Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
النظم الانتخابية وتبعاتها
الخميس, تموز 4, 2013
د. جميل عبدالله

 

 

 

 

 

 

نظام "الفائز الأول":ينتشر نظام "الفائز الأول",بصورته المثالية حتى اليوم,في المملكة المتحدة والدول التي كانت تاريخيا تحت تأثير بريطانيا .والحالات التي نتناولها بالتحليل ,إضافة إلى المملكة المتحدة ,هي كندا,ونيوزيلندا,والولايات المتحدة الأمريكية,على الرغم من إن نيوزيلندا تحولت إلى النظام "تناسب العضوية المختلطة "للتمثيل النسبي في عام 1993 .ويجري استخدام نظام "الفائز الأول " أيضاً في العديد من الأمم الكاريبية,وفي بيليز وجويانا السابقة بأمريكا اللاتينية وفي عشر دول آسيوية (من بينها باكستان وبنجلاديش ونيبال وماليزيا ) فضلاً عن أمم تعيش في جزر صغيرة في جنوبي المحيط الهادئ (الباسيفيك).أما في افريقيا فيجري استخدامه في 18 دولة اغلبها مستعمرات بريطانية سابقة .وبالإجمال تستخدم 68 دولة من بين 211 واردة في الملحق (أ) – أي اقل من ثلث هذه الدول –نظام "الفائز الأول".  

- ونجد في نظام "الفائز الأول",كما اشرنا سابقاً,إن المرشح الفائز هو بكل بساطة الذي يفوز بأغلبية الأصوات .ويمكن من الناحية النظرية,انتخابه (أو انتخابها) بصوتين ,اذا استطاع كل مرشح آخر إن يضمن لنفسه صوتا واحداً. وان التعديلات التي تجري على هذه القاعدة تحوله إلى نظام "صوت واحد غير متحول ", وسنعالج هذه الامور بالتفصيل في الصفحات التالية .تجدر الإشارة إلى إن احد التعديلات التي جرى تصنيفها أيضاً في إطار نظام "الفائز الأول" قد تم استخدامها في النيبال في باكورة التسعينات . ونتيجة لانخفاض مستوى المعرفة بالقراءة والكتابة بين جمهور الناخبين,يندرج المرشحون في إطار الحزب وليس كأفراد .ويختار الناخبون في هذه الحالة بين الأحزاب وليس بين المرشحين .ويتاح للمرشح تمثيل أكثر من الدائرة,إذا ما رغب في ذلك .وعلى المرشح المنتخب لمقعد أو اثنين إن يختار عندئذ الدائرة التي سيمثلها ,ويتم إجراء انتخابات فرعيه لشغل المقاعد التي خلت .

مميزات النظام : 

يجري الدفاع عن النظام "الفائز الأول"مثل نظم الأغلبية التعددية الأخرى,على اساس انه بسيط ويميل إلى إفراز ممثلين يدينون بالفضل للمناطق المحددة جغرافيا. ونجد ان المميزات التي يجري عادة الاستشهاد بها في نظام "الفائز الأول" هي على النحو التالي :

أ – انه يوفر للناخبين اختيارا واضحا بين الحزبين أساسيين .إما مساوئ ذلك ,والتي تواجهها الأحزاب الأخرى أو أحزاب الأقلية في ظل نظام "الفائز الأول ",فكثيراً ما تجعل النظام الحزبي يميل نحو حزب "يساري"وحزب "يميني" بالتبادل على القوة. وعادة ما تصبح الأحزاب الأخرى هامشية ,ولا تصل الى حد الدعم الشعبي ,حيث يحقق التصويت الخاص بها نسبة مئوية ضئيلة فيما يتعلق بالمقاعد البرلمانية .

ب – انه يؤدي الى قيام حكومات تعتمد على الحزب الواحد .فنظام "مكافآت المقعد" لأكبر الأحزاب ,الشائع في ظل نظام "الفائز الأول "(أي عندما يفوز احد الأحزاب ,على سبيل المثال,بمعدل 45 % من التصويت القومي ,بالترافق مع فوزه بمعدل 55% من المقاعد ),يعني إن الحكومات الائتلافية هي الاستثناء وليس القاعدة .ويظهر الجانب الايجابي في هذه الحالة في قيام حكومة قوية بعيدة عن المساومات التي تجري مع الشركاء من اجل تكوين حكومة ائتلافية .

ج – انه يؤدي الى نهوض معارضة برلمانية متماسكة .فمن الناحية النظرية ,نجد ان الجانب الضعيف بالنسبة لحكومات الحزب الواحد القومية ,يكمن في إعطاء المعارضة مقاعد كافية لأداء دور إشرافي نقدي ,وتقديم نفسها كبديل واقعي للحكومة القائمة .

د – يعطي نظام "الفائز الأول "ميزات للأحزاب السياسية ذات التأثير الواسع .ففي المجتمعات التي تشهد انقسامات عرقية أو إقليمية حادة ,ينال نظام "الفائز الأول "القبول لأنه يسعى إلى تحويل الأحزاب السياسية إلى "كنائس واسعة ",تظم الكثير من عناصر المجتمع ,وبصورة خاصة ,عند وجود حزبين أساسيين فقط ,وعدد كبير من المجموعات المحلية في المجتمع .وهنا,يمكن ان تقدم الأحزاب حشداً متنوعاً من المرشحين إلى الانتخابات .ونجد في نظام "الفائز الأول "في ماليزيا على سبيل المثال ,إن الائتلاف الحاكم الذي يعد حركة ذات تأثير واسع ,يقدم مرشحين صينيين في مناطق "مالاي "وبالعكس .

ه – يستبعد نظام "الفائز الأول "الأحزاب المتطرفة من التمثيل البرلماني .فاذا لم يكن الدعم الانتخابي لحزب اقلية متطرفه متمركزاً جغرافيا,فمن غير المرجح إن يفوز بأي مقعد في ظل نظام "الفائز الأول".وهو الأمر الذي يتعارض مع الوضع في ظل نظام التمثيل النسبي المباشر ,حيث إن توفر نسبة 1% من الأصوات على المستوى القومي يؤدي إلى تمثيل برلماني . 

و – يحتفظ هذا النظام بوجود علاقة بين الناخبين في الدائرة ,وأعضاء البرلمان الذين يمثلونها .وربما كانت الميزة التي عادة ما يجري الاستشهاد بها في نظام "الفائز الأول ",هي انه يؤدي إلى إنشاء برلمان يتسم بالتمثيل الجغرافي :يمثل أعضاء البرلمان أجزاء محددة من المدن الكبرى والصغرى ,كما يمثلون مختلف المناطق ,ولا يرتبط الأمر بمجرد وجود شعارات حزبية .ويجادل كثير من المناصرين لنظام :الفائز الأول",بأن للمحاسبة التمثيلية حق الاعتماد على الناخبين في المناطق المختلفة,الذين يعرفون ممثليهم ,ولديهم القدرة على إعادة انتخابهم أو التخلص منهم عند الانتخابات .ويجادل عدد من المحللين في إن هذه "المحاسبة " التي ترتبط بالمناطق الجغرافية ,تنتشر في المجتمعات الزراعية والبلدان النامية على نحو خاص .

ز – يتيح هذا النظام أيضا الاختيار بين الناس وليس بين الأحزاب .وهناك ميزة اخرى ترتبط بالنقطة السابقة ,وتتمثل في إمكانية تقييم الناخبين لأداء المرشحين الفردي ,وليس مجرد قبول قائمة المرشحين المقدمة من الحزب,كما قد يحدث في ظل بعض النظم الانتخابية الخاصة بقائمة التمثيل النسبي .

ح – يعطي هذا النظام فرصة انتخاب للمرشح الشعبي المستقل .وهو أمر هام, على نحو خاص ,في النظم الحزبية النامية ,حيث ما تزال أمور السياسة تحت تأثير الروابط الأسرية ,أو روابط العشيرة أو القرابة ,ولا ترتكز على المنضمات الحزبية السياسية القوية .

ط – وأخيرا, يحظى نظام "الفائز الأول" بالثناء على نحو خاص ,نظرا لوضوحه وبساطته في الاستخدام .إن الصوت الصحيح لا يتطلب سوى وضع علامة واحدة بجانب اسم مرشح واحد ,او الرمز الذي يمثله .وعادة ما يكون عدد المرشحين في ورقة الاقتراع صغيرا, مما يسهل عملية عد الأصوات لدى المسؤولين الانتخابين .

