضي الاصليين.
المادة (140)
اولاً : تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات الماده (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية.
ثانياً : المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية و المنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية .
تمتد الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز بالكامل (التطبيع, الاحصاء, وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها , لتحديد ارادة مواطنيها في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول لسنة 2007).
حسب هذه المادة (140) نرى ان الوقت ضيق جداً لاجراء هذا الاستفتاء وبغية الوصول الى افضل نتيجة تتعلق بمسألة كركوك منطقة النزاع وفي جهة نظرنا (المؤسسة العراقية للتنمية والتطوير) ان من الافضل جعل كركوك (اقليماً) مرتبطاً بالمركز, جعل النظام فيه فيدرالي وذلك للتقليل من هذا الصراعات المتعارضة اضافة الى عدم السماح للاحزاب ان تتفاوض مع جهات خارجية بالشؤون الداخلية, وعدم السماح لهم بالتدخل بالسياسة الاقليمية في وطننا,حيث يطالب الاكراد بالحاق كركوك باقليم كردستان العراق في حين يعارض العرب والتركمان ذلك اذ يريدون تقسيم المدينة الى اربع مناطق انتخابية بواقع 32% لكل من العرب والتركمان والاكراد 40% للمسيحين ويحاول الاكراد الذين يشكلون اغلبية السكان في المنطقة ممارسة نفوذ اكبر على السكان العرب والتركمان ومجموعات انسانية اخرى لكن الحكومة المركزية في بغداد ترفض بشدة خروج المنطقة عن حكمها.
ويبقى سؤالنا : ما المانع من ارتباط كركوك بمنطقة اقليم كردستان؟ واذا بقي الوضع كما هو عليه فان الصراعات سوف تبقى في المنطقة.
حيث ان المادة (58) والتي تؤكد لا لتكرس تقسيم العراق الى دويلات فقط بل التحضير لحرب اهليه بين العراقيين عرباً واكراداً وتركمان وكلدان واشوريين وسنة وشيعة , وذلك من خلال الزام الحكومة الاستقلالية بتغيير الوضع السكاني لمناطق معينة من ضمنها كركوك وذلك باعادة المهجرين الذين هجروا الى منازلهم وممتلكاتهم السابقة.
ونقل الذين حلوا محلهم الى اماكن اخرى لرفع الظلم عن هؤلاء المهاجرين الذي سببه لهم النظام السابق وكذلك اعادتهم الى وظائفهم السابقة ,والغاء القرارات السابقة ذات الصلة بتصحيح القومية والسماح للمتضررين الحق في تقرير هو يتهم الوطنية وانتمائهم العرقي والغاء القرارات التي تم التلاعب بموجبها بالحدود الادارية بغية تحقيق الاهداف السياسية, ومما لاجدال فيه ان تنفيذ اي اجراء من هذه الاجراءات كافي لاشعال حروب اهلية ضارية,وتكريس تقسيم العراق وتجزئته الى دويلات عرقية ودينية ومذهبية.
كركوك الماضي والحاضر :
تراودت ومازالت ... اقوال كثيرة حول الهوية العراقية في (كركوك) لكن لفهم واستدراك الواقع الراهن فيها والحاجة التي تستدعي الى دراسة التركيب العرقي, وتكوين ألاثني في ماضي المدينة ومقارنتها مع ما هو عليه حاضر المدينة من وقائع.
بداية التغييرات التي حدث هناك,كانت ثمرة سياسات النظام البعثي العراقي البائد, واجهزته القمعية,والذي لم يرع بتاتاً في سياساتها ادنى معايير القوانين الدولية وشرعيتها ,الامر الذي سبب في خلق تلك الاوضاع الخطيرة وهو يتحمل المسؤولية المباشرة عنها والتي امسى المواطنون يعيشونها على الرغم من مساوئها ومن بين تلك السياسات سياسة التعريب ,بتغيير ديموغرافية المدينة (كركوك) والتي اولى النظام البائد اهتماماً بالغاً في مماسرتها.
