Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
الإضحاك السياسي.. الاحتجاج بالسخرية والنقد بالتهكم
الخميس, كانون الأول 5, 2013
ثامر عباس

 

"إن من يبلغ ذروة القوة يضحك من مأسي الحياة"نيتشه

 

لطالما اقترنت غرائز عنف الحاكم بهواجس خوف المحكوم ، وتواشجت مظاهر شخصنة الوطن بظواهر زعرنة المواطن ، وتلازمت عوامل تفكك العلاقات بمعطيات تهتك السلوكيات ، وترابطت شعائر تدنيس الثقافات بطقوس تقديس الخرافات ، وتعالقت أنماط خذلان العقل بمشاهد طغيان الانفعالات . وهو الأمر الذي ضربت عليه أبلغ الأمثلة أنظمة السلطنات العربية بمختلف مسمياتها السياسية وتغاير عناوينها الإيديولوجية ، منذ أن شرعت تتسلط على مصائر الناس وتتحكم بخياراتهم ؛ باسم المصالح القومية تارة ، والوحدة الوطنية تارة ثانية ، وضرورات التنمية البشرية تارة ثالثة ، ومستلزمات النهضة الحضارية تارة رابعة .. الخ . للحدّ الذي أضحى معه التعبير عن الهموم الاجتماعية والمعاناة الاقتصادية للإنسان المنتهكة كرامته والمهدورة حياته ، يشكل في عرف السلطة خيانة وطنية عظمى ، تتطلب أن يتصدى لها النظام بكل ضراوة ويعاقب عليها القانون بكل قساوة ، ليس فقط لأنها تعد خروجا"عن مألوف المجتمع وإرباكا"لاستقراره وتهديدا"لأمنه فحسب ، بل لكونها مؤشرا"لانتهاك شرعية تلك السلطة وتجاوزا"على مشروعيتها أيضا". ولذلك فقد اعتبرت مظاهر القمع السياسي والتعصب القومي والتطرف الديني ، التي ما انفكت أنواعها تتناسل وأشكالها تتوالد ، في رحم الواقع العربي الموبوء بشتى ضروب المفاسد والانحرافات ، بمثابة مصادر طبيعية تمتح من معينها بنى الثقافة الشعبية والسيكولوجيا الاجتماعية ، المعول عليهما ليس فقط امتصاص الصدمات وتخفيف الضغوطات ، التي يتعرض لوطأتها كاهل الإنسان المغلوب على أمره فحسب ، بل والمناط إليها مهمة تأجيج مظاهر الاحتجاج وترويج أنماط الممانعة ضد كل ما يمت للأنظمة القائمة بصلة ، عبر تطعيمها بمذاق النكتة الساخرة وتسويقها بنكهة التهكم النقدي ، طالما إن التصدي الفعلي والمواجهة المباشرة لمؤسسات التنكيل السياسي والتكبيل الاجتماعي والتجهيل الديني والتضليل الإيديولوجي والتطبيل الإعلامي ، أضحت  مجازفة ليس من الذكاء تجاهل مخاطرها كما ليس من الحكمة الاستهانة بعواقبها . وعليه فقد اعتبر أستاذ الأثنولوجيا في السوربون (دنيس كوش) إن (( الثقافات الشعبية ، بهذا المعنى ، هي ثقافات احتجاج )) . هذا في اعتبر منظر النقد الأدبي الروسي (ميخائيل باختين) (( إن الثقافة الشعبية هي القناة الأساسية التي تعبّر الجماعات والشعوب من خلالها عن نفسها ، وينتشر هذا التعبير منها بعد ذلك إلى كل المستويات )) . ولعل السائد في الاعتقاد التقليدي إن ظاهرة التفكه والتندر هي من علامات ما يشعر به المرء من حبور ومؤشرات على ما يحس به من انشراح ، عاكسا"بذلك طبيعة البيئة الصحية التي يعيش في كنفها ونمط العلاقات السلمية التي يتغذى على قيمها . وهو ما يبيح الاستنتاج – تبعا"لذلك - إن المجتمعات التي يتعاطى أفرادها الإضحاك وينغمسون في إنتاج الكوميديا ، عبر تداول النكتة وإشاعة الطرفة ، تمتلك من مقومات الرفاه الاجتماعي والكفاية الاقتصادية ، وبالتالي مسوغات السعادة الشخصية والطمأنينة الجماعية ، أكثر مما لدى أقرانها من المجتمعات الأخرى التي يغلب عليها طابع الجفاء في العلاقات والحذر في التوقعات ، بحيث إن مجرد تفكيرها بهذه الأمور وانشغالها بتلك القضايا ، يعدّ ترفا"لا مسوغ للانخراط في مسلكه ، وملهاتا"لا مبرر للارتماء في أحضانها . وهو ما سمح للفيلسوف الفرنسي (هنري برغسون) أن يعطي الانطباع