عيوب النظام :   

رغم ما سبق,يتم توجيه النقد إلى جميع نظم الأغلبية التعددية,ونظام "الفائز الأول " بصفة أساسية,على اساس النقاط التالية :

أ – استبعاد أحزاب الأقلية من التمثيل "العادل" .ونعني بكلمة "العادل" هنا,إن الحزب الذي يفوز بمعدل 10% تقريبا من الأصوات ينبغي إن يفوز بمعدل 10% تقريبا من المقاعد البرلمانية .وقد فاز في الانتخابات البريطانية العامة لعام 1983 تحالف الحزب الديمقراطي الاجتماعي بمعدل 25% من الأصوات و3% فقط من المقاعد .وفازت الجبهة الديمقراطية في الانتخابات العامة في بتسوانا عام 1989,بمعدل 27% من الأصوات و9% فقط من المقاعد .ويتكرر هذا النموذج دائماً,مرة بعد أخرى ,في ظل نظام "الفائز الأول ".

ب – استبعاد الاقليات من التمثيل العادل .من القواعد التي يتم العمل بها ,في ظل نظام "الفائز الأول", إن تقوم الأحزاب بتقديم المرشح الذي يحظى بأوسع قبول في دائرة معينة لتجنب نفور غالبية الناخبين .ومن ثم,يندر,على سبيل المثال ,إن يحضى مرشح اسود بترشيح هام من قبل حزبه في دائرة ذات أغلبية بيضاء في بريطانيا أو الولايات المتحدة .وهناك دلائل قوية على إن الأقليات العرقية والعنصرية ,في جميع إنحاء العالم,تقل احتمالات تمثيلها في البرلمانات المنتخبة عن طريق نظام "الفائز الأول" .وبالتالي رغم ارتباط سلوك الناخبين في التصويت بالانقسامات العراقية,نجد ان استبعاد الأقليات العرقية من البرلمان يثير حالة من عدم الاستقرار بالنسبة للنظام السياسي بصورة عامة .

ج – استبعاد المرأة من البرلمان .تؤثر ظروف "أكثر المرشحين قبولاً "أيضاً في انتخاب المرأة لمنصب البرلمان فعادتا يقل احتمالات ترشيح حزب ما لامرأة إذا كانت هيكلية الحزب يسيطر عليها الرجال .كافة الدلائل حول العالم إن احتمالات انتخاب المرأة في البرلمان تقل في نظم الأغلبية التعددية عما هو عليه الحال في نظم التمثيل النسبي .فلقد وجدت الدراسة السنوية التي أعدها اتحاد البرلمان (inter-parliamentary)   حول "المرأة في البرلمان "عام 1995 ,إن المرأة تشكل في المتوسط 11% من أعضاء البرلمان في الديمقراطيات الراسخة التي تستخدم نظام "الفائز الأول " ولكن الرقم يتضاعف الى 20% تقريبا في البلدان التي تستخدم احد إشكال التمثيل النسبي .وقد انعكس هذا النمط في الديمقراطيات الجديدة,وخاصة في إفريقيا . 

د – تشجيع تطور الأحزاب السياسية المرتكز على العشيرة أو العرق أو المنطقة. نجد ان نظام "الفائز الأول" في بعض المواقف,يمكن إن يشجع الأحزاب على تركيز حملاتها وبرامجها الحزبية على تصورات مبينة على مفاهيم العشيرة أو العرق أو العنصر أو الإقليم .ففي انتخابات التعددية الحزبية في مالاوي عام 1994, نجد سجلا من الحكم الاستعماري وانشطة تبشيرية ,مقترنة مع نثر بذور الصراع الإقليمي, الذي يتقاطع مع الحدود العرقية الموجودة سابقا .وقد قام الجنوب بالتصويت لصالح الجبهة الديمقراطية المتحدة التابعة لباكيلي مولوزي مركز حزب المؤتمر الملاوي لل "هاستتج باندا " في حين قام الشمال بالتصويت لتحالف الديمقراطية بقيادة شاكوفوا تشيهانا .ولم تتوفر لدى الأحزاب أية حوافز لمناشدة السكان خارج مناطق تواجدها ,وخارج أطرها السياسية والثقافية .

ه – المبالغة في "الإقطاعيات الإقليمية ", حيث يفوز حزب واحد بكل المقاعد في إقليم أو منطقة . ويميل نظام "الفائز الأول " في بعض المواقف لخلق مناطق يفوز فيها حزب واحد ,من خلال فوزه بغالبية الأصوات والمقاعد البرلمانية .ويتم في كلا الموافقين استبعاد الأقليات الإقليمية من التمثيل ,وتعزيز الادراك بان السياسة هي موقع لمعركة تتحدد عن طريق من تكون ؟وأين تعيش ؟وليس عن طريق معتقدات. هذه أطروحة ضد نظام "الفائز الأول" يدور حولها الجدل منذ زمن في كندا .

و – هناك إعداد كبيرة من "الأصوات الضائعة " التي لا تذهب لصالح أي مرشح. ويرتبط انتشار الأصوات الضائعة "الإقليمية "المشار إليها سابقاً حيث نجد إن المؤيدين لحزب الاقلية يشعرون بفقدان الأمل الحقيقي في انتخاب مرشح لهم .ويمل هذا الأمر خطراً في الديمقراطيات الوليدة,حيث يزيد اقتراب النظام السياسي من احتمال قدرة المتطرفين على حشد وتعبئة التحركات المعادية للنظام .

ز – عدم استجابة للتغيرات التي تطرأ على الرأي العام . إن نمطا من الدعم الانتخابي الذي يتمركز جغرافيا في بلد ما . يعني إن حزب واحدا يمكن إن يحتفظ بسيطرة تنفيذية مطلقة رغم حدوث تقلص جوهري في الدعم الشعبي .وفي بعض الديمقراطية التي تسير في ظل نظام "الفائز الأول" يمكن إن يمثل انخفاض من 60% إلى 40% من الأصوات الشعبية لحزب على المستوى القومي,انخفاضاً من 80% الى 60% في عدد المقاعد , وهذا لا يؤثر في وضعه الكلي من حيث السيطرة .وما لم تتسم المقاعد بنسبة عالية من التنافسية,يمكن الا يصبح النظام حساساً لتقلبات الرأي العام .

ح – وأخيرا,يمكن إن تجري في ظل نظام "الفائز الأول "بعض عمليات التلاعب في الحدود الانتخابية .فأي نظام يستخدم الدوائر المنفردة العضوية يمكن إن يؤثر في عملية رسم حدود الدوائر,مثل تقسيم وحدة إقليمية إلى مناطق انتخابية أو وجود عدم تناسب في حدود الدوائر .وقد بدأ هذا الأمر واضحاً,على نحو خاص,في انتخابات كينيا 1993,عندما ساهمت الفروق الضخمة بين إحجام الدوائر الانتخابية – وكان أكبرها يضم عددا من الناخبين يزيد 23 مرة عن عددهم في الدوائر الصغرى – في فوز حزب الاتحاد الوطني الإفريقي في كينيا بأغلبية برلمانية كبيرة بمعدل 30% فقط من الأصوات الشعبية .

الهند    

نظام (الفائز الأول )على نطاق واسع :

