1-الارهاب في اللغة :
تشتق كلمة ارهاب من الفعل المزيد (ارهب),ويقال ارهب فلانا : اي خوفه وفزعه ,وهو المعنى نفسه الذي يدل عليه الفعل المضعف (رهب) . اما الفعل المجرد من المادة نفسها وهو رهب , يرهب رهبة ورهبا فيعني خاف , فيقال :رهب الشئ رهبا ورهبة اي خافه . والرهبة : الخوف والفزع . اما الفعل المزيد بالتاء وهو (ترهب) فيعني انقطع للعبادة في صومعته ,ويشتق منه الراهب والراهبة والرهبنة والرهبانية ..........الخ . وكذلك يستعمل الفعل ترهب بمعنى توعد اذا كان متعديا فيقال ترهب فلانا : اي توعده , وارهبه ورهبه واسترهبه : اخافه وفزعه . وترهب الرجل : اذا صار راهبا يخشى الله . والراهب المتعبد في الصومعة .
والارهابيون في المعجم الوسيط :وصف على اللذين يسلكون سبيل العنف والارهاب لتحقيق اهدافهم السياسية . والارهابي في المنجد: من يلجا الى الارهاب لاقامة سلطته ,والحكم الارهابي هو نوع من الحكم يقوم على الارهاب والعنف تعمد اليه حكومات او جماعات ثورية , والارهاب في الرائد هو رعب تحدثه اعمال عنف كالقتل والقاء المتفجرات او التخريب , لاقامة سلطة او تقويض اخرى , والحكم الارهابي هو نوع من الحكم الاستبدادي يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف , بغية القضاء على النزاعات والحركات التحررية والاستقلالية . وتجدر الاشارة الى ان المعجمات العربية القديمة قد خلت من كلمتي الارهاب والارهابي لانهما من الكلمات الحديثة الاستعمال ,ولم تعرفها الازمنة القديمة .
وفي القران الكريم قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ), الانفال
قال ابن كثير في التفسير : قوله تعالى ترهبون اي تخوفون به عدو الله وعدوكم اي من الكافرين . وقال القرطبي : ترهبون به عدو الله وعدوكم يعني يخيفون به عدو الله وعدوكم من اليهود وقريش وكفار العرب .
وقال تعالى (لأنتم اشد رهبة في صدورهم من الله ) الحشر :13قال ابن كثير في التفسير : أي يخافون منكم اكثر من خوفهم من الله .
ويلحظ ان القران الكريم لم يستعمل مصطلح الارهاب بهذه الصيغة , وانما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من المادة اللغوية نفسها , بعضها يدل على الارهاب والخوف والفزع , وبعضها الاخر يدل على الرهبنة والتعبد . ومن الملحوظ ان مشتقات مادة(رهب ) لم ترد كثيرا في الحديث النبوي الشريف , ولعل اشهر ما ورد هو لفظ (رهبة ) في حديث الدعاء رغبة ورهبة اليك . نستخلص مما تقدم ان الارهاب , يعني التخويف والافزاع , وان الارهابي هو الذي يحدث الخوف والفزع عند الاخرين . ولا يختلف هذا المعنى عما تقرره اللغات الاخرى في هذا الصدد , فقد ورد في قاموس المورد ان كلمة terror تعني : رعب , ذعر , هول :كل مايوقع الرعب في النفوس ,ارهاب ,عهد ارهاب والاسم terrorism يعني ارهاب , ذعر ناشئ عن الارهاب , و terrorist تعني: الارهابي والفعل terrorize يعني يرهب , يروع , يكرهه , ( على امر بالارهاب )."
