العراق تايمز: كتب د. فوزي العلي..
تكررت الاعتداءات والاعتقالات بحق الصيادين العراقيين ولا يكاد يمر شهر او اكثر ولم نسمع فيه انه تم اعتقال مجموعة من الصيادين العراقيين من اهالي الفاو والبصرة تحديدا من قبل خفر السواحل الكويتي بحجة انهم دخلوا المياه الاقليمية الكويتية، وغالبا ما يتم حبس هؤلاء الصيادين وتعذيبهم ولا يطلق سراحهم الا بعد مرور فترة طويلة والبعض منهم لم يطلق سراحه لحد الان.
وفي كل مرة يخرج المئات من اهالي البصرة بمظاهرات بدعوة من جمعيات الصيد العراقية ومنظمات مدنية وشيوخ عشائر وجهات سياسية رافضة لهذا الامر ومطالبة الحكومة والبرلمان العراقي للتدخل والحد من هذه الظاهرة التي باتت تشكل حربا مفتوحة على هؤلاء الصيادين وعوائلهم..
ولم تكن استجابة الحكومة والبرلمان مثلما يتصور المواطن البصري والعراقي، فهي بطيئة ومتلكئة بحجة تحسين العلاقات مع دول الجوار التي لم تحترم هذه الحقوق ولم تحسب لها اي وزن في ميزان العلاقات الدولية وحسن الجوار.
وفي نهاية المطاف تمخضت هذه الجهود عن ولادة طفل مشوه (والبعض يصفه بالميت) ومعاق من ناحية العراق ، الا انه صحيح ومعافى من جانب الكويت، انها اتفاقية خور عبد الله سيئة الصيت.
فبعد ان كانت السيادة العراقية كاملة على هذا الممر المائي المهم اصبحت بفضل سياسيي الصدفة بنسبة ٥٠٪ اي ان نصف هذا الممر المائي اصبح خاضعا للسيادة الكويتية دون وجه حق بذلك. فالطرف العراقي حينما قام بغض الطرف عن انشاء ميناء مبارك وذلك بضغوط من الجهة البريطانية المشرفة على المشروع بقيادة رئيس الوزراء الاسبق توني بلير ، وتلقي المسؤولين العراقيين الرشاوى والهدايا والهبات لقاء صمتهم هذا، اي انهم باعوا الامر بثمن بخس لا يتعدى المائة الف دولار لكل شخص من افراد الوفد المفاوض من وزراء ومستشارين و نواب ومدراء عامين، لم يكتفوا بهذا القدر من الخنوع وضحالة التفكير ، بل عادوا للعراق وبدأوا باتمام اتفاقية الملاحة في خور عبد الله وفعلا اتموها واقروها باسرع وقت ممكن ولكن ليس لمصلحة العراق وانما لمصلحة الكويت. وبعد ان يأست الاصوات الوطنية المطالبة بالغاء هذه الاتفاقية بعد اقرارها من قبل البرلمان العراقي توجهت الانظار الى رئاسة الجمهورية ممثلة بالقيادي في حزب الدعوة الحاكم خضير الخزاعي ، الامل الوحيد في نقض هذه الاتفاقية المجحفة بحق العراق ، الا ان الاخير لا يقل عمالة عن الاخرين وتعمد السكوت عن الامر دون ابداء اي راي او ملاحظة على الاتفاقية او ردها للحكومة او البرلمان الى ان تجاوزت فترة الـ ١٥ يوما المقررة لذلك وتكون بذلك قد اكتسبت صفتها القانونية واصبحت سارية المفعول.. .
وبهذا الامر اصبح الصياديون العراقيين يعانون الامرين فبعد ان كانوا تحت مطرقة خفر السواحل الكويتي ، هاهم اليوم يضاف لهم هم جديد هو سندان الحكومة العراقية وخفر السواحل العراقي والذي بدأ هو ايضا باعتقالهم ومضايقتهم.
وقد نظمت جمعية الصيادين العراقيين في البصرة،اليوم الجمعة، تظاهرة طالبت فيها باطلاق سراح عدد من الصيادين الذين احتجزتهم قوات خفر السواحل في البصرة. وقال الناطق بأسم جمعية الصيادين عبد الحسين التميمي، انه "تم احتجاز خمسة زوارق صيد عراقية من قبل آمر خفر السواحل اللواء حكيم جاسم"، حيث "تم احتجاز الزوارق في رأس البيشة"، مبينا ان "اكثر من ١٥٠ متظاهر من منتسبي جمعية الصيادين يطالبون باطلاق سراح الصيادين مع زوارقهم".
واشار التميمي الى ان "القضاء العراقي رفض توقيفهم لعدم وجود حجة قانونية، وان خفر السواحل يحتجزونهم بشكل ارتجالي".
وطالب الناطق باسم جمعية الصيادين "اعضاء مجلس النواب العراقيين بالتدخل والحد من هذه التدخلات"، لافتا الى ان "خفر السواحل الكويتية انتشرت في خور عبد الله وبدأت ايضا بالتضييق علينا حيث كانت ادارته عراقية بحته وكانت لدينا حرية اما الان فنحن ايضا في اراضينا مضايقون من الكويتين وقوات خفر السواحل العراقية"
وفي نفس السياق يقول الخبير البحري كاظم فنجان الحمامي في مقالاته السابقة التي تناولت هذا الموضوع وردا على تصريحات رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي الذي وصف الاتفاية بانها(مفيدة ومنصفة) ، قال الحمامي:
(من المفارقات العجيبة الغريبة أن قرار مجلس الأمن رقم (833), وهو القرار الذي اعترضنا عليه مرارا وتكرار, ورفضناه جملة وتفصيلا, أن هذا القرار رغم مساوئه الكثيرة أعطى العراق حق الملاحة المطلقة, والتي هي أعلى مرتبة وأوسع في المناورة وأعمق في التحرك وأكثر مرونة من حق ما يسمى (المرور العابر), أو (المرور الحر), أو(المرور البريء), باعتبارها من الحقوق الصريحة التي منحها القانون البحري الدولي للعراق, فكيف نتنازل عن هذه الحقوق كلها, ونمنح الكويت ما لم تكن تحلم به حتى في عالم المنام؟, ثم كيف يتجاوز العراق الحواجز التشريعية للقرار (833) فيهدي للكويت حق الاشتراك معه في تنظيم الملاحة في خور عبد الله, رغم ان القرار (833) نفسه حدد تحركات الكويت بالدعامة رقم (162) ؟؟, فكيف ارتكب العراق هذا الخطأ الفادح ليوقع اتفاقية مريبة مع الكويت يمدد فيها نفوذها الملاحي نحو مقتربات ميناء البصرة النفطي, فيضيف إليها مساحات مائية جديدة على حساب مياهنا البحرية المنكمشة)
نحن الآن بحاجة إلى توحيد كلمتنا في مواجهة الانتهاكات البحرية والملاحية التي تقوم بها دول الجوار, ويتعين على العراقيين عموما والبصريين خصوصا وعلى المنظمات والمؤسسات والعشائر العراقية أن تنهض بهذه المهمة على الوجه الأكمل, وان لا تفرط بمياهها وارزاقها وارزاق اطفالها الذي صادرته الحكومة العراقية والكويتية على حد سواء.