تظل الهند،الى حد كبير ،اكبر دولة ديمقراطية في العالم ،اذ فيها 600 مليون ناخب.ويعد النظام  البرلماني في الهند، ونظامه الانتخابي ("الفائز الاول"),من مخلفات الاستعمار البريطاني الذي انتهى عام 1947  .فقد ادخل البريطانيون الحكم الذاتي الى الهند على مراحل،ولم يكن نيل حق الاقتراع الشامل الا بعد نهاية الحكم الكولونيالي ،واقرار الدستور الهندي في العام 1950 عن طريق الجمعية التأسيسية. وقد شملت الجمعية التأسيسية عددا من البارزين في مجال القضاء والمحامين والخبراء الدستوريين والمفكرين السياسيين،واستمرت تعمل لمدة ثلاث سنوات تقريبا, وناقشت بصورة مسهبة قضية النظام الانتخابي الذي يجدر تبنيه قبل اختيار نظام "الفائز الأول" بشكل نهائي .لقد تمت دراسة مختلف نظم التمثيل النسبي,واجتذبت العديد من المدافعين والانصار ،مع معرفة تنوع المجتمع الهندي وما يشتمل عليه من تعددية عرقية .لقد حظي نظام "الفائز الأول" بالاختيار ،لتجنب تفتيت الهيئات التشريعية ،والمساعدة على تشكيل حكومات مستقرة،لان الاستقرار عنصر رئيسي في بلد نامي تنتشر فيه الامية والفقر على نطاق واسع .ينص الدستور الهندي على ممارسة كافة المواطنين لحق الانتخاب،بدءا من سن 18 سنة، ما عدا من يحضر عليهم ذلك بخلاف موضوع السن .ويقوم الناخبون بانتخاب 544 عضوا في "لوك سابها "اي المجلس الادنى،من دوائر منفردة العضوية .وتتبع كافة الولايات الهندية - التي تبلغ 25 ولاية – نظاماً مشابها .وجرى في المقابل،"راجيا سابها"،اي المجلس الاعلى من البرلمان ،ومجالس الولايات وغيرها من الهيئات العليا المماثلة في الولايات ،انتخاباً على نحو غير مباشر عن طريق الجمعيات التشريعية بالولاية . ويقوم اعضاء البرلمان والجمعيات التشريعية في الولاية ايضاً بانتخاب الرئيس ونائب الرئيس (غير التنفيذيين ) .تنعقد الانتخابات العامة كل خمس سنوات ،ولكن الرئيس يستطيع حل "لوك سابها "،بناء على مشورة رئيس الوزراء قبل انتهاء دورتها ،كما حدث في عام 1971 ، او على اساس الادراك بعدم امكانية تشكيل اي حكومة مستقرة ،كما حدث في عام 1991 .ويتولى رئيس الوزراء مقاليد منصبه لفتره تطول بقدر استطاعته امتلاك ناصية الاغلبية في "لوك سابها ".ولقد تمكنت كافة حكومات حزب المؤتمر المتعاقبة ،التي حكمت الهند على نحو متواصل حتى عام 1977 ،من اداء الخدمة لفترة كاملة . وكانت الحكومات منذ عام 1977، اقل استقرارا،واضطر عدد من رؤساء الوزارة الى الاستقالة قبل استكمال دورتهم نتيجة للانقسامات الحزبية او سحب الثقة .وفي حين تعتبر العملية الانتخابية حرة وعادلة على نطاق واسع ،وتتميز اللجنة الانتخابية باستقلالها وامتلاكها لسلطات واسعة ،ما تزال هناك مشكلات جدية . ويبدوا ذلك على نحو خاص في بعض الجيوب الريفية الشمالية  بالهند، حيث ان النخبة الغنية الوافدة الى هذه المواقع لا تتيح لفقراء الريف الادلاء بأصواتهم ،وغالباً ما تقع نقاط الاقتراع تحت سيطرة عصابات مأجورة ،ويحصل الناخبون على عطايا كالمواصلات المجانية ،ويجري التأثير عليهم بهذه الكيفية ،وينعدم في الوقت نفسه،احترام حدود حجم انفاق كل مرشح .وقد تؤدي الدعوات الطائفية في فترة الانتخابات الى تغذية العنف . ويشكل الهندوس 85% من السكان ,وتشمل الهند ايضا على ما يزيد عن 120 مليون مسلم. ويؤدي تفتت النظام الحزبي الى ارتفاع شعبية الاحزاب المتطرفه . كان التأثير الرئيس لنظام الانتخابات ,حتى عام 1977 على الاقل, يكمن في ضمان حكومات للاغلبية مرتكزة على دعم الاقلية . وقد اسفر نظام "الفائز الأول " عن تأمين حزب المؤتمر الحاكم للاغلبيات المستقرة في "لوك سابها "ضد معارضة مجزأة عادة . وقد تلاشت أغلبية حزب المؤتمر منذ عام 1977 ,عندما اتحدت احزاب المعارضة في ائتلافات وتحالفات ,وبدأت بالاشتراك في تقديم مرشحين ضد مرشحي حزب المؤتمر كما ان الوضع في الانتخابات العامة في 1977 و1989 ).وعلاوة على ذلك ،فان طبيعة النظام تعني ان التغيرات الصغيرة في حصة التصويت ،عادة ما تؤثر تأثيرا دراماتيكيا على شكل البرلمان الناتج .فعلى سبيل المثال ،انخفضت حصة حزب المؤتمر بدرجة كبيرة مع انخفاض ضئيل في عدد الاصوات ،

 

 

 

 

 

 

كما يوضح لنا الجدول التالي :-                

سنة الانتخابات العامة

نسبة المجموع الكلي للاصوات المقترعة عن طريق حزب المؤتمر

النسبة المئوية للانخفاض في الاصوات المقترعة

عدد المقاعد التي تم الحصول عليها

النسبة المئوية للانخفاض في المقاعد

1971 (فائز)

7,43

-

352

-

1977 (خاسر)

52,34

39,36%

154

56,25%

1980 (فائز)

42,7

-

353

-

1984 (فائز)

48,10

-

405

-

1989 (خاسر)

39,53

19,49%

197

51,36%

1991 (فائز)

36,5

-

232

-

1996 (خاسر)

28,8

21,10%

140

39,66%

 

 

لم تكن نتائج "لوك سابها "الكلية تناسبية أبدا فلقد تم انتخاب المرشح الذي حصل على اغلب الأصوات ,وليس بالضرورة غالبية الأصوات المقترعة ويأتي التأييد للمرشحين عادة من الطائفية نفسها أو لأسباب دينية او جغرافية .وعلى الرغم من الطبيعة الانقسامية لديمقراطية التعددية العرقية .فقد احتفظت النظم الانتخابية بدرجة كبيرة من المساندة .ويرجع ذلك جزئياً للممارسة الخاصة باحتجاز الأصوات للمجموعات المحرومة اجتماعياً . يحتجز الدستور الهندي 22% من اجمالي المقاعد للجماعات المحرومة تاريخياً ,وهي ما يعرف باسم "الطوائف الطبقية المجدولة "(79 مقعداً ) والقبائل المجدولة في هذه الدوائر إن يخوض المنافسة .رغم ان كل الناخبين يملكون حق التصويت .وقد ضمنت هذه الممارسة توافق تمثيلهم البرلماني مع نسبتهم بين السكان . وتجري حالياً دراسة تعديل دستوري يتسع الى احتجاز 33% من المقاعد لتمثيل المرأة .لقد اتضح مدى عمق المساندة الشعبية لسلامة النظام الانتخابي في عام 1977 ,عندما ألغت المحكمة انتخاب صاحب منصب رئيس الوزراء ,انديرا غاندا ,بعد فوز حزب المؤتمر بثلثي الأغلبية الشرعية في عام 1971 ,وكانت استجابة انديرا غاندا ,بعد فوز حزب المؤتمر بثلثي الأغلبية الشرعية في عام 1971 ,وكانت استجابة انديرا تتمثل في إلغائها الحقوق الدستورية الأساسية لمدة عامين (1975 -1977 ),وهي فترة حكم متسلط هامة في تاريخ الهند في مجال الديمقراطية الانتخابية .وقد خسرت حكومته السلطة عبر اقتراع عادل في عام 1977 ,مما كان يشير إلى عدم استعداد الناخبين الهنود لقبول الممارسات غير الديمقراطية .وقد واكبت انتخابات عام 1977 أيضاً عصرا جديدا من عدم الاستقرار في السياسية الهندية .كان حزب المؤتمر منذ عام 1977 ,قادر على اكمال دورات المنصب في ضل حكم انديرا غاندي (1980 -1984 ),وراجيف غاندي (1984 – 1990 ),وناراسيمها راو (1991 -1996 ) ولم تنعكس قوة النظام الانتخابي عن طريق بروز بديل حيوي لا ينتمي لحزب المؤتمر على المستوى القومي .فلقد فازت أحزاب المعارضة ,غير المنتمية لحزب المؤتمر – ما عدا الشيوعيين ,بالحكومة في عام 1977 ,وذلك عن طريق توحدهم في كيان مركب- حزب حانتا .ولكن هذا الحزب انقسم بعد عامين .وجاء الى السلطة بعد ذلك في كانون الأول 1989 حزب حانتا دال بدعم الأحزاب الشيوعية وحزب الإحياء الهندية "بهارتيا حانتا " استمرت هذه الحكومة لمدة عشر شهور .وفي الانتخابات الهندية العامة لعام 1996 ,لم يكن هناك من هو قادر على تشكيل حكومة مستقرة .فقد فاز حزب "بهارتيا حانتا " ب 161 مقعدا ,في حين فاز حزب المؤتمر 140 مقعدا .وقد حدث أمران غير مسبوقين ,نتيجة هذه الانتخابات .أولهما :طلب رئيس الهند من حزب المعارضة الرئيس ,حزب "بهارتيا حانتا ", وهو حزب يميني مناصر لحزب الهندوس, تشكلت الحكومة للمرة الأولى .ولكن غالبية الأحزاب السياسية الأخرى ,التي اعلنت عنها هذه الأحزاب,مثل حزب بهارتيا حانتا من الوصول للسلطة اتحدت معاً حتى لا يتمكن حزب "بهارتيا حانتا" من حشد اغلبية صريحة على أرضية "لوك سابها " وبالتالي فان تحالفا من 13 حزب ,بإيديولوجيات شديدة الاختلاف ,وشكلت الحكومة تحت لواء الجبهة المتحدة . وبكلمات اخرى لم يكن بمقدور اكبر الأحزاب والثاني اكبر الأحزاب ,إن يشكل الحكومة .إن الانتخابات العامة ,في ظل نظام "الفائز الأول" , عام 1996 – اي في إطار النظام الانتخابي نفسه الذي جلب الاستقرار عام 1977 – قد دخلت إلى عصر من الاستقرار وعدم اليقين السياسي . 