وفي قاموس اكسفورد نجد ان كلمة terroristالارهابي هو الشخص الذي يستعمل العنف المنظم لضمان نهاية سياسية , ومعنى الارهاب يقصد استخدام العنف او التخويف او الارهاب وبخاصة في اغراض سياسية . "
2-الاختلاف حول مفهوم " الارهاب "وتعريفه :
ادى اختلاف الدول في نظرتها الى الارهاب من حيث مفهومه ومعناه ,الى صعوبة اتفاقها على المستوى الدولي بشان التعاون لمكافحة هذه الظاهرة . ويمكن تجسيد هذا الاختلاف في العبارة المختصرة , التي تقول ان الارهابي في نظر البعض , هو محارب من اجل الحرية في نظر الاخرين . وادى ذلك الى فشل اغلب الجهود الدولية في الوصول الى تحديد دقيق لحقيقة الارهاب , مما حان دون الاتفاق على درجة من التعاون الدولي لمكافحة الارهاب , لدرجة ان المؤتمر الدولي الذي عقد في عام 1973 لبحث الارهاب والجريمة السياسية قد انتهى الى ان عدم وجود مفهوم واضح للاسباب التي تؤدي الى ممارسة النشاطات التي تنشئ حالة الارهاب هو العقبة التي تحول دون اقتلاع الارهاب واجتثاث جذوره .
ويختلف الوصف الذي يطلقه رجل الاعلام على اعضاء المنظمات الارهابية باختلاف الموقف السياسي الذي يتخذونه تجاههم , ومن ثم استخدمت اوصاف مختلفة عند الاشارة اليهم , فهم اما إرهابيون او مخربون او عصاة او منشقون او مجرمون ,واما جنود تحرير او محاربون من اجل الحرية او مناضلون او رجال حركة شعبية او ثورية واحيانا يوصفون بانهم خصوم او معارضون للحكم او راديكاليون , متطرفون . (وتوصف عملياتهم في نظر بعض الكتاب بانها عمليات ارهابية او افعال اجرامية دنيئة وغادرة , وفي نظر بعضهم الاخر تعد عمليات فدائية او عمليات مقاومة او تحرير .)
لقد كان الارهاب ظاهرة متميزة من مظاهر الاضطراب السياسي في القرون السابقة , ولم تخل منه امة من الامم او شعب من الشعوب .ومن المؤسف ان يحاول بعض المغرضين الربط بين الارهاب وحضارة الامة العربية المتمثلة في دينها وقوميتها , او بين الارهاب والاسلام , فان ظاهرة الارهاب لا تقتصر على دين او ثقافة او هوية معينة , وانما هي ظاهرة شاملة وعامة . وتجدر الاشارة الى ان تعبير الارهاب هو من ابتداع الثورة الفرنسية , ولم يتبلور الارهاب واقعيا الا في عام 1793 وكان ذلك عندما اعلن روبسبير بداية عهد الارهاب او الرهبة في فرنسا (10 مارس 1793-27 يوليو 1794 ) ومن اسم هذا العهد اشتقت اللغتان الانكليزية والفرنسية كلمة (terrorism) بالانكليزية terrorisme)) بالفرنسية بمعنى الارهاب . فخلال الثورة الفرنسية مارس روبسبير ومن معه من امثال سان جيست وكوثون. العنف السياسي على اوسع نطاق , حيث قادو حملة اعدام رهيبة شملت كل انحاء فرنسا . حتى قدر عدد من اعدموا في لاسابيع الستة الاخيرة من عهد الارهاب , 1366 مواطنا فرنسيا من الجنسين في باريس وحدها . ومن اصل سكان فرنسا , الذين كان يبلغ عددهم في ذلك الوقت 27 مليون نسمة , تمكن هؤلاء القادة من قطع راس 40 الف بواسطة المقصلة ,كما تمكنوا من اعتقال وسجن 300الف اخرين . وكاد السناتور ( جوزيف ماكرثي )ان يصبح روبسبير القرن العشرين (1950-1954 ) في الولايات المتحدة الامريكية , عندما قاد حملته ضد العناصر اليسارية الامريكية انذاك , الا ان اتهاماته بالخيانة للالاف لم تصل الى حد قطع رؤوسهم بالمقصلة او خنقهم في غرف الغاز المغلقة .
وقد حاولت المنظمات الدولية كالامم المتحدة تحديد مفهوم الفعل الارهابي من منطلق ان الارهاب هو شكل من اشكال العنف المنظم , بحيث اصبح هناك اتفاق عالمي على كثير من صور الاعمال الارهابية مثل الاغتيال والتعذيب واختطاف الرهائن واحتجازهم وبث القنابل والعبوات المتفجرة واختطاف وسائل النقل كالسيارات والاتوبيسات والطائرات او تفجيرها , وتلغيم الرسائل وارسالها الى الاهداف التي خطط الارهابيون للاضرار بها ......الخ .
