ما كان لأحد ان يتصور او يتوقع ان يصدر الرئيس السوري بشار الاسد مرسوماً جمهورياً بزيادة رواتب جميع منتسبي الدولة. ثم، وبنفس اليوم أصدر مرسوماً اخر بزيادة رواتب المتقاعدين ايضاً. مع ان الدولة السورية ونظامها يتعرضان الى حرب تشنها ضدها دول اقليمية واخرى دولية. هذه الحرب التي مضى عليها اكثر من عامين، على شراستها ووحشيتها الا انها لم تشغل الرئيس السوري عن معاناة شعبه المعيشية فأصدر مرسومين بزيادة الرواتب للعاملين في مؤسسات الدولة وللمتقاعدين. إلتفاتة الحكومة السورية هذه جاءت بعد ان ارتفع سعر الدولار الى (200 ليرة) بعد ان كان سعره قبل بداية الحرب الارهابية (50 ليرة). والذي لا يعرفه الكثيرون هو ان المواد الغذائية، جميعها مسعرة، وويل للذي يجازف ويتخطى التسعيرة، وكذلك هناك تسعيرة ثابتة للخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن وكذلك خدمات القطاع الخاص. فالموظف، او المتقاعد السوري، لن يتضرر كثيراً جراء ارتفاع سعر الدولار، لكنه يتضرر بصورة جزئية. وحتى هذه الحالة التي لا يعيرها الكثير من الحكومات المجاورة السورية اي اهتمام. لكن حكومة دمشق عالجتها قبل ان تستفحل! ومع ان ميزانية سورية ذات الخمسة وعشرين مليوناً لا تصل الى العشرين مليار دولار، ومع ان مصادر هذه الميزانية كانت من انتاج نفطي قليل وعائدات سياحية فهي تكاد تكون متوقفة اثناء الحرب. لكن الحكومة جازفت بالأموال التي تحصل عليها كمساعدات من دول صديقة، ووقفت الى جانب شعبها، اذ يعد عيباً عليها ان تزيد هموم المواطن الامنية بهم اخر: هو الفقر! في بلدنا، بلد النهرين العظيمين وميزانيته السنوية المتأتية من بحار نفطه، يبحث مئات الالاف من العراقيين عن رزقهم في المزابل! بينما تذهب معظم ميزانيته الى جيوب (امراء النهب)!! وتقول تقارير الامم المتحدة ان معدل الحرمان يصل الى 20 بالمئة من العراقيين. في عراقنا الديمقراطي لا يفكر الحاكم بكيف يعيش مواطنه قد يفكر بمصالحه هو.. وهناك نوع اخر من المسؤولين في بلادنا لا يعرف معنى كلمة الاقتصاد والخطط الستراتيجية الاقتصادية الستراتيجية ودليلنا على هذا ان الخزين الستراتيجي للبلد ولأيام المحنة هو صفر. اي ان العراقيين سيجوعون ويموتون على الارصفة لو تعرض العراقيون – لا سمح الله- الى شهر مما يتعرض له السوريون! فقبل ايام، صرح مسؤول في وزارة التجارة بأن حليب الاطفال غير متوفر لان المعروض منه غير سليم صحياً!! وان السكر غير متوفر ايضاً لان اسعاره قد ارتفعت في السوق العالمية!! متناسياً ان اكثر من 6 مليارات دولار قد خصصت لوزارة التجارة لأستيراد اربعة مواد غذائية، وهذا المبلغ يقترب من نصف مجموع ميزانية سورية بكاملها!
مقالات اخرى للكاتب