تصويت الكتلة :  

إن تصويت الكتلة بكل بساطة هو استخدام تصويت "الفائز الأول" في دوائر متعددة العضوية .يمتلك كل ناخب عددا من الأصوات يماثل عدد المقاعد الشاغرة ,وعادة ما يتمكن الناخبون من حرية التصويت للمرشحين بصورة فردية ,بغض النظر عن الحزب الذي ينتسبون إليه .ويمكن ان يتم خلال معظم نظم تصويت الكتلة ,استخدام أي قدر,ضئيل او كبير ,من الأصوات .وقد استخدمت السلطة الفلسطينية في حزيران عام 1997 أسلوب تصويت الكتلة ,كما استخدمت برمودا ,وفيجى ,ولاوس,ويفرجن ايرلندا التابعة للولايات المتحدة ,وتايلاند,وجزر المالديف ,والكويت, والفلبين,وموريشيوس .كما تم استخدام هذا النظام في الأردن أيضا في عام 1989 ,وفي منغوليا في عام 1992 .وقد قام كل من هذين البلدين بتغيير هذا النظام ,نتيجة للشعور بعدم الراحة إزاء النتائج التي اسفر عنها .كما كان عدد قليل من المقاعد في المجلس العموم البريطاني ,وعلى نحو خاص ,مقاعد الجامعة ,يتم انتخابها ,حتى عام 1954 ,عن طريق تصويت الكتلة .وعادة ما يحظى تصويت الكتلة بالاستحسان نظر لاحتفاظه بقدرة الناخب على التصويت للمرشحين بصورة فردية ,فضلا عن السماح بدوائر جغرافية ذات حجم مقبول ,كما يؤكد في الوقت نفسه على دور الأحزاب ,ويعمل على دعم تلك التي تبدو أكثر تماسكاً وقدرة ,من الناحية التنظيمية .وعندما يقوم الناخبون بالأدلاء بأصواتهم كلها لمرشحين حزب منفرد ,وهو ما يكون عليه الحال عموماً ,يميل النظام للمبالغة في المساوئ "النظام الأول", وخاصة من ناحية عدم تناسبية .فقد فازت المعارضة السابقة في موريشيوش عامي 1982 و1995 ,على سبيل المثال,بجميع مقاعد الهيئة التشريعية, بمعدل يصل إلى 64% و65% من الأصوات على الترتيب .وأدى ذلك الى خلق صعوبات كبيرة لم تمكن النظام البرلماني من القيام بإعمالة بفعالية ,على أساس مفاهيم الحكومة والمعارضة .وتتجه الفلبين بعيدا عن نظام التصويت الكتلة نحو نظام التنفيذ النسبي لأسباب مماثلة .

تصويت الكتلة الحزبية : هناك 6 بلدان تستخدم نظاما انتخابيا يقع بين نظام "الفائز الأول" ونظام "تصويت الكتلة "لانتخاب عدد من اعضاء البرلمان فيها .ومنها جيبوتي ولبنان ,ولانتخاب جميع الأعضاء تقريباً كما هي الحال في سنغافورة وتونس والإكوادور والسنغال .وسنشير لهذا النظام باسم تصويت الكتلة الحزبية. وكما هو الحال في نظام "الفائز الأول ", يمتلك الناخبون صوتا واحداً .ولكن,بخلاف نظام "الفائز الأول ",توجد دوائر متعددة العضوية ,ويختار الناخبون بين قوائم مرشحي الأحزاب ولا يختارون الأفراد .ويحصل الحزب الذي يفوز بأكثر الأصوات على كل مقاعد البرلمان في الدائرة ,ويتم قائمة المرشحين بصورة كاملة .كما هو الحال في نظام "الفائز الأول",لا توجد اي متطلبات للفوز بأغلبية مطلقة من الأصوات .يجري استخدام تصويت الكتلة الحزبية في بعض البلدان لضمان التمثيل العرقي المتوازن,كونه يتيح للأحزاب تقديم قائمة متنوعة عرقيا أو دينيا من المرشحين للانتخابات .وفي لبنان ,على سبيل المثال,ينبغي ان تشتمل كل قائمة حزبية على خليط من المرشحين من مختلف الجماعات الدينية .وتوجد في سنغافورة العديد من الدوائر المنفردة ومتعددة العضوية .وينتخب أعضاء البرلمان لمقاعد العضوية المنفردة عن طريق نظام "الفائز الأول",في حين إن غالبية أعضاء البرلمان يتم انتخابهم من الدوائر المتعددة العضوية , والمعروفة باسم دوائر تمثيل الجماعات ,والتي تسفر كل منها عن 3-6 أعضاء من قائمة منفردة لحزب او مرشح منفرد .ويجب إن يكون عضو واحد من جماعة ملايا او جماعة هندية او أي جماعة أقلية أخرى على الأقل من بين مرشحي كل حزب او قائمة لمجموعة .ويختار الناخبون بين مختلف هذه القوائم من المرشحين بصوت واحد .في حين يقوم كل ناخب بالتصويت لمرة واحدة ,يختار الناخب في معظم الدوائر جميع الأعضاء من خلال صوت واحد .وتستخدم سنغافورة أيضاً مقاعد "أفضل خاسر " لمرشحي المعارضة في بعض الظروف ,وهو الأمر الذي اعتمدته أيضاً الإكوادور .فإذا ما فاز حزب يحتل المرتبة الثانية بنصف أصوات الحزب الأول ,تجرى مكافأته بمقعد. تتمثل مميزات نظام تصويت الكتلة الحزبية بسهولة استخدامه ,كما انه يشجع الأحزاب القوية ,ويتيح للاحزاب إعداد سجل مختلط من المرشحين لتيسير تمثيل الأقلية .ويكمن عيبه الأساسي في النتائج "ألاغلبية الفائقة "حيث يمكن لحزب واحد إن يفوز تقريباً بكل المقاعد بأغلبية بسيطة في الأصوات .فيكون من المعتاد معدل 61% من الأصوات لحزب العمل الشعبي في انتخابات سنغافورة عام 1991 ,على سبيل المثال ,إلى حصوله على 95% من المقاعد البرلمانية .

التصويت البديل : 

يمثل نظام التصويت البديل نظاماً انتخابياً غربيا نسبيا ,وغير شائع ولا يستخدم غالياً إلا في استراليا فقط ,وبأسلوب معدل في "ناورو" .كما تم استخدامه أيضا في انتخابات عامة في بابوا غينيا الجديدة ما بين عامي 1964 وعام 1975 (راجع دراسة حالة بابوا غينيا الجديدة ). تمت التوصية به كنظام انتخابي جديد في عام 1996 في دولة فيجي .وهو يعد مثالاً جيدا لتوضيح الانتشار الإقليمي للنظم الانتخابية التي تمت مناقشتها سابقاً :فلقد استخدم نظام التصويت البديل في السابق وفي الحاضر ,ومن المرجح في المستقبل في جميع انحاء منطقة اوسيانيا".

