Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
هل رأيت العراق؟!!
الأحد, نيسان 7, 2013
د. صادق السامرائي

 

كانت السماء تمطر قحطا والأيام تشتد نطحا , والجراح تزداد غورا والحكم يستحضر جورا. لكن الحياة يسودها الأمان برغم التداعيات والحرمان, والزمان بلا ألوان , والمكان يحتدم فيه البؤس والإمتهان , فيتدفق الويل من عيون الإنسان.

وفي لحظة كونية بلا أبعاد , إنسل الطير من عش الأعماق , وغاب في طيات الأكوان , مثقلا بالدموع والخيبات والأحزان.

ودار به دولاب العمر وأوجعه الغياب والنسيان.

وفي برهة من الوعي والإدراك الغامر , إستيقظ من غيبوبة الذوبان في بدن الرحيل والإغتراب , وأعلن ثورته الذاتية , فأحرق جدران الخوف واالتوجس , وطار إلى عشه يحمل ما عتّقه من الأشواق والأشجان.

غادر الطير عشه مهموما محبطا متحديا , مطعونا بآماله وطموحاته , ومعلنا التنازل عن حياته والمغامرة بوجوده , فكانت لحظات إنخلاعه من بدن عشه , من أرعب وأقسى وأمَرّ اللحظات , التي تتحول فيها الحياة إلى أوهى كينونة في الوجود.

لكنه وجد نفسه في عالم آخر , مقطوعا ثملا حيرانا , كأنه وُلد من رحم الذات الأبدية , مطلوقا في بيداء البشرية , يبحث عن مواضع جديدة لخطواته , التي تعودت السير في دروب المخاطر والعثرات المصيرية.

ويبدو أن ناعور التواصل والإنطلاق قد أخذه إلى حيث يأخذ أهله الجد الإجتهاد , فينغمر بطاقات التجدد والعطاء والإندماج بالذات الفاعلة في دائرة القوة والنماء.

وكان للطير أن يطير , إلى ذلك العش الذي تمتد فيه جذور كينونته على مسافة عمر الأزل , وتعلو دوحة ذاته في فضاءات الأبد.

فحلق بطائرة قطرية , إلى بلاد ذات تأثيرات دولية , وتبدو وكأنها قوية, ومنها أخذته طائرة أخرى إلى مدينة بغداد الأبية. وحالما إتخذ مقعده داهمته العبرات وأغرقته الدموع والتنهدات , وما عرف كيف يضبط مشاعره , فرائحة العش قد تولته وأخرجته من توحده ومادية تفاعلاته التي كبلته بأخلاق الجماد.

تلك الرائحة التي عبقت في المكان , وبعثت الأحاسيس من مكامنها وأطلقتها حرة فياضة حارة , لتشعره بقلبه وروحه وبأنه لا يزال هو الإنسان!

وكانت الأرض تبدو وكأنها ذات انتظام , والصورة ذات معالم حضارية , وحار بين ما يراه وما كان يراه فوق الأراضي الأوربية , فتساءل عن صحة ما يراه , أو أنه وهم وتصور قد غشاه , لكن الشوق راح يدغدغ خوالج روحه ويداعب أوتار نفسه المتيمة بنبع أصله وكيانه.

وغادر الطائرة ليخطو على أرض لم تطأها قدماه منذ أكثر من عقدين , وأخذ يحملق بالوجوه التي تملكت المكان , وانهالت الذكريات كالتيار الهادر , فطفح رأسه بالأعاصير والعواصف والرعود والأمطار , حتى صار يمشي مذهولا وكأنه في حلم غريب.

- أهلا يا دكتور!

قال موظف الجوازات , بعد أن حدّق بأوراق الجواز وأضاف:

- منذ متى لم تأتِ للعراق؟

إنحشرت الكلمات وسبقتها العبرات , التي انفلتت بطاقة عجيبة يصعب التحكم بها , وكادت دموع الموظف أن تسيل , وهو يرقب قسمات وجهٍ ذات إرتعاش غريب , فقد إغرورقت عيناه , وكأنه يقول للطير الولهان: يا لمأساتنا أجمعين!!

كأن المطار كما هو , حيث أمضينا بعضا من ليالي الصبا في أروقته , نرقب المسافرين ونحلم بأننا سنطير منه ذات يوم ما , لكن ذلك الحلم لم يتحقق , ولم يحلق الطير من مطار عشه , وإنما إنسل كالطريدة التي تريد النجاة بروحها من الضواري التي تتعقبها , أو إستعدت لأكلها.