عنه بالقول (( لا يمكن للمضحك أن يحدث هزته إلاّ إذا سقط على صفحة نفس هادئة تمام الهدوء ، منبسطة كل الانبساط ، فللامبالاة وسطه الطبيعي ، وألد أعدائه الانفعال )) . بيد إن حصيلة التجارب والممارسات تشير إلى أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتراكم المنغصات الاجتماعية وتعاظم المعاناة النفسية ، التي يكابد مرارتها ويتلظى بجحيمها الإنسان على مدار حياته ، فضلا"عن الشروط المجحفة والظروف اللاانسانية التي تحيط بوجوده وتؤطر علاقاته ، غالبا"ما تلجأه لابتكار ضروب شتى من التحايل على الواقع للتخفيف من وطأته والهزأ من المجتمع للتلطيف من غربته . ولهذا فقد سبق للفيلسوف الألماني (فردريك نيتشة) أن قال ذات مرة (( ربما أعلم أكثر من غيري السبب في إن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يضحك ، لأنه وحده الذي يتألم أشد الألم الذي أجبره على اختراع الضحك )) . ولأجل أن تكون الفكاهة ذات مغزى نقدي / ساخر ، بحيث تتخطى عتبة مدلولها العفوي / الترفيهي ، وتكتسب من ثم شيفرة التمويه التي تناسب الغرض السياسي المطلوب والغاية الاجتماعية المنشودة ، فان تحقيق هذا المطلب يستدعي تغيير نمط الآلية الذي تمارس من خلاله وظيفتها النقدية / التهكمية ، بحيث تتحول من طابعها الفردي المخصوص إلى نطاقها الاجتماعي العمومي ، وتنزاح من حيزها الانعزالي الضيق إلى رحابها الإنساني الشمولي . ذلك لأن (( الفكاهة – كما جاء بكتاب (الفكاهة والضحك) للباحث المصري الدكتور(شاكر عبد الحميد) – دائما"نشاط اجتماعي ، ويظهر ذلك مثلا"في نتاجات فكاهية كالنكتة ، فلا يستطيع شخص أن يرويها لنفسه ؛ بل لابد من آخر ، أو آخرين ، حتى يكتمل موقف التنكيت . بل انه حتى في تلك الأشكال من الانعزالية من الفكاهة ، أي غير الاجتماعية ، أي التي يستطيع الإنسان الاستمتاع بها بمفرده ، مثل الرسوم الهزلية والقصص الفكاهية ، غالبا"ما يكون هناك تصور بصري لشخص آخر ، أو جماعة أخرى من البشر)) . وهذا ما أكده (برغسون) ذاته في كتابه ( الضحك : بحث في دلالة المضحك) حين أوضح انه (( لكي نفهم الضحك يجب أن نردّه إلى بيئته الطبيعية ، وهي المجتمع ، ويجب خاصة أن نحدد وظيفته النافعة وهي وظيفة اجتماعية )) . وبصرف النظر عن كون إن النكتة اللاذعة هي منتج اجتماعي بامتياز ، إلاّ إن طابعها الساخر لا يستهدف في الغالب سوى الآخر الجواني من المجتمع المعني ؛ سواء أكان آخر السلطة / النظام ، أو آخر الحزب / الجماعة ، أو آخر القومية / العنصرية ، أو آخر الدين / الطائفية ، أو آخر القبيلة / العشيرة ، أو آخر الجهة / المنطقة . لذلك فهي تبقى مدينة في صيرورتها إلى تبلور موقف معارض أو نزوع رافض ، استخدم الحيلة وانتهج التمويه واستعان بالترميز ، لمناهضة وضع قائم أو مقاومة حالة سائدة ، ما انفكا يلقيان بظلالهما الداكنة على وجدان الإنسان ووعيه الجمعي ، لاسيما وان (( الكوميديا – كما أجاد الوصف الشاعر والكاتب المسرحي الإنكليزي (بن جونسون) – تهتم بالانحرافات التي تصدر عن الحماقة ، وتشغل نفسها بالأعمال التي تخرج عن السلوك الاجتماعي )) . بمعنى ثان إن معظم الصيغ السردية الساخرة ( نكتة ، طرفه ، نادرة ، تهكم ) ، لا يمكن أن تفبرك بلا معنى مقصود أو تنسج بلا مغزى مستهدف ، والا لاستحالة إلى نوع من أنواع التهريج الممل والمسخرة السمجة ، وهو الأمر الذي لفت الانتباه إليه رائد مدرسة التحليل النفسي (سيغموند فرويد) ، الذي كتب في دراسة له بعنوان (النكات وصلتها باللاوعي) يقول (( إن النكات التي يطلقها الناس في أساسها نوعا"من (التطهير) أو المتنفس للمكبوت من العواطف ، وليست