تعقد انتخابات التصويت البديل عادة في دوائر منفردة العضوية ,مثل الانتخابات في ظل نظام "الفائز الأول ". ورغم ذلك , يعطي التصويت البديل للناخبين خيارات اكبر بكثير من خيارات نظام "الفائز الأول "عند ملء ورقة الاقتراع .فبدلا من أشارة الناخب إلى المرشح المفضل ,يقوم في ظل نظام التصويت البديل بترتيب المرشحين طبقا لاختياراته ,عن طريق كتابة الرقم "1" على افضل مرشح ,ورقم "2"على الاختيار الثاني ,ورقم "3" على الاختيار الثالث ,وهكذا .ويتيح هذا النظام للناخبين التعبير عن اختيارهم المفضل من بين المرشحين ,وليس ذكر الاختيار الأول فقط .ولهذا يعرف هذا النظام في البلدان التي تستخدمه عادة باسم "التصويت التفضيلي " .ويختلف التصويت البديل "أيضا عن النظام "الفائز الأول" في الطريقة التي يتم بها عد الأصوات .ويفوز المرشح بالأغلبية المطلقة (50%+1),. ويتم انتخابه مباشرة مثل نظام "الفائز الأول" او نظام "الجولتين" .واذا لم يحصل اي مرشح على اغلبية المطلقة ,في ظل نظام "التصويت البديل" ,يتم استبعاد المرشح الذي يحصل على اقل رقم تفضيلي أولا من العد ,ويتم فحص أوراق اقتراعه حسب التفضيل الثاني ,وتنسب عندئذ للمرشحين الباقين في الترتيب .وتتكرر هذه العملية ,حتى يحصل احد المرشحين على اغلبية مطلقة ,ويتم انتخابه على النحو الواجب .ولهذا السبب ,عادة ما يتم تصنيف "التصويت البديل" كنظام للأغلبية ,اذ يتطلب المرشح أغلبية مطلقة من كل الأصوات المعطاة وليس تعددية فقط ,لضمان وتأمين المقعد .وتكمن احدى ميزات تحويل أوراق الاقتراع ,في توفير إمكانية تراكم اصوات عدد من الناخبين ,وإتاحة الاشتراك لعدد من المصالح المتنوعة ,وان كانت مرتبطة ,حتى يتم الفوز بالتمثيل .كما يعمل نظام "التصويت البديل " أيضا على تمكين المرشحين ,الذين لا يملكون سوى أمل قليل في النجاح,من خلال أصوات التفضيلات الثانية والأخيرة من انتخاب مرشح رئيس .ولهذا السبب,عادة ما يقال ان نظام "التصويت البديل " يعد أفضل نظام انتخابي في المجتمعات التي تسود فيها الانقسامات الكبيرة .إذ انه لا يجبر المرشحين على البحث عن أصوات أنصارهم فحسب ,أنما أيضا عن الأصوات الموجودة في "التفضيل الثاني" من بين الأخرى .ولأجتذاب هذه الأصوات ,يتوجب على المرشحين عن اهتماماتهم على نطاق واسع لكافة القضايا والمصالح ,وليس التركيز على الطائفية او المتطرفة الضيقة فقط .إن تجربة "التصويت البديل " في المجتمع الاسترالي المستقر نسبيا ,كانت تميل أيضا إلى تأييد تلك الأطروحات :فالأحزاب الرئيسة ,على سبيل المثال ,تحاول بشكل نمطي عقد مساومات مع الأحزاب الصغيرة من اجل الفوز بأصوات التفضيل الثاني لأنصارها قبل الانتخابات - وهي العملية المعروفة باسم "مقايضة التفضيلات ". وعلاوة على ذلك ,ونظرا لمتطلبات مساندة الأغلبية ,ويؤدي نظام "التصويت البديل" إلى زيادة الإجماع المقدم إلى الأعضاء المنتخبين,ويعزز بالتالي من مشروعيتهم .ورغم ذلك, هناك بعض العيوب التي تشوب نظام "التصويت البديل" .فأولا :يتطلب النظام درجة معقولة من معرفة القراءة والكتابة والإعداد .ولاكنه يعمل في ظل دوائر منفردة العضوية ,فمن الممكن ان يسفر عن نتائج غير تناسبية عند مقارنتها بنتائج نظام "التمثيل النسبي".ثانيا: من المشكوك فيه ,إن يروج نظام "التصويت البديل" لسلوك توفيقي في المجتمعات التي يسودها الانقسام ,حيث تتركز المجموعات العرقية في مناطق جغرافية معينة ,وكما اشارت المناقشة السابقة لاستخدامه في مجلس الشيوخ الاسترالي في الفترة الواقعة بين 1919 وعام 1946, فقد اتضح ان هذا النظام لا يعمل بشكل جيد إذا ما تم تطبيقه على دوائر كبيرة متعددة العضوية,والاستثناء الوحيد هنا هو "ناورو",التي تستخدم صيغة معدله من النظام "التصويت البديل ",وفي دوائر مزدوجة العضوية غالباً .ولا يوجد في النظام المتبع في ناورو أي حذف,ويتم إحصاء التفضيلات باعتبارها "أصوات كسرية " فالتفضيل الأول قيمته "1" والتفضيل الثاني قيمته 1/2 والثالث 1/3 ....وهكذا وإذا لم يحصل مرشح على أغلبية مطلقة في التفضيل الأول ,فأن أصوات التفضيل المقال منه مرتبة تعد قسما او جزءاً متمما (ومن ثم يفوز بالمقعد المرشحون الحاصل على اعلى المجاميع ). ومن الناحية أخرى ,تشير التجربة "التصويت البديل" في بابوا غينيا الجديدة في استراليا ,إلى ان هذا النظام يشجع السياسات الوسطية المعتدلة,ويعمل على تمكين المصالح المتنوعة من التكامل , وهو النمط الصحيح للبيئة الاجتماعية التي يمكن ان توفر حوافز هامة للسياسات التوفيقية والتعاونية .

بابوا غينيا الجديدة :- 

الحوافز الانتخابية للتوفيق بين المجموعات العرقية ا

استخدمت دولة بابوا غينيا الجديدة،- الواقعة في جنوب المحيط الهادي ،- نوعين مختلفين من النظم الانتخابية :نظام "التصويت البديل" وذلك في الفترة الممتدة من عام 1964 الى عام 1975،عندما كانت تحت السيطرة الاسترالية،ونظام"الفائز الأول" بدءا من عام 1975 وما تلاها،عندما حصلت على استقلالها .وتثير تجربتها الاهتمام لعدد من الاسباب .اولاً: تعد بابوا غينيا الجديدة واحدة من البلدان النامية القليلة التي تمتلك سجلاً دائماً من الانتخابات التنافسية المستمرة ،فضلا عن عدد كبير من التغيرات السلمية التي طرأت على الحكومة .ثانياً :نتج عن عملية الانتقال من نظام انتخابي لاخر سلسلة من التبعات غير المتوقعة،التي توضح الاثار المختلفة الممكن ان تنجم عن النظم الانتخابية .لقد ورثت بابوا غينيا الجديدة نظام "التصويت البديل" من النظام الاسترالي، واستخدمته في ثلاث انتخابات :في الاعوام 1964،1968،1972 .وتتسم بابوا غينيا الجديدة على خلاف استراليا،بدرجة عالية من الانقسام العرقي .وتؤكد تجربتها في الانتخابات الثلاثة التي جرت في ظل نظام "التصويت البديل" ما يقال عن هذا النظام،وما يمكن ان يوفره من عملية توفيق واعتدال بين الجماعات العرقية في المجتمعات عميقة الانقسام .ويرجع ذلك الى الطبيعة التفضيلية لنظام "التصويت البديل" ،والتي لا يعبر الناخبون في اطارها عن اختيارهم الاول للمرشح فحسب،وانما ايضا عن اختيارهم الثاني واختيارهم الاخير .ونظرا لارتكاز بابوا غينيا الجديدة على المجتمع العشائري،يعطي الناخبون ،في ظل نظام "التصويت البديل "اول تفضيل لمرشح العشيرة او "البيت" .ولم يتمكن أي مرشح منفرد من الفوز بالعديد من المقاعد بأغلبية الاصوات،بل كانت هناك حاجة الى تفضيل ثانٍ من بين مجموعات اخرى ايضا .وللقيام بذلك،يتأتى على المرشحين تقديم انفسهم كاختيار جديد "ثانٍ" للمجموعات العشائرية الأخرى مما يعني،وجود شخص يعي مصالح كافة المجموعات والجماعات،وليس مصالح جماعته فحسب .وهذا يعني ايضا ان المرشحين الذين قاموا بالتعاون المشترك وتشكيل جماعات،يمكن ان يحققوا نجاحاً اعلى من المرشحين الذين حاولوا الفوز بالمقعد على اساس تصويت ناخبيهم فقط .وهو الامر الذي يعطي الكثير من المرشحين حافزاً للعمل باسلوب توفيقي مع العشائر الاخرى .كما تؤكد اليات النظام ايضا ان المرشح الفائز يحصل على تأييد الاغلبية المطلقة من الاصوات .ونجد في عدد كبير من الحالات ان المرشح الفائز لم يكن ذلك المرشح الذي يتمتع بأكبر "كتلة" من الانصار،وانما المرشح الذي يتمكن من بناء جسور الدعم عبر العديد من الجماعات.وقد قامت بابوا غينيا الجديدة بتغيير نظامها الانتخابي الى النظام "الفائز الأول" عندما حصلت على استقلالها  عام 1975،لاعتقادها بأن ذلك النظام هو نظام أكثر سهولة، وله اثار مشابهة لنظام "التصويت البديل" .وعلى اية حال،فان الحوافز المتعددة التي يقدمها "الفائز الأول" الجديد ادت الى نتائج مختلفة تماما عن النتائج المتوقعة .فقد اصبح المرشحون لا يحتاجون الى اغلبية مطلقة من الاصوات لاحراز النجاح،وعادة ما يفوز المرشح من العشيرة الاكبر بالمقعد مباشرة،ولا توجد اية حوافز للتعاون مع أي شخص اخر كما يزداد العنف الانتخابي ،اذا كان في مصلحة بعض المرشحين منع مؤيدي المعارضة من التصويت،بدلاً من شن حملات من اجل الحصول على اصوات التفضيل الثاني لديهم،كما كان الحال في ظل نظام "التصويت البديل" .وعلاوة على ذلك،ونظراً لوجود عدد كبير من العشائر التي تحاول الفوز بمقعد ،فقد تعلم المرشحون كيفية الفوز بقدر محدود من التأييد،بحيث تم انتخاب ما يقرب من نصف البرلمان في بابوا غينيا الجديدة عام 1992،بأقل من 20% من الاصوات – وحصل احد المرشحين الفائزيين على حوالي 6,3%. ويشيع الان تشجيع المرشحين على "تقسيم" اصوات العشيرة السائدة،وهو الأمر الذي ادى بالعديد من المراقبين والساسة الى الدعوة للعودة مرة اخرى لنظام "التصويت البديل". وتوضح حالة بابوا غينيا الجديدة مدى اعتماد النظم الانتخابية على بنية المجتمع الذي تستخدم فيه .فرغم استخدام نظام "الفائز الأول"كان لدى بابوا غينيا الجديدة نظاما حزبيا مائعاً،يتركز على الافراد وليس على الايديولوجيات، كما كانت كافة الحكومات حتى الان ضعيفة التحالف،الا ان ذلك قد تغير على اساس ما يجري في البرلمان والانتخابات ايضاً .وقد اسفر نظام التمثيل على اساس العضوية المنفردة على الاطاحة الى حد بعيد بالساسة من الانتخابات السابقة،فضلاً عن احساس قوي بالتعرض للمحاسبة امام الناخبين من جانب الاعضاء المحليين.ورغم ذلك،ينتشر الاحساس في ظل نظام "الفائز الأول"،هي مجال تركيزة الاساسي .

