موازنة مجلس النواب التي صوت المجلس عليها بالإجماع تصويتاً أولياً لا تثير دهشة العراقيين واستغرابهم من أفعال هؤلاء الذين يسمون أنفسهم ممثلي الشعب أنما تثير سخطهم ونقمتهم واشمئزازهم من هذه الطبقة السياسية التي تسلطت على رقاب الشعب والتي لا هَم لهم إلا منافعهما ومكاسبهما وامتيازاتهما وتسخير كل موارد الدولة لخدمتهم وخدمة حواشيهم وعوائلهم ومقربيهم وليذهب الشعب الى الجحيم, فهل يعقل أن يسرق هؤلاء السياسيين كل هذه المليارات من أموال الشعب والعراق يمر بهذه الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي اضطرت الحكومة للاقتراض المعيب بل المهين من مختلف الدول والبنوك لتتمكن من تسديد التزاماتها في الموازنة وتمشية أمور البلاد والعباد وتسديد نفقات الحرب على داعش فيأتي هؤلاء ليستنزفوا أموال الدولة دون خجل أو وجل كمنافع ومخصصات وامتيازات لهم ولحواشيهم في ما يسمونه موازنة مجلس النواب التي تعادل موازنة دولة بكامل التزاماتها واحتياجاتها مثل الأردن أو سوريا , إنها فعلاً كما يقول المثل العراقي ( لا صايرة ولا دايرة), إن فضيحة مجلس النواب هذه لم يسبقهم إليها أي برلمان في العالم وموازنة البرلمان هذه هي استخفاف بالشعب العراقي وبكل قيم ومبادئ العمل السياسي ومبادئ الديمقراطية والنزاهة وقيم ديننا الإسلامي وهي تعكس حقيقة هؤلاء السياسيين ومعدنهم وحجم سرقاتهم لأموال العراق وحقيقة أهدافهم وركضهم وراء منافعهم ومكاسبهم الدنيوية على حساب مصالح أبناء شعبهم ومصالح وطنهم في هذا الظرف العصيب فهم على استعداد لفعل أي شيء لكي يحتفظوا بمنافعهم وامتيازاتهم المادية في الوقت الذي قرروا استقطاع رواتب المتقاعدين المظلومين والموظفين البسطاء الذين لا منافع ولا مخصصات ولا عجلات ولا حمايات لهم مثل ما لدى أعضاء مجلس النواب والسياسيين الآخرين ومع ذلك تم استقطاع جزءاً من رواياتهم الشهرية التي هي بالأساس لا تسد احتياجات عوائلهم مع التصاعد المستمر للمواد الغذائية وكل مستلزمات الحياة الأخرى لكي يساعدوا الدولة في أزمتها المالية فيما ممثلي الشعب يفاقمون هذه الأزمة من أجل مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم ,ولنتطرق الى بعض فقرات الموازنة الكارثية:
اولا- تخصيص ثلاثة مليارات وثلاثة مائة وخمسين مليون دينار للايفادات , أية ايفادات هذه ونحن بهذا المأزق المالي الكبير وما جدوى الايفادت إلا السفر والتنزه والاستمتاع في عواصم الشرق و الغرب .
ثانيا- تخصيص أحد عشر مليار دينار للاتصالات أي لهواتفهم النقالة وهواتف عوائلهم .
ثالثا- تخصيص مليارين وسبعمائة وخمسين مليون دينار للملابس , أية ملابس وهل هم بحاجة الى ملابس وإذا كانت للموظفين فمئة مليون دينار تكفي لذلك.
رابعا- تخصيص أربعة وعشرين مليار دينار لشراء الأثاث وهل يحتاج المجلس الى أثاث بكل هذا المبلغ الكبير في هذا الظرف أعتقد لشراء (قنفة) التي رثاها الجبوري ومايكات لقاعة المجلس .
خامسا- تخصيص خمسة مليارات دينار لشراء سيارات مصفحة وأين ذهبت السيارات المصفحة لرئيس المجلس ونوابه سادسا- تخصيص خمسة وعشرين مليون دينار لشراء دراجات هوائية ليتنزه عليها رئيس المجلس ونوابه ويمارسون بها الرياضة , ألا تستحون ألا تكفيكم رواتبكم ومخصصاتكم لشراء دراجات هوائية لكل من يريد أن يتنزه عليها أو يمارس الرياضة , حتى أموركم الشخصية تصرفونها من أموال الشعب .
سابعا- زيادة ما يسمى تخصيصات الضيافة من ثلاثة مليارات دينار الى عشرة مليارات دينار أية ضيافة هذه التي تكلف هذا المبلغ الكبير وأبناء شعبكم يعيشون على نفايات المزابل ويتسولون في الطرقات
ثامنا- زيادة مخصصات مكافآت الموظفين من تسعة مليارات دينار الى أربعة عشر مليار دينار ومن يكافئ الفقراء والمحتاجين والمرضى والجياع من أبناء الشعب المسحوق , يا جماعة المليار ألف مليون دينار هل عندكم ألف موظف ولو فرضنا هذا العدد و لكل موظف مليون دينار مكــــافئة فالمبلغ أكثر من ذلك بكثير.
والمصيبة الكبرى إن كل أعضاء مجلس النواب صوتوا على هذه الموازنة إلا البعض بما فيهم من يسمون أنفسهم جبهة الإصلاح الذين لا يستطيعون إصلاح حالهم وحال مجلسهم والتصدي لمثل هذه السرقات الكبرى من أموال الشعب في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا وشعبنا فكيف يصلحون أمور الدولة والعملية السياسية , فاتقوا الله إذا كنتم تعرفون الله يا رئاسة مجلس النواب في شعبكم الذي يرضخ أكثر من نصفه تحت خط الفقر وهناك الملايين من الفقراء الذين لا يجدون لقمة عيشهم وهناك من يعيش في مكبات النفايات وهناك من يسكن في بيوت الطين والصفيح وهناك من يتسول في الشوارع وهناك أكثر من ستة ملايين نازح ومهجر في ظروف إنسانية لا تُحتمل لا يجدون ملجأً لهم ولا ما يسدون به رمقهم ورمق عيالهم وأنتم تصرفون المليارات للضيافة والملابس والدراجات الهوائية والسيارات المصفحة والمكافئات , من أية ملة أنتم و على أي دين أو مذهب أنتم ومن أي نوع من البشر كنتم وأصبحتم, تأكلون لحم أخوانكم الموتى بسبب الفقر والجوع والأمراض والتهجير والنزوح وجرائم داعش والميليشيات والعصابات وكأن شيئاً لم يكن ألم تشاهدوا ما حل بشعبكم ووطنكم هل عميت أبصاركم وبصيرتكم عن معانات شعبكم ومأساتهم ومحنة وطنكم وما يتعرض له من أزمات ومخاطر, لا يسعنا إلا أن نقول حسبنا الله فيكم .
مقالات اخرى للكاتب