فمسح يده بجدران عشه , وطار بريشه سعيدا بجناحيه , وهما يحملانه إلى حيث يستطيع التحليق والطيران.

حمل حقائبه الثكلى بالأفكار والتصورات والمخاوف والتوجسات , وهو يسعى صامتا وسط حشود المسافرين الذين يتزاحمون للصعود في حافلات , ستقلهم إلى ساحة عباس بن فرناس , عِبر طريق موحش يبعث رسائل توجس وقلق وفقدان أمان.

لكن جوانبه ذات لون أخضر , وتعمل فيها أيادي تسعى لإشاعة الجمال وتحسين وجه المدينة, التي أكلت قسماها المآسي والويلات والحروب وشرور البهتان.

شعر الطير بلذة الإقتراب من بطن عشه , وأخذ يتحسس معالمه ويبصرها بعيون أعماقه المحدقة في محيط الذكريات الجياشة الغامرة.

كان الناس من حوله ينتقدون ويتذمرون ويتهمون ويلعنون ويتألمون ويتحسرون ويشكون , وتنامى الحديث المترع بما هو سلبي وحزين.

ومصدر توجعاتهم أنهم قد شاهدوا الدنيا من حولهم , فتساءلوا عن أسرار وأسباب علتهم وعوقهم وقهرهم وسوء أحوالهم , فصاروا يتحسسون من السلوك الأعوج , الذي أبداه سائق الحافلة عندما أنكر وجود مكان للحقائب فيها , وأصر أن تكون مع الركاب , فتكدست فوق الكراسي مع الناس.

قال أحد الركاب: كيف لا يكون في الحافلة مكان للحقائب , هذا كذب وإفتراء!

ولم يجبه السائق.

وقال صاحبه: إنه الفساد , إنهم فاسدون!

وقال الذي يجلس بجانبي: ألا ترون كيف يتعاملون , إنها ألاعيب , لا أكثر!

وقال آخر: يا جماعة , الحمد لله على السلامة , ما هي إلا دقائق ونصل الساحة!

فعند بوابة المطار يتسابق إليك الشباب المتحمس لحمل الحقائب إلى الحافلة , مقابل بضعة آلاف من الدنانير التي لم تعهدها من قبل فتحتار بقيمة ما تعطي.

وتراهم يتشاجرون أمامك , ويأتيهم من يصيح بهم : شنو هاي على كيفكم!

لكنهم يزدحمون , وتنطلق كلمات ذات طعم آخر , وتستسلم لمن يتمسك بحقائبك وتذعن لأوامره , وتدلف إلى الحافلة وقد تكدست حقائبك على بعضها فوق الكراسي , وبين الناس الصاعدين إليها , والتي تم حشوها بالحقائب والبشر.

قال الشخص المجاور لي: أوف شيخلصها , ما نجوز , هاي حالنا!

فأجاب آخر: يمعود مستفادين , لو ما بيها فايدة ما تدوم على هذا المنوال , بس ولد الخايبات ماكليها!

.................

ومضت الحافلة , تمرق الطريق , والطير في صمت عميق , وترقب وشعور بالحسرة والألم , وفي رأسه ألف سؤال وسؤال والجواب محض سراب!

قال الطير: إنهم يكذبون , العراق بخير!

ومضى: إنهم يعملون ويزينون الشوارع ويستثمرون في اللون الأخضر , وهذه علامة         حضارية رائعة!

فكل شيئ يبدو بمسحة جمالية!

وقال لنفسه: لا تتسرع في الأحكام , عليك أن تدخل المدينة وتتحسس الحياة.

وبين النظرات المتوجسة القاسية والقسمات الشاكية والأحاديث العاتية , والحافلة المتمايلة السكرانة , وسائقها الذي لا يرضيه أن يمضي بالناس مجانا إلى بر السلامة , وجدتنا في زحمة ساحة , وقد إعتلاها تمثال عباس بن فرناس بجناحيه الذين حلقا به في محطات الهذيان والسراب , وترجلنا وسط هجوم العشرات من الذين يريدون أخذنا إلى حيث البعيد.

- تفضل , التكسي حاضرة , وين تريد أوصلك!

- شكرا هناك من ينتظرني, إسمح لي قليلا!

- إستادنا إنت تؤمر , وين تريد تروح؟

- إستادنا إبّلاش إنوصلك!

- يا عزيزي دعني أبحث عن صاحبي!

- صار عيني ... صار لا تزعل!

..............

وفي خضم هذا العراك أنقذني صاحبي , فاستكانوا وابتعدوا , فوضعنا الحقائب في سيارته , ومضينا إلى حيث نرى العراق!

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45328
Total : 101