كنت مسؤول الصفحة الثقافية في جريدة ( بغدادنا) التابعة الى مجلس محافظة بغداد لأكثر من ثلاث سنوات، وكنت مخلصاً ومحباً وحريصا لهذه الصفحة ولي فيها عموداً ثابتاً .وكان رئيس تحريرها يتعامل مع الاسرة الصحفية باحترام واخوية ومودة وعدم تعال ، حتى انه كان ينكت معنا ويبادلنا الشعور الحسن . وقد قلنا له في حينها : دكتور اذا وفقك الله وصرت محافظاً لبغداد هل تنسانا ؟، فأقسم اغلظ الايمان ان لن ينسانا .
وشاءت الاقدار السياسية واذا بصاحبنا يصبح محافظا بالفعل . وقد تذكرت عبارة دائماً ما كان يرددها : ( ان من يحكم بغداد فانه يحكم العراق ) .
وفي عدد من اعداد الجريدة نشرت في الصفحة الثقافية قصة قصيرة لاحد الكتاب العراقيين فيها ذكر للجنس ، فقامت الدنيا على رأسي ولم تقعد واتهموني بانني شيوعي ، وهذه التهمة برأي الاسلاميون تعني بانني ( زنديقاً ، ملحداً ، كافراً ، وخارج عن الملة ) فشكلوا لجنة تحقيق اشبه باللجان التحقيقية التي شاهدناها يوم كنا جنوداً في الجيش العراقي السابق .
فقال رئيس المجلس أئتوني به حياً او ميتاً ؟،وعندما سمعت بمكرهم اعددت لنفسي مهدرباً (فريت بريشاتي ) . ولمدة ثلاثة اشهر، لحين ان تسكن الرياح وتهدأ العواصف ، وبحثت خلال ذلك عن وساطة (حالي حال الجماعة) ،وبقدرة قادر وجدت ذلك ، وبعد التي والتيا ، واصعد انزل ، يا الله .. يا الله ، وامي نذرت عدة نذور وذهب لزيارة اكثر من ولي ، ولطخت كثير من الجوامع بالحناء ، وشعلت الشمع والبخور . وبالتالي الله تعالى حقق املها واعطاها مراده
واذا معاملتي واكرر ( معاملتي ) لأنني تذكرت الشاعر الكبير المتنبي وقوله : ( يا اعدل الناس الا في معاملتي ، فيك الخصام وانت الخصم والحكم ) .
وصلتي معاملتي الى السيد المحافظ واذا مذيّل فيها : انهاء خدمات المستخدم فلان بن فلان ، واعيد ايضاً عبارة (مستخدم) لأننا الصحفيون كنا نعمل بصفة مستخدمون اي ان العنوان الوظيفي ( مستخدم )، يعني الصحفي في مجلس المحافظة هو ليس بصحفي ، وانما مستخدم اي حالة حال (الفراش) عامل التنظيف ، مع شديد اعتزازي لكل من يشغل هذا المنصب الشريف من فقراء بلادي ، وما اكثرهم ، (في ظل الديمقراطية) كون هذا المنصب افضل بكثير من المناصب السياسية التي تدار خلفها وفي اروقتها النهب والسرقة ، والقتل بنوعيه المادي والمعنوي . وانتهت (الحدوتة) يا سادة كرام بفصل صحفي، مع سبق الاضرار وليس الاصرار.
مقالات اخرى للكاتب