نظام الجولتين : ان نظام الجولتين هو النوع الاخير من نظم الاغلبية التعددية المستخدم في الانتخابات البرلمانية،وهو يعرف ايضاً باسم نظام "التصفية" او "الاقتراع المزدوج ".ويشير كل اسم من هذه الاسماء الى السمة المركزية للنظام :انه ليس انتخاباً لمرة واحدة ،وانما يكون على جولتين ،تفصل بينهما في العادة فترة اسبوع او 15 يوماً .وتجري ادارة الجولة الاولى بطريقة انتخابات "الفائز الأول" العادية نفسها .واذا ما حصل مرشح على اغلبية مطلقة من الاصوات ،يمكن عندئذ انتخابه بدون الحاجة الى اقتراع ثانٍ .اما اذا لم يحصل اي مرشح على اغلبية مطلقة،فتجري ادارة انتخابات جولة ثانية من التصويت ،ويتم الاعلان عن الفائز في الجولة الثانية باعتباره منتخباً وتختلف تفاصيل ادارة الجولة الثانية عند التطبيق من دولة الى اخرى .وان الطريقة الاكثر شيوعاً،هي المستخدمة في اوكرانيا ،وهي تجعل الجولة الثانية من التصويت مسابقة "للتصفية " المباشرة بين الفائزيين اللذين يحصلون على اعلى الاصوات من الجولة الاولى .ويسمى هذا النظام بنظام تصفية الاغلبية (راجع دراسة حالة اوكرانيا ).ويسفر نظام الانتخاب هذا عن نتيجة تتسم بالاغلبية عن حق،ويحصل فيها احد المرشحين بالضرورة على اغلبية مطلقة من الاصوات،ويتم الاعلان عنه باعتباره الفائز .وتستخدم فرنسا صيغة من هذا النظام في انتخاباتها التشريعية .وفرنسا هي البلد الذي يقترن به عادة نظام الجولتين .ويحق في هذه الانتخابات ،لاي مرشح حصل على اصوات تزيد عن 12,5% من الناخبين المسجلين في الجولة الاولى ،الدخول في انتخابات الجولة الثانية .ويتم الاعلان عن الفائز بأعلى عدد من الاصوات في الجولة الثانية كمنتخب،بغض النظر عن حصوله او عدم حصوله على الاغلبية المطلقة .ولا يمثل هذا النظام نظاماً للاغلبية عن حق،على خلاف نظام تصفية الاغلبية بشكل مباشر ،اذ قد يوجد 5 او 6 مرشحين متنافسين في الجولة الثانية من الانتخابات .ونشير اليه باعتباره احدى صيغ الاغلبية التعددية لنظام الجولتين .ويتم استخدام نظام الجولتين في انتخابات ما يزيد عن 30 من البرلمانات الوطنية ،ويعد من اكثر الوسائل شيوعاً لانتخاب الرؤساء .وعلاوة على فرنسا ،هناك العديد من الامم المستقلة الاخرى التي تستخدم نظام الجولتين .وجميع هذه الامم استقلت عن الجمهورية الفرنسية او كانت تقع تاريخيا تحت النفوذ الفرنسي بشكل او بأخر .ونجد ان هذا النظام يستخدم في دول افريقيا شبه الصحراوية التي تتحدث بالفرنسية:جمهورية افريقيا الوسطى ومالي وتوجو وتشاد والجابون وموريتانيا والكونغو .ونجد انه يستعمل ايضا في مصر في شمال افريقيا .اما كوبا وهايتي وكيريباتي وجزر القمر،فتستخدم ايضا نظام الجولتين في انتخاباتها التشريعية،كما تفعل بلدان الكتلة السوفيتية السابقة مثل :روسيا البيضاء،وقيرغيزستان ،ومقدونيا ،وطاجاكستان،واوكرانيا ،واوزباكستان .ومما لا يثير الاستغراب،ان فرنسا تشترك مع موناكو في غرب اوروبا في استخدام نظام الجولتين .اما البانيا وليتوانيا فتستخدم نظام الجولتين الى جانب استخدام قائمة التمثيل النسبي كجزء من نظامها المزدوج .بينما تستخدم المجر نظام الجولتين لتقرير نتائج العنصر الانتخابي بدائرة الاغلبية بنظامها للتمثيل النسبي التناسبي للعضوية المختلطة .وربما يثير الدهشة ،ان نعرف ان نظم الجولتين هي ثالث اكثر النظم شعبية بين الحالات الشائعة في الدول التي يبلغ عددها 211 دولة،وهي التي نقوم بتحليلها في هذا الدليل .ان هذا النظام يمارس ضغوطا كبيرة على الادارة الانتخابية عن طريق ضرورة ادارة انتخابات ثانية بعد مرور فترة قصيرة من الانتخابات الاولى،مما يزيد من تكلفة العملية الانتخابية بصورة عامة .وبالاضافة الى ذلك،هناك فترة زمنية فاصلة بين عقد الانتخابات والاعلان عن النتائج،وهو ما يمكن ان يؤدي الى عدم الاستقرار وعدم اليقين .كما يضع نظام الجولتين على الناخب عبئاً اضافيا،وقد تحدث فجوة بين الجولتين في فرنسا يسفر عن نتائج غير تناسبية أكثر من أي ديمقراطية اخرى في الغرب .ورغم ذلك ،يتصف هذا النظام بعدد من المميزات .فهو يتيح اولاً وقبل كل شيء،للناخبين فرصة ثانية لاختيار مرشحهم ،او حتى لتغيير رأيهم بشأن اختيارهم المفضل بين الجولتين الاولى والثانية .كما انه يشترك في بعض الملامح مع نظم التفضيل،مثل نظام "التصويت البديل"،الذي يطلب فيه الناخبين ترتيب المرشحين،بينما يتيح لهم،في الوقت نفسه،  تحديد اختيار جديد بالكامل في الجولة الثانية ،اذا ما رغبوا في ذلك .ثانياً :انه يشجع مختلف المصالح على التحالف في الجولة الثانية من التصويت،خلف المرشحين الناجحين من الجولة الأولى،وبالتالي يعمل على تشجيع المساومات والصفقات بين الاحزاب والمرشحين .كما انه يعمل على تمكين الاحزاب والناخبين من الاستجابة للتغيرات التي تطرأ على الساحة السياسية بين الجولتين الاولى والثانية من التصويت .ويعمل نظام الجولتين اضافة  لذلك على تقليص مشكلات "قسيمة الاصوات" .وهو الموقف نفسه في ظل انتخابات "الفائز الأول"،حيث لا "يقسم" أي حزبين متشابهين الاصوات المشتركة بينهما،ومن ثم يتيح ذلك للمرشحين الاقل شعبية الفوز بالمقعد .واخيرا، ونظرا للافتقاد الناخبين لوجود مرشحين مرتبين طبقا للاولوية بأرقام مكتوبة على المربعات الجانبية ،تعبيرا عن الاختيارات الثانية ،قد يكون نظام الجولتين اكثر ملائمة للبلدان التي تنتشر فيها الامية، اكثر من البلدان التي تستخدم الترقيم التفضيلي مثل "التصويت البديل"او صوت واحد متحول ". 