والارهاب هو اداة ووسيلة لتحقيق اهداف سياسية , سواء كانت المواجهة داخلية , بين السلطة السياسية وجماعات معارضة لها , او كانت المواجهة خارجية بين الدول . فالارهاب هو نمط من انماط استخدام القوة في الصراع السياسي , حيث تستهدف العمليات الارهابية القرار السياسي , وذلك بارغام دولة او جماعة سياسية على اتخاذ قرار او تعديله او تحريره , مما يؤثر في حرية القرار السياسي لدى الخصوم , والارهاب هو باختصار عبارة عن عمليات مادية او معنوية , التي تحوي نوعا من القهر للاخرين , بغية تحقيق غاية معينة .
وتقوم الجماعات الارهابية بارتكاب اعمال عنف ذات طبيعة اجرامية , خارجة عن قوانين الدولة وهذا يدفع الحكومة المستهدفة الى القيام برد فعل عنيف لقمع هذه الجماعات , وذلك بتفتيش المنازل مثلا واعتقال المواطنين وسجنهم بدون محاكمة , وسن قوانين الطوارئ التي تحد من الحريات ,وغير ذلك من الوسائل التي لا تؤدي في اغلب الاحوال الى انهاء العنف والارهاب ولا تؤدي الى القضاء على هذه الجماعات . بل ان جميع هذه الاعمال القمعية التي تقوم بها بعض الحكومات قد تؤدي الى المزيد من الارهاب والعنف , ومن ثم تعيش البلاد في سلسلة لا تنقطع من الارهاب والارهاب المضاد , بين ارهاب الافراد والجماعات من ناحية وارهاب الدول والحكومات من ناحية اخرى . واثناء محاولة الارهابيين مقاومة الحكومة بالعنف والارهاب تعبيرا عن استيائهم ورفضهم لها , فانهم يجعلون المدنيين اهدافا مشروعة لعملياتهم الارهابية .
والارهاب وسيلة تلجا لها بعض الحركات الثورية , كما تستخدمها بعض الحكومات وهيئات المعارضة على حد سواء . وقد تلجا بعض الجماعات والحركات الثورية الى الارهاب , لفك الحصار الذي تضربه حولها بعض الحكومات التي تحتكر العنف القانوني .
وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (c.i.a ) قد تبنت في عام 1400 ه (1980 م ) تعريفا ينص على ان الارهاب هو التهديد باستعمال العنف او استعمال العنف لاغراض سياسية من قِبل افراد وجماعات , سواء يعمل لصالح سلطة حكومية قائمة او تعمل ضدها , وعندما يكون القصد من تلك الاعمال احداث صدمة , او فزع ,او ذهول او رعب لدى المجموعة المستهدفة والتي تكون عادة اوسع من دائرة الضحايا المباشرين للعمل الارهابي , وقد شمل الارهاب جماعات تسعى الى انظمة حكم محددة وتصحيح مظالم محددة , سواء كانت مظالم قومية او لجماعات محددة ,او بهدف تدمير نظام دولي كغاية مقصودة لذاتها .