ومع تعرض اسباب العيش وسبل مصدرها بشكل هائل فقد كان سكانها حذقين ومهرة في ممارسة المهن والحرف اليدوية الكثيرة الى جانب عملهم في المجالات التجارية والادارية فضلاً عن ان جزء من مصدر دخلهم يعتمد على الزراعة بالاضافة الى اهتمامهم بتربية الحيوانات الداجنة ,اما التقلبات التي شهدتها المنطقة فقد ظهرت بعد اكتشاف النفط,حيث تم جلب اعداد كبيرة لغرض العمل,وهذا فتح باب الهجرة على مصراعيه اما الالاف من العوائل العربية والتركمانية والاقليات الاخرى والاستيطان فيها.
وعلى الرغم من ذلك فان كركوك كانت ولاتزال فيها نسبة الاكراد اكثر من التركمان ثم العرب, ولعل موسوعة (قاموس العالم) لمؤلفها الشهير (شمس الدين سامي) خير ما يؤكد على التكريبة العرقية للمقاطعة (كركوك) اذ تذكر الموسوعة ان ثلاثة ارباع (75%) من سكان المدينة هم من الكرد وما يتبقى منهم من التركمان والاخرين الى جانب (700) من اليهود و (460) من الكلدان كانوا يقيمون في المدينة.
ان الكرد عاشوا ومازالوا يعيشون باكثريتهم الساحقة في المناطق الشرقية والغربية الاخرى قبل ان يأتي التركمان ويستوطنوا في المدينة,ومن الجدير بالذكر ان على مدى القرنين الماضيين كان اغلب ممن تولوا منصب محافظ مدينة كركوك كانوا دائماً من الاكراد.
ومنهم عائلة (طالباني ) وخلال العهد العثماني والممالك المتكررة اصبح بعض من التركمان يقلدون منصب محافظ المدينة,لكن في نفس الوقت لم تشهد المدينة اي محافظ من العرب حتى عام 1969 عندما تم تعيين شخص من عائلة التكريتي في ذلك المنصب وكان من قبل نظام البعث البائد .
عام 1935تم استقدام القبائل العربية من سهول الحويجة لاستيطانهم في المدينة اما لجنة عصبة الامم التي زارت ولاية الموصل في عام 1925 فكانت بصدد ان تعقد العزم في تقرير مستقبل المدينة حيث كانت نسبة الكرد 63% من سكانها والتركمان 19% والعرب 18% ومنذ ذلك الوقت الى عام 1947 لم يجري اي احصاء الى غاية عام 1957 وكان الاحصاء كالاتي :
48% كرد , 28% عرب , 21% تركمان , 3% اشورين وكلدان.
الحلول البديلة لكركوك :
ان اهم الحلول البديلة للوضع الخاص لمحافظة كركوك هو وضعها ضمن ادارة مشتركة,كما وانها محافظة ذات تعدد عرقي وطائفي ولذلك فان اي حل لضمها الى اي اقليم يسبب مشاكل مستمرة من قبل الاطراف العرقية الاخرى.
ان قناعة كل طرف لاينتمي الى المكون القومي الى ذلك الاقليم (كردستان) الذي يقترح انضمام محافظة كركوك اليه سيشعر باقي المكونات بفقدان الهوية القومية.
هذه الحلول تعتمد على طبيعة النظام العراقي هل هو مركزي ام عسكري ام برلماني او سيكون النظام ذا طابع فيدرالي اي تحت المكون الفيدرالي وبناءاً على ذلك سيتوفر الحل الملائم,اذا كان طبيعة النظام للدولة العراقية ذات طابع فيدرالي,نعتقد ان كركوك سيكون اقليماً له قوانينه الخاصة كباقي الاقاليم الاخرى وجميع المكونات الاخرى سوف تبني حكمها المحلي من خلال قانون الاقاليم تحت نظام فيدرالي.
وبما ان الفيدرالية نظام عصري بعكس مايعتقد الناس بانه سيكون ذا طابعٍ انفصالي لان مشكلة كركوك لا يوجد لها حل من خلال طبيعة المكونات التي يتعايش مع بعضها ومن خلال صراع الاحزاب في محافظة كركوك,وهذا الصراح سوف يؤدي بالنتيجة النهائية الى دولة كبيرة.