مالي :نظام الجولتين في افريقيا 

قامت دولة "مالي" المستعمرة الفرنسية السابقة، وهي تقع في غرب افريقيا،بعملية انتقال ناجحة نحو سياسة التعددية الحزبية عام 1991 ،بعد ثلاثة عقود من الحكم المتسلط .وكانت الجمعية الوطنية من اهم المؤسسات الديمقراطية الجديدة التي تم تشييدها في تلك الفترة .وهي تضم 129 مقعدا ،يتم انتخاب 116 منها عن طريق الناخبين المحليين،في حين يقوم سكان مالي الذين يقطنون عبر البحار ،بانتخاب 13 مقعدا .ونجد ان المقاعد ال 116 قد خصصت على اساس (مقعد لكل 60000 نسمة) في 55 دائرة انتخابية،تناظر التقسيمات الادارية التي يبلغ عددها 49 ،فضلا عن المقاطعات الست في بامكو العاصمة .ونظرا للتفاوت السكاني في الدوائر المختلفة،يتراوح عدد المقاعد في كل منها من 1 الى 6 مقاعد .وفي حين يسمح النظام بمرشحين ،مستقلين،يطلب من الاحزاب السياسية تقديم قوائم حزبية مغلقة بعدد من المرشحين،يماثل عدد المقاعد المتاحة .ويمارس الناخبون اختيارهم من خلال اوراق اقتراع غير مفيدة ،بحيث يمكنهم التصويت لمرشح واحد مستقل او قائمة حزبية من المرشحين .ويتم استخدام نظام الجولتين والذي يتم بمقتضاه ،في حالة غياب المرشح المستقل او القائمة الحزبية التي تفوز بأغلبية مطلقة في الجولة الاولى ،تنافس الاثنين اللذين اسفرت عنهما الجولة الاولى في الجولة الثانية .والفائز هو الذي تقرره الاغلبية المطلقة .وتتنافس في حالة الدوائر متعددة العضوية ،اعلى قائمتين حزبيتين من الجولة الاولى ،مع القائمة الفائزة في الجولة الثانية ،وتحصل القائمة الرابحة على كل مقعد في الدائرة .ويتم استخدام صيغة مشابهة لاغلبية نظام الجولتين في الانتخابات الرئاسية .اما صيغة التمثيل النسبي المرتكزة الى اعلى "المتبقي" (حصة التقسيم )،فيتم استخدامها في الانتخابات البلدية .وكما هو الحال في الدول الافريقية الناطقة باللغة الفرنسية ،فقد جرت مناقشة موضوع المؤسسات الديمقراطية الجديدة في دولة مالي وطرق اختيارها ،عبر مؤتمر وطني عقد على نطاق واسع ،واشتمل على ثلاثة ممثلين من كل حزب من الاحزاب السياسية المسجلة رسميا .ويمثل النظام الانتخابي الذي برز من خلال هذه العملية ،في مساومة تهدف الى الحفاظ على السلطة السياسية لا للأحزاب الرئيسة الخمسة، وخلق الفرص الانتخابية للاحزاب الاقل عدداً في نفس الوقت .كما يهدف ايضا الى تحقيق توازن الضرورات المتناقضة بشأن تأمين التمثيل السياسي الواسع،واغلبيات حاكمة مستقرة .وهكذا فأن الاقتراح الأول بشأن استخدام نظام الجولتين في الدوائر منفردة العضوية قد شابه الرفض ،بسبب تقليص نفوذ الوجهاء المحليين وتعضيد السيطرة الحزبية على المرشحين .كما رفض ايضاً اقتراح الاحزاب الصغيرة بشأن نظام التمثيل الحزبي،وذلك بسبب امكانية عدم الاستقرار السياسي المسبقة .على كل،فأن تبني صيغة التمثيل الحزبي في الانتخابات البلدية كانت ملائمة للاحزاب الصغيرة ،التي يفتقر اغلبها للدعم الوطني ,ترتكز على اساس إقليمي او محلي . وبالعكس، فقد كان من المعتقد إن نظام تصفية الأغلبية بالجولتين ,في الانتخابات التشريعية يمكن إن يعمل على تشجيع التحالفات بين الأحزاب الصغيرة والكبيرة في الجولة الثانية .ويعكس إتباع صيغة تصفية الأغلبية بالجولتين في الانتخابات الرئاسية إجماعاً في غالبية البلدان الإفريقية،التي ينبغي إن يحصل فيها رئيس الدولة على دعم اغلبية الناخبين .لقد اسفر النظام الانتخابي الجديد في مالي عن عملية انتخابية عادلة وتنافسية في عام 1992 فقد تنافس 23 حزباً من الاحزاب المسلحة رسمياً في الجولة الأولى .بما في ذلك ثلاثة أحزاب سياسية قومية :هي التحالف من اجل الديمقراطية في مالي،والمؤتمر الوطني للمبادرة الديمقراطية ,وان كانا يمتلكان إمكانات التحويل إلى أحزاب على المستوى الوطني ,وهي التجمع من اجل الديمقراطية والتقدم ,والحزب التقدمي السوداني .اما الاحزاب الباقية فتمتلك اسساً اقليمية ومحلية وبدون افاق للدخول في حكومة وطنية دون التحالف مع الاحزاب الخمسة الاخرى .وقد ظهر التنافس جلياً ،حين اسفرت الجولة الاولى عن تقدم 11 من 44 دائرة ،مع فوز خمسة احزاب ب15 مقعداً .واسفرت الجولة الثانية عن النتائج التالية :تمكنت 6 احزاب من بين 10 احزاب متنافسة من التقدم في دائرة واحدة على الاقل ,ومنيت القائمة الحزبية المتقدمة بالهزيمة في 7 دوائر من 44 دائرة .وخسرت الاحزاب الرئيسة الخمسة انتخابات الدائرة في الجولة الثانية في واقع الأمر ،بعد ان كان كل منها في الجولة الاولى .وباقترانه بدخول اعداد كبيرة من الاحزاب الصغيرة ذات الدعم الانتخابي المحدود ,وهي ظاهرة نمطية بالنسبة للديمقراطيات الجديدة التي نشأت بعد فترة ممتدة من الحكم المتسلط ,اسفر النظام الجديد في مالي عن التأثير السياسي المتوقع بشأن عدم التناسب بين الصوت والمقعد والتعددية الحزبية في هذا المجال .ومن ثم فقد افرزت اغلبية الجولتين نسبة مرتفعةمن عدد التناسب (بين المقاعد والاصوات)ودرجة معتدلة من التعددية الحزبية الانتخابية (3,3 من الاحزاب التشريعية الفعالة ).لقد ادى النظام الانتخابي في مالي الى تحقيق توازن في التمثيل والحكم ,ولكنه ادى في ذات الوقت الى خلق معارضة برلمانية قوية .ان استخدام قائمة حزبية مغلقة في الدوائر متعددة العضوية شجعت التحالفات العرقية والاقليمية بين الجماعات التي كانت ستصبح ,بخلاف ذلك ضعيفة سياسياً ومفتتة اجتماعياً .ورغم ذلك فما تزال هناك مجموعة من المشكلات نذكر منها ,اولا يضعف استخدام القوائم الحزبية من روابط الدائرة بالممثلين المنتخبين .ومواجهة العديد من اعضاء البرلمان لضغوط قوية جعلهم يجزئون دوائرهم الى مناطق خاصة بهم لهذا الغرض .ثانياً :تمتلك الجمعية الوطنية طاقة محدودة للرقابة على السلطة التنفيذية طالما تبقى سلطاتها الدستورية ضعيفة بالنسبة للرئاسة التنفيذية القوية .واخيرا, يزداد تعقيد هذه المشكلة عن طريق نسبة كبيرة غير متوازنة (66%) من المقاعد التي فاز بها تحالف الديمقراطية ,الحزب الحاكم القائم ,ويرجع ذلك بصورة جزئية الى الصبغة الانتخابية والاختلافات السكانية، وخاصة في دوائر الريف . وقد اثارت هذه المشكلات مطالب المعارضة بالاصلاح الديمقراطي ,والامر الذي قاد الى مفاوضات سياسية بين الاحزاب المعارضة وحزب تحالف الديمقراطية ,مما اسفر عن اتفاقات حول ثلاث قضايا قبل الانتخابات التشريعية في نيسان 1997 ,وهي: استخدام صيغة التمثيل النسبي لتخصيص بعض مقاعد الجمعية الوطنية (التي أعلن القضاء فيما بعد عدم استخدام دستوريتها ),وزيادة حجمها بنسبة 27%فيزداد عدد المقاعد فيها من 116 الى 147 مقعدا ,مع تقليص الدوائر المنفردة العضوية ,وزيادة المناظرة في الدوائر المتعددة العضوية،  مما يعطي المعارضة درجة اكبر من الفرص الانتخابية،ويخلق لجنة انتخابية ذات تمثيل واسع .ورغم ذلك ،فان اللجنة التي انشئت بصورة واسعة ,لم تكن مستعدة للاضطلاع بتلك المهمة الشاقة الخاصة بادارة الانتخابات التشريعية لعام 1997 والتي وافق التحالف الديمقراطي عليها ,رغم ان النتائج المبكرة تؤكد التنبؤات بشأن هذا الفوز .ان المفاوضات من اجل اجراء ثلاثة تغييرات في النظام الانتخابي ,تشهد على نجاح الديمقراطية الجديدة في مالي في مجال إدارة الصراعات السياسية سلمياً. كما تشير أيضاً إلى اختيار مؤسسات ديمقراطية جديدة واصلاحها ,بصورة لم تكن مقررة مسبقاً ,وعادة ما تتسم النتائج التي يجري التفاوض عليها بشأن التبعيات السياسية المستقبلية بالغموض .وما زال المجال امامنا لكي نرى مدى الاثار المنشودة للاصلاحات الحديثة في النظام الانتخابي عند البدء في تنفيذها .

