مشكلة ( الجذاب)- الكذاب- مشكلة عويصة لا يوجد لها حل ، وهي من المشاكل الاجتماعية المعروفة وقد عالجها علماء الاجتماع وخاضوا فيها كثيرا. والكذاب انسان منبوذ يبغضه المجتمع ولا تميل اليه الناس ، وقد احترق بيت الكذاب يوما ولم تصدقه الناس ، لذلك فانه يعاني مواقف المجتمع منه ، وهو في نفس الوقت يعاني امراض نفسية مختلفة ، ربما هي التي اوصلته الى ما وصل اليه ، فصار طعم الكذب عنده كطعم العسل المصفى . وهناك رأي ينظر الى ان السياسة تسهم مساهمة فاعلة في جعل الانسان الذي يدخل معترك السياسة ، يكذب ويخون ، ويراوغ مراوغة الثعلب الماكر ، لذلك نرى اللعبة الشعبية تقول : (الثعلب فات فات في ذيله سبع لفات ) . والسياسي اذا اصبح ثعلبا مراوغا ففي ذيله يكون الف ولربما آلاف اللفات وليس سبعة فقط . وثمة رأي يقول اكذب .. اكذب حتى تصدقك الناس ، وفي الحكمة : ان حبل الكذب قصير . ومعناه ان الذي يكذب في اقواله وافعاله لابد وان يأت يوما تكتشف الناس كذبه فيصبح مسخرة في المجتمع ، ويعتبر السياسي شيخ الكذابين والمراوغين ، الذين يقولون على الاوراق ما لا يفعلون ، بل ان السياسي يعتبر كاهن الكذابين وسيدهم المطاع الذي لا تعصى اوامره . وهناك مثلا يقول : (يفوتك من الجذاب صدكن جثير ) والسبب انه يخلط الصدق بالكذب ، والغث بالسمين ، والصح بالخطأ ، والسليم بالسقيم ، فلا يستطيع جالسه ان يميز بين هذا وذاك ، وكل هذه الامور والقضايا تنطبق على كبار ساستنا تطبيقا عملي . يظهر احدهم فيوعدك بإصلاح الكهرباء ، وآخر يدعي سيقضي على الفساد المالي والاداري ، وآخر يتبجح انه سيعمر البلد ويصلح ما افسده (الدهر) على رأي المثل ، وهو بالأحرى اساس الفساد ، ومن دق اول لبنة في السرقة وتعطيل مسيرة الاعمار والبناء . اكثر من عشر سنوات فساد ودمار وتخريب وتعطيل قوانين وعقد صفقات مشبوهة ، وضياع وتلف مليارات الدنانير ، حتى وصل البلد الى ما وصل اليه ، ولازال السياسي يوعد ويكذب ، وبعضهم صار الكذب شعارا له ، حينما نراه يظهر في الفضائيات وهو يعدد الانجازات الوهمية التي تحققت في ظل وجوده في المكان المعين ، وكأن الناس طرشان او عميان ولا ترى وتشاهد بأم عينها ما فعله هذا الكذاب المراوغ الذي غلب الشيطان بكذبه وانتصر عليه بفارق الاهداف ، وما كان فرعون زمانه الا قزما صغيرا بالقياس الى هذا الكذاب العملاق في فن خطابة الكذب . وهو لا يدري ، بل يدري ان حبله قصير وقد بان الصبح لذي عينين ، وانكشفت اوراقه ، وكأن الفنان الكبير الراحل طالب القرة غولي عناه حينما غنى : (جذاب دولبني الوكت بمحبتك جذاب ....وتريد ارد النوب الك جذاب ...جذاب ... جذاب).
مقالات اخرى للكاتب