وفق ذلك فان افضل الحلول هو الوضع الخاص لانتهاء التنافس القومي والتسارع في التغيير الديمغرافي من قبل طرف واحد وانهاء الهيمنة الامنية ويعتبر حل الوضع الخاص قابل للتطبيق وله عمر طويل وينهي المشكلة نهائياً ويرسي تعايش قومي في محافظة كركوك وضمان للوحدة الوطنية ويصنع قوة للحكومة المركزية في حل المشاكل العالقة في العراق.
من مواصفات هذه الحلول :
1 – اصدار تشريعات خاصة ضمن الدستور العراقي لحل مسألة محافظة كركوك يتضمن اعطاءها وضعاً خاصاً بالادارة المركزية وحل مشكلة التجاوزات والتغيير الديمغرافي الحاصل فيها منذ النظام السابق.
2 – اعتماداً على المادة (122) من الدستور.
3 – اعتماداً على احصائية عام 1957 وتقسم حسب ماتقتضيه المصلحة الوطنية العامة للاقليم , وليس على المحاصصة وحسب الانتخابات وتكون بشكل ديمقراطي.
4 – ضبط التسجيل السكاني لمواطني محافظة كركوك وعدم قبول اي تسجيل مابعد 2003 الا بالاتفاق مع لجنة مواطني محافظة كركوك المقترحه (ممثل لكل قومية) والغاء كل التسجيلات مابعد 2003.
5 – بالنسبة الى قانون الانتخابات لمجلس المحافظة سوف يكون على شكل انتخابات ديمقراطية خاصة باقليم كركوك,وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من باقي المحافظات والاحزاب الاخرى ,او من الدول المجاورة وسيتم توزيع السلطات حسب القوائم المقترحه ونسب التصويت.
6 – ترتبط كل الاجهزة الادارية والحكم المحلي والامن في محافظة كركوك بالحكومة المركزية.
7 – مقترح تشكيل الادارات المشتركة كما يلي :
أ – المحافظ (يتغير بالتناوب)
ب – مجلس المحافظة (مجلس رقابي وتشريعي) ويكون المنتخب من الحكومة المحلية وهي عبارة الجهاز التنفيذي في المحافظة وربما يكون حسب قانون مجالس المحافظات في تشكيلات الادارة وتوزيع السلطات التنفيذية والوظيفية والادارية حسب النسب وتراعى المهنية في اداء الاعمال على اساس المواطنة والخدمة للجميع دون تمييز عرقي.
8 – ان تبقى الحدود الادارية لمحافظة كركوك بدون تغيير حسب المادة 53 من قانون ادارة الدولة.
9 – القضاء يجب ان يكون مرتبطاً بمجلس القضاء الاعلى .
10 – ان يكون التعليم مركزياً وتكون المناهج موحدة وتحدد اللغات المستخدمة في التعليم وفقاً للدستور ويراعى التنوع الثقافي والحاجة لتعلم اللغة القومية .
11 – تكون الموارد الطبيعية والتعامل معها وفقاً للدستور مع احتساب نسبة محددة للمحافظة لغرص الاعمار والبنية التحتية.
12 – اعتماد الانظمة المركزية في المصارف وفي دوائر المحافظة.
13 – ان مجال الامن هو الاهم حيث ان التشكيلات العسكرية من قوات الامن يجب ان يكون من كل المكونات وفقاً للدستور وان تشكل فرقة عسكرية ذات توزيع في كل مفاصلها من ابناء المدينة وان يسري التوازن على الشرطة وقوات الامن والاستخبارات واي تشكيل يعمل في هذا المجال وان تكون الاوامر والارتباطات المالية والعسكرية والمؤسسة الامنية مما يحقق الامن في المدينة ان القضاء على ظاهرة التغيير الديمغرافية والتسابق على المكاسب غير الشرعية يجب ان يحل بالطرق القانونية .
14 – ان مشكلة نزاعات الملكية يجب ان تكون قانونياً وعبر الاليات القانونية.
15 – يحق للاقليم ان يطبق قانون الاستثمار وذلك لغرض تطور الاقليم (كركوك) حسب قوانين الاستثمار.
مقالات اخرى للكاتب