النكات على هذا النحو مجرد تسلية أو إثارة )) . لذلك فهي ( =الصيغ) تتضمن – وان بصورة مضمرة - وجهة نظر معينة ، تتوخى من خلالها الجماعة ترويج الاستنكار من حيث تروم الترويح ، وتسعى عبرها لتسويق التنديد من حيث تريد التسلية . وعلى ذلك فان الشخص الذي لا يتفاعل مع محيطه ولا يتواصل مع أقرانه ، نادرا"ما يستسيغ النكتة وقلما يستذوق الطرفة ، ليس فقط من باب تبلد إحساسه وتجمد مشاعره حيال ما يجري فحسب ، وإنما من منطلق إيثاره التقية الفكرية واللامبالاة السياسية ، دون أن يخالجه الشك إزاء تبعات ما قد يتمخض عن حالة الهلامية (اللاموقف) ، التي يعتقد بأنها تجنبه بطش السلطة وتقيه غضب السلطان . ولذا فقد عدّ الباحث في شؤون النظرية الأدبية (عبد المطلب صالح) إن (( اللامبالاة تأييد صامت للقوي المسيطر )) . ومما هو جدير بالملاحظة في هذا الإطار هو إن النكتة الساخرة ذات الطابع التحريضي ، لا يقتصر تأثيرها المضحك على حقل اجتماعي دون سواه ، كما لا يتحدد مضمونها التهكمي ضمن سياق دون آخر ، بل إنها تمتلك ما يسوغ لنا وصفه (بالسيولة) بين الأمكنة و(الترحال) عبر الأزمنة ، طالما إن الدافع على وجودها يبقى نفسه ، وان الباعث على تداولها يتكرر ذاته . فحيثما (( توجد حياة – كما ألمح بعبارة مكثفة فيلسوف الوجودية المؤمنة (سورين كيركجارد) – يوجد تناقض ، وحيث يوجد تناقض ، يكون المضحك موجودا")) . ولكي تمارس النكتة وظيفتها النقدية دون أن يفتضح أمرها ، وتجيد بمهارة لعب دور المحرّض دون أن تكشف أوراقها ، فان بنيتها مسوقة لاستبطان كل ما في الرموز من خصائص التمويه للمعنى والتورية للمغزى والتشفير للمعطى ، بحيث يكون من السهولة بمكان تحويل دلالاتها وانتقال ايحاءاتها ؛ من الملموس إلى المجرد وبالعكس ، ومن المقدس إلى المدنس وبالعكس ، ومن الواقع إلى الفكر وبالعكس ، ومن التاريخ إلى الأسطورة وبالعكس ، ومن الخاص إلى العام وبالعكس . وهنا يكون بوسعها أن تطال عوالم الممنوعات السياسية والمحرمات الدينية ، دون أن تضطر للإفصاح عما ترمي إليه من خلال أسلوبها الساخر وطريقتها التهكمية ، وذلك بفضل ما تشتمل عليه من آليات الإضمار وأساليب المواربة وطرائق التأويل . فنقد التزمت الديني وهجاء التعصب الطائفي ، على سبيل المثال لا الحصر ، قد يرد بصيغة استهجان لحالة سياسية مرفوضة أو ظاهرة اجتماعية مدانة ، خصوصا"حين يسود بينهما مبدأ التخادم المصيري والتفاهم المصلحي ، على خلفية تجرد المرجعيات الدينية عن قداستها وتخلي الرموز السياسية عن وطنيتها . كما يمكن لأشياء عادية لا تقع ضمن مدى الاهتمامات الإنسانية الملحة ، أن تكون بمثابة دال عرضي لا يثير الريبة ولا يستدعي المساءلة ، لمدلول خطير محاط بكل أنواع التحذيرات والممنوعات والمحرمات ، طالما انه يمثل إيحاءا"جماعيا"يستلزم نمطا"موحدا"من الاستجابة ، ويستدعي صيغة مشتركة من الإدراك المتامثل . إذ قد تكون مادة النكتة – وهذا ما يحدث في الغالب - مستقاة من موضوعات الحياة اليومية للناس ، ليس فقط لجعلها أقرب إلى الواقع منها إلى الخيال فحسب ، وإنما لتسهيل عملية انتشارها وتسريع إجراءات تداولها ، وحشد الرفض والإدانة ، من ثم ، عن طريق تعميم الضحك الساخر وتشديد النقد المتهكم . ذلك لأن (( هناك قدرة مدمرة للنكتة – يوضح أحد المتخصصين في هذا الحقل (كرستوفر فراي) – من حيث أنها قادرة على أن تفشي وتفضح )) . وهو ما تخشاه الحكومات المستبدة وتحاربه الأنظمة الشمولية منذ أن دق إسفين الانفصال بين الرعايا والسلاطين والحكام والمحكومين . 

 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.4937
Total : 101