بين مدة وأخرى يأتي القائمون على العملية السياسية في العراق بمشروع ظاهره إجراء مصالحة وطنية وتسوية للخلافات السياسية المتجذرة بين الكتل والأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة السياسية في العراق وباطنه تحقيق مكاسب سياسية وفئوية وطائفية لأغراض انتخابية ومكاسب سياسية فمن مشروع المصالحة الوطنية الذي وضف لخدمة حزب السلطة يوم شكلت وزارة لهذا الغرض سميت وزارة المصالحة الوطنية وخصصت لها ميزانية بمليارات الدولارات تم سرقتها تحت غطاء المصالحة ولم تحقق هذه الوزارة التي تحولت الى هيئة لاحقاً إلا الاستحواذ على مليارات الدولارات من أموال الشعب العراقي الى المصالحة المجتمعية التي لم ترى النور الى الشراكة الوطنية التي تحولت الى محاصصة حزبية وطائفية دمرت البلاد والعباد وأخيراً مشروع التسوية السياسية الذي يطرح على الساحة الآن ,فعن أية تسوية يتحدثون وبمشروعهم هذا ماذا يريدون ؟ وهم يدركون جيدا إن التسوية التي يريدونها ما هي إلا تسوية للخلافات بين الكتل والأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي في البلد دون مراعاة للإرادة الشعبية الوطنية التي رفضت كل الأحزاب والكتل التي جلبت الدمار للبلد والمآسي والكوارث للشعب فبعد السرقات الكبرى لأموال الشعب واستشراء الفساد المالي والإداري في وزارات الدولة ومؤسساتها وبعد أن سلم السياسيون الفاشلون والفاسدون الذين كانوا يقودون العملية السياسية في البلد نصف مساحة العراق لداعش لترتكب أبشع الجرائم بحق أبناء شعبنا من مختلف القوميات والأديان والمذاهب فدمرت المدن وهجرت الملايين من أبناء شعبنا عن مدنهم ومنازلهم وقتلت الآلاف منهم وسبيت نساء العراق الحرائر ودمرت المدن التاريخية واستولت على جزء كبير من ثروة العراق النفطية وتسببوا في الحرب الطاحنة التي تجري منذ سنتين بين قواتنا المسلحة وعصابات داعش وما فرزنه هذه الحرب من خسائر بشرية ومادية كبيرة جداً,فماذا يريدون من تسويتهم هذه هل يريدون إنقاذ الشعب من معاناته وجوعه وأمراضه وسوء الخدمات المقدمة له وتخلفه في جميع مبادين الحياة بسبب صراعهم السياسي الطائفي على المناصب والمكاسب وتفننهم في نهب أموال الشعب وثروات الوطن طيلة السنين التي أعقبت الاحتلال الأمريكي للعراق ؟ أم يريدون تسوية الخلاقات بين الأحزاب والكتل السياسية المتنفذة في البلد والاتفاق على محاصصة حزبية وطائفية جديدة تقضي على ما تبقى من أموال العراق وثرواته وتدمر ما تبقى من لحمة الشعب الوطنية وتماسكه الاجتماعي وتلقي به نحو الهاوية هاوية التقسيم ألاثني والطائفي الذي يريده أعداء العراق .
لقد أثبتت التجربة السياسية في العراق طيلة السنين الماضية أن لا جدوى من بقاء هذه الأحزاب والكتل السياسية التي تسببت في كل المآسي والكوارث لبلدنا وشعبنا بقيادة العملية السياسية وقد أيقن العراقيون من كل القوميات والطوائف والأديان ذلك ولمسوه بأيديهم ورأوه بأعينهم ثم كيف يدعو هؤلاء الساسة الى تسوية يسمونها تاريخية وهم داخل الحزب الواحد والكتلة الواحدة متخاصمون ومختلفون ومنقسمون بسبب المصالح والمكاسب الشخصية والحزبية وصراعهم على المناصب والمسؤوليات ومردوداتها المالية والمثل يقول فاقد الشيء لا يعطيه . إن التسوية السياسية الني يدعو لها سياسيو الفترة المظلمة ولدت ميتة ولم يشفع لها كل تطبيب لأنها ليست نتاج إرادة وطنية حقيقية ولا تعبر عن وجهة نظر ملايين العراقيين الذين طالبوا بالتغيير وإصلاح أمور البلاد والعباد بعد سنين من الفساد والفشل وسرقة أموال الشعب ونهب ثروات الوطن وسوء الإدارة وسوء الخدمات ولا تضع الاعتبارات الوطنية الحقيقية فوق كل الاعتبارات الحزبية والطائفية الضيقة فهي إذن لا تلبي مطالب الشعب ولا تحقق ما يدعو إليه منذ سنين وعبر عن ذلك من خلال تظاهراته واعتصاماته التي قوبلت من قبل السياسيين والمسؤولين الذين يدعون الى التسوية الحالية بالتجاهل والاستخفاف تارة وبالتصدي المسلح واعتقال الناشطين فيها وتصفيتهم تارة أخرى ,فالتسوية التي يريدها السياسيون ماهي إلا محاولة جديدة لبقاء هذه الأحزاب والكتل الطائفية تهيمن على المشهد السياسي في البلد سنين أضافية بعد أن أدركت هذه الأحزاب أن ساعة الخلاص منها قد اقتربت بعد أن مل الشعب منها ومن سياستها الطائفية الفئوية الفاشلة ومن فسادها وسرقاتها وسوء إدارتها التي أوصلت البلاد الى حالة التشرذم والتشتت والصراع الطائفي وتدمير نسيج المجتمع العراقي ووحدته الوطنية ومحاولة تقسيم الوطن الى كيانات عرقية وطائفية ضعيفة يسهل ابتلاعها من قبل دول الجوار التي ساعدت هؤلاء السياسيين في مشاريعهم الطائفية والتخريبية والتقسيمية فالتسوية السياسية هذه ولدت ميتة وخير دليل على موتها رفضها من قبل الشركاء في العملية السياسية بعد التصويت على قانون الحشد الشعبي الذي عمق الخلافات وأنهى ما سمي بالشراكة السياسية.
مقالات اخرى للكاتب