أوكرانيا 

مخاطر نزعة الأغلبية في الديمقراطية الجديدة  

عقدت أول انتخابات في أوكرانيا بعد ان اصبحت دولة مستقلة في ظل "أغلبية الجولتين ".وقد ادى انهيار النظام السوفيتي في بداية التسعينات إلى خلق العديد من الأحزاب الجديدة التي تسعى الى تأسيس الديمقراطية ,وقيادة أوكرانيا خلال مرحلة الإصلاح الاقتصادي السياسي .ولكن التنوعات الجغرافية في البنية الاقتصادية والعرقية الأوكرانية ,وإضافة الى الانقسامات الإقليمية التاريخية ,أدت الى تشكيل أحزاب متعددة في مختلف إنحاء البلاد ,وخلقت وضعاً أدى إلى وجود العديد من الأحزاب الصغيرة التي تمتلك قوة دعمها من امتدادات إقليمية وعرقية ,أو امتداد الثروة الاقتصادية .ولم تكن الأحزاب في الانتخابات البرلمانية في اوكرانيا عام 1994 ,منظمة على نحو جيد ,ولم تكن تملك فكرة واضحة عن إعداد مؤيديها .ويرجع ذلك الى الكراهية الشعبية الشديدة للنشاط السياسي المنظم ,ورغم التوقع الغالب الذي تحضى به الديمقراطية نادى الشعب في اوكرانيا ,إضافة الى تجربة البلاد في ظل نظام حكم الحزب الواحد في المرحلة الشيوعية . كان ضعف الأحزاب في بداية التنافس بين الاحزاب العديدة ,يعني ان المؤسسات الانتخابية تمثل عنصراً هاما في تشكيل النظام الحزبي الجديد .ووفقاً للقانون الانتخابي ,الذي حكم التنافس عام 1994 ,تم انتخاب نائب واحد من كل دائرة انتخابية ,ثم جرت تصفية بين المرشحين اللذين حصلوا على أعلى عدد من الأصوات ,في حال عدم حصول أي مرشح على اغلبية مطلقة في الجولة الأولى .واعتبر العديد من النقاد في تلك الفترة ,نظام الجولتين وسيلة مثالية للحد من عدد من الأحزاب في البرلمان ,مع إعطاء الأحزاب الصغيرة ,في الوقت نفسه ,فرصة انتخابية اكبر من تلك التي حصل عليها في ظل نظام "الفائز الأول" .وهناك ميزة اخرى للنظام تتمثل في تشجيعه لتشكيل الاتفاقيات التكتيكية بين الأحزاب المتقاربة فكريا في الجولة الثانية، وزيادة التمثيل الكلي لمصالحهم المشتركة إلى أقصى حد .وقد أوضحت نتائج الانتخابات عددا من الشوائب التي تشوب هذا المنطق ,منها:أولا: أدى التجانس الجغرافي لأنصار الحزب الى انتخاب عدد من النواب الذين يملكون اهتمامات إقليمية محدودة ,ترتبط عادة بمصالح جماعة عرقية معينة ,أو قطاع اقتصادي معين.وعندما اجتمع البرلمان ,كان يشتمل على نواب يمثلون ما لا يقل عن 14 حزبا، وهو العدد الذي يزيد كثيراً عما كان يتصوره انصار قانون الأغلبية الانتخابي. وعلاوة على ذلك,فان ميل نظم الأغلبية للمبالغة في حصة المقعد للأحزاب الأخرى ,كان يعني إن الشيوعية الجديدة رغم حصولها على 13 % فقط من الأصوات قد فاز أنصارها بمعدل 23%من المقاعد ,وكان تمثيلهم بالتالي يفوق ما حصلوا عليه من دعم انتخابي حقيقي .وحصلت الأحزاب الصغيرة الجديدة على مقاعد تقل غالبا عن نسبة الأصوات التي تشير اليها شعبيتهم .ثانيا:لم تفعل الانتخابات سوى القليل لدعم النظام الحزبي ,فقد كانت غالبية الأحزاب مكرهة على الدخول في تحالفات في الجولة الثانية ,ذلك أنهم بالغوا في تقدير قوتهم الانتخابية, واعتقدوا إن أداءهم المنفرد سيكون بصورة أفضل .وثاثا سمحت الدوائر منفردة العضوية للعديد من المسؤولين المحليين والشخصيات المعروفة محلياً بالفوز بمقاعد دون إن تربط نفسها بأي حزب محدد .فجاء نصف النواب المنتخبين نتيجة لذلك من المستقلين .إن العدد الكبير من الأحزاب في البرلمان ,إضافة إلى النسبة الصغيرة نسبيا من النواب الحزبيين ,أدى إلى إضعاف المحاسبة الديمقراطية ,وتقليص الاحترام للبرلمان لدى الكثير من الناخبين .وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالقانون الانتخابي في أوكرانيا ,وهي اشتماله على نصوص لا ترد في غالبية القوانين المماثلة ,مثل ضرورة إن تزيد المشاركة الانتخابية عن 50% في أي دائرة حتى يتم اعتبار الأصوات فيها صحيحة ,وضرورة إن يحصل المرشح الفائز على اغلبية مطلقة من الأصوات .وتعني هذه المتطلبات عدم انتخاب نواب على الإطلاق في ربع الدوائر تقريبا ,وهو ما اسفر عن عدم الإعلان عن صحة العديد من الانتخابات. ولم يفز في الحالات الأخرى أي مرشح في انتخابات التصفية بأكثر من 50% من الأصوات ,بسبب قيام العديد من الناخبين بالتصويت ضد كلا المرشحين كشكل من إشكال الاحتجاج .لقد استمرت عملية شغل المقاعد الخالية لمدة عامين مولدة نفورا شعبيا كبيرا .وعلاوة على ذلك كان تقلب الإعداد في الهيئة التشريعية .سببا إضافيا لعدم إمكانية توقع النتائج النهائية ,كما ظلت مناطق عديدة من الدولة بدون تمثيل في تلك الفترة .وبعد انتخابات عام 1994 ,برز اجماع عام من اجل التحول نحو النظم الانتخابية التناسبية لتقليص عدد النواب المستقلين ,وتحقيق استقرار النظام الحزبي والترويج للسلوك التشريعي المتوقع .إن القانون الانتخابي الجديد الذي حكم انتخابات عام 1998 وهو نظام شبه تناسبي متواز بموجبه انتخاب نصف الممثلين عن طريق الفائز الأول ,ثم يتم بمقتضاه انتخاب النصف الأخر من القوائم الحزبية مع وضع 3% كحد للتمثيل .ومن المرجح إن تؤدي هذه التغيرات إلى زيادة فعالية العملية الانتخابية وإنتاج برلمان هيكلي يعمل على تقوية النظام الحزبي .وتتمثل أهم النتائج التي يمكن استخلاصها من حالة اوكرانيا بما يلي :رغم ان النظام التناسبي قد يتسبب عادة في انتشار الأحزاب البرلمانية في الديمقراطيات المتطورة ,فان القوانيين الأغلبية تتيح أيضاً لعدد كبير من الأحزاب الدخول إلى البرلمان إذا كانت ضعيفة ولكنها متميزة جغرافيا كما هو الحال في العديد من الديمقراطيات الجديدة .وعلاوة ذلك لا تفعل نظم الأغلبية سوى القليل لتقوية النظم الحزبية ,لان نقص التعريف بالحزب على نطاق واسع يشجع انتخاب المرشحين المستقلين الذين يمكن إن يتسببوا في عدم وضوح توازن القوى الحزبية بالبرلمان وتقويض استقرار العملية التشريعية.وأخيرا تعطي نظم الأغلبية لهذه الأحزاب – التي تمتلك قواعد تنظيمية وأنصار – ميزات عديدة وتمكنها في حالات عدة إن تكون وريثة للحكم المتسلط .                                                                                                                                                                                                           

           

                                                                                           

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.46973
Total : 101