يوم اشتعلت الحرب مع ايران في اول ايامها ، صار الموديل ان يرتدي الشباب البدلة العسكرية للجنود وللذين يلتحقون بقواطع الجيش الشعبي ، وكانوا يقفون في اول الشارع في انتظار حبيباتهم لترى اشكالهم الجديدة ، ومن له حبيبة معلمة او مُدرسة ثانوية ينتظرها في الباب المدرسة عند انتهاء الدوام او بدايته.
احد الاصدقاء كان معلما ، واجمل اشياؤه في الدنيا كانا حبيبته وسيارته الفيات بولسكي.
وعندما جاءت الحرب ركبته موجة الخاكي ، فكان يرتديها ويذهب للقاءاته الغرامية مع حبيبته في متنزه الناصرية حيث يعيدان ذات الخواطر المتبادلة بين عبد الحليم حافظ وشادية في اغنية ( حاجة غريبة ).
بعد اسابيع من بدء الحرب اغلقوا المتنزه لدواعٍ امنية ، فحُرم معلمنا العاشق من لقاءاته ، فكان يأتينا كل يوم متذمرا ومحتجا وهو يبحث عن المكان البديل للقاءه مع حبيبته التي ترفض ان تجيء اليه في بيتهم.
فلم يجد سوى المكان الذي اقترحه عليه صديقنا ( علي راضي موشي ) أن تكون لقاءاته بمنطقة الطمر الصحي في مكان بعيد على طريق بصرة ــ ناصرية.
قبل صديقنا العاشق على مضض وبالكاد اقنع حبيبته بهذا المكان النرجسي حيث ترمي سيارات البلدية ازبال المدينة هنا ، وحيث الحرائق والروائح التي لاتحتمل ، لكنه قال :امرنا الى الله نرفع زجاج ابواب السيارة ونغمض اعيننا ونسمع عبد الحليم وشادية.
ومع اول همسة غرام في ذلك المكان الساحر ، جاءت سيارة البلدية ، وقفز عمالها صوب سيارة البولسكي لصديقنا العاشق واستنكروا ان يكون هذا الغرام في مكان حكومي وتابع للبلدية ، واراد السائق الذهاب لجلب الشرطة.
لكن ملابس الجيش الشعبي التي يلبسها صديقنا شفعت له ، وامروه ان لايعود الى هنا ثانية.
بعد عام بالضبط من هذه الحادثة ، جزع صديقنا الحرب والبلاد عندما ارادوا ارساله الى جبهة الموت في المحمرة.
فهرب من العراق ، وهو اليوم في اسبانيا ، وربما وجد في هذا البلد الاوربي أمكنة لاتحصى للقاءات الغرامية.
مقالات اخرى للكاتب