ماذا يكمن خلف جملة «الحرب على داعش ستكون طويلة»؟ التي تكررت كثيرا على ألسنة الساسة الامريكيين وفي مقدمتهم الرئيس اوباما. كيف استطاعت الولايات المتحدة اخراج القوات العراقية من الكويت في غضون ايام معدودة، بينما تعجز عن اخراج داعش من الموصل؟ لماذا تمكنت الولايات المتحدة من قتل بن لادن في مخبئه السري بطلعة طيران واحدة، وتتلكأ بتصفية مواقع داعش المكشوفة والمنتشرة في اكثر من مدينة عراقية، وقد تجاوزت طلعات قواتها الجوية لغاية الان 4000 طلعة؟
هذه الاسئلة المشككة بنوايا الولايات المتحدة الامريكية وجديتها في الاسهام مع العراقيين في تحطيم قدرات داعش وإنهائها، يثيرها العديد من المراقبين السياسيين والناشطين المدنيين. وهي نابعة ليس فقط من الريبة ازاء السياسات الامريكية ، ولا تنطلق من معرفة اولوية الولايات المتحدة الامريكية التي هي مصالحها وليس غير مصالحها. فالولايات المتحدة كانت وفق بعض المصادر - على علم بتحركات داعش في صحراء الانبار قبل اختراقها مدينة الموصل، لكنها لم تقدم على اي عمل عسكري ضدها لاعتقادها ان اي ضربة لداعش ستعد دعما للمالكي المتخاصم?مع اغلب الكتل السياسية، وهو ما لم تكن تريده.
وقد انخرطت الولايات المتحدة الامريكية في الحرب ضد داعش، وعملت على تشكيل التحالف الدولي، عندما اطمئنت الى قبول شروطها السياسية من قبل الاطراف العراقية المتنفذة. لذا يتوجب التعرف على الاستراتيجة الامريكة في هذا الصدد، وهل ستقف معركتها عند حد اضعاف داعش، ام تتواصل حتى تصفيتها وانهاء اخطارها نهائيا؟
بطبيعة الحال لا يوجد من ينتظر اجراء سحريا يؤمن دحر داعش بين ليلة وضحاها، وليس هناك من يعتقد ان هجوما خاطفا ماحقا سيكون كفيلا بتحقيق انتصار ساحق. لكن ليس من المعقول والمقبول ان يبقى العراق وقتا طويلا ساحة لمعركة يتضرر منها شعبه اساسا. وهو الذي يقاتل قوى الارهاب نيابة عن كل شعوب العالم، التي تعيش بسلام بعيدا عن مسلسل الابادة والتدمير اليوميين.
لقد عانى العراقيون من حروب طويلة، حيث اخذت منهم الحرب العرقية - الايرانية ثماني سنوات، فقدوا فيها الكثير الكثير مما هو عزيز وغالٍ من الارواح والممتلكات. ثم انهكتهم حروب القتل والتجويع غداة احتلال الكويت واخراج القوات الصدامية منها، وما اعقب ذلك من فرض الحصار الاقتصادي الجائر، الذي حطم النفوس ومزق نسيج المجتمع العراقي، ثم جاء الاحتلال والمقاومة له والحروب الطائفية والحرب مع الارهاب.. حقا انها حروب طويلة .. حروب تبدو وكأن لا نهاية لها!
ليكن واضحا لنا اخيرا وتماما ان هذا المسلسل الطويل من الحروب المروعة ليس هناك من يستطيع وضع نهاية له غيرنا نحن العراقيين، اذا ما تلاحمت اراداتنا السياسية الوطنية والشعبية، ووقفنا كتفا الى كتف متصدين لكل عدو لا يريد لوطننا الامان والسلام والاستقرار والتقدم.
مقالات اخرى للكاتب