اتذكر قبل اعوام التقيت بمدير زراعة ديالى، وكان الرجل تلقائيا في حديثه الذي كان يدور عن الارض،واهمية الزراعة،وعلاقة الانسان باية شجرة يغرسها بيديه.أنذاك ادركت ان الطبيعة العادية التي توجد في مناطق قليلة في العراق يمكن ان تكون مصدر حب قوي لدى البعض ومنهم ذلك الرجل الذي كان يفتخر انه فلاح،ولا يخجل من هذه التسمية..
المهم وبمرور الوقت بدات ادرك معنى ان كون الانسان عاشقا لارضه،ومعنى كون الارض قطعة خضراء تعطينا ثمارها التي تكفينا عن الاستيراد من دول الجوار.ويبدو ان هذه الايام هي ايام الدول التي تهتم بالزراعة وتستخدم الادوات والمكائن الزراعية المتطورة وتوفرها للفلاحين باسعار مناسبة كي تظل على راس القائمة في اطعام تلك الدول التي لم تفهم نفسها بعد الى درجة انها فضلت ان تتقاتل وتخرب بنيتها التحتية،ثم فقدان انتاجها وعلى كل المستويات.لذا اجد ان الفلاح الذي يريد ان يعيش دور عاشق الارض لا يجد الفرصة المناسبة لهذا العشق.فالحرب والجفاف وقلة الامكانيات على مستوى المكننة والاسمدة وتوفر المياه فضلا عن استخدام الاساليب المتطورة في الزراعة كل هذه المطبات الصعبة تواجه الفلاحين وتشعرهم بالقلق والالم مما انتهت اليه الامور.
ان زيارة قصيرة لمدينة ديالى مثلا تكشف عن حجم الدمار الذي تعرضت له بساتين هذه المدينة التي كانت في يوم من الايام بستانا كبيرا.جفت حقول كثيرة والتهمت النيران حقولا،ولم تعد الابار التي تحفر تجود بماء يكفي لري دونم واحد.. وبعد كل هذه الاقدار الكئيبة يجد كل من يهتم بفكرة الاكل من الارض وعدم الاستيراد نفسه في مواجهة مع المجــــــــهول.
وفي الحقيقة ان شريط بؤس الزراعة العراقية لا ينتهي عند هذا الحد فهو يكتمل بعدم منح المهندسين الزراعيين مخصصات خطورة اسوة بباقي الاختصاصات الاخرى.
ومن العدالة ان تصرف هذه مخصصات محاولة لدعمهم وتحويلهم الى طاقات مبدعة تبتكر وتقدم افكارها سواء في الانتاج الحيواني او الزراعي.وحين اتحدث مع مهندس شاب وانا اعرف عددا منهم فاني اشعر بالياس الذي يجعلهم يستغربون للاهمال الذي يعانون منه.وكل ما يفعلونه هو انهم يتحدثون عن معلوماتهم الشيقة عن التربة او طرق الري او تشريح الحاصدة حديث متخصص لا يجد فرصة امامه.
اذن لا بد من تحريك قوى المهندسين المعطلة واستثمارها فهذه مهمة تحسن واقعنا الزراعي الذي يعاني من ازمات كثيرة.
مقالات اخرى للكاتب