وقد اجتمعت لجنة الخبراء العرب في تونس , في الفترة من 20 حتى 22 محرم 1410 ه (الموافق 22-24 اغسطس سنة 1989 م ) لوضع تصور عربي اولي عن مفهوم الارهاب والارهاب الدولي والتمييز بينه وبين نضال الشعوب من اجل التحرر , ووضعت تعريفا يعد اكثر الصيغ شمولية ووضوحا , حيث ينص على ان الارهاب هو فعل منظم من افعال العنف او التهديد به يسبب فزعا او رعبا من خلال اعمال القتل او الاغتيال او حجز الرهائن او اختطاف الطائرات او تفجير المفرقعات وغيرها مما يخلق حالة من الرعب والفوضى والاضطراب , والذي يستهدف تحقيق اهداف سياسية سواء قامت به دولة او مجموعة من الافراد ضد دولة اخرى او مجموعة من الافراد . وذلك في غير حالات الكفاح المسلح الوطني المشروع من اجل التحرير والوصول الى حق تقرير المصير في مواجهة جميع اشكال الهيمنة او قوات استعمارية او محتلة او عنصرية او غيرها , وبصفة خاصة حركات التحرير المعترف بها من الامم المتحدة ومن المجتمع الدولي والمنظمات الاقليمية بحيث تنحصر اعمالها بالاهداف العسكرية او الاقتصادية للمستعمر او المحتل او العدو , ولا تكون مخالفة لمبادئ حقوق الانسان , وان يكون نضال الحركات التحررية وفقا لاغراض ومبادئ ميثاق الامم المتحدة وسواه من قرارات اجهزتها ذات الصلة بالموضوع .
ويؤكد المجمع الفقهي الاسلامي في اجتماعه الذي عقد في (26 شوال 1422 ه ) الموافق 10 يناير 2002 م في رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة في دورته السادسة عشر ا ن التطرف والعنف والارهاب ليس من الاسلام في شئ وانها اعمال خطيرة لها اثار فاحشة وفيها اعتداء على الانسان وظلم له , ومن تامل مصدري الشريعة الاسلامية كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لم يجد فيها شيئا من معاني التطرف والعنف والارهاب, الذي يعني الاعتداء على الاخرين دون وجه حق .
وفي بيان الذي اصدره المجمع في ختام هذه الدورة , تم تعريف الارهاب بانه ظاهره عالمية , لا ينسب لدين , ولا يختص بقوم , وهو ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة , وهو العدوان الذي يمارسه افراد او جماعات او دول بغيا على الانسان (دينه ودمه وماله وعقله ) ويشمل صنوف التخويف والاذى والتهديد والقتل بغير حق , وما يتصل بصور الحرابة , واخافة السبيل ,و قطع الطريق , وكل فعل من افعال العنف او التهديد يقع تنفيذا لمشروع اجرامي فردي او جماعي , ويهدف الى القاء الرعب بين الناس او ترويعهم بايذائهم او تعريض حياتهم او حريتهم او امنهم او احوالهم للخطر ومن صنوفه الحاق الضرر بالبيئة او باحد المرافق والاملاك العامة او الخاصة , او تعريض احد الموارد لوطنية او الطبيعية للخطر . فكل هذا من صور الفساد في الارض التي نهي الله سبحانه وتعالى عنها المسلمين في قوله : ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين .وقد شرع لله الجزاء الرادع للارهاب والعدوان والفساد وعده محاربة الله ورسوله في قوله : انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم . صدق الله العظيم ... ولا توجد في اي قانون بشري عقوبة بهذه الشدة نظرا لخطورة هذا الاعتداء الذي يعد في الشريعة الاسلامية حربا ضد حدود الله وضد خلقه .
واك المجمع الفقهي الاسلامي ان من اصناف الارهاب ارهاب الدولة , ومن اوضح صوره واشدها بشاعة , الارهاب الذي يمارسه اليهود في فلسطين , وما مارسه الصرب في كل من البوسنة والهرسك وكوسوفا وراى المجمع من هذا الارهاب من اشد انواعه خطرا على لامن والسلام في العالم , وجعل مواجهته من قبيل الدفاع عن النفس والجهاد في سبيل الله .
ومن النقاط المهمة في بيان الاجماع على ان الارهاب ليس من الاسلام وان الجهاد ليس ارهابا , وتحليل ما المقصود بالجهاد الذي شرع نصرة للحق ودفعا للظلم واقرارا للعدل والسلام والامن , كما اوضح البيان ان للإسلام آدابا واحكاما واضحة في الجهاد المشروع تحرم قتل غير القاتلين وتحرم قتل الابرياء من الشيوخ والنساء والاطفال وتحرم تتبع الفارين , او قتل المستسلمين , او ايذاء الاسرى او التمثيل بجثث القتلى او تدمير المنشات والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال .
واكد البيان انه لا يمكن التسوية بين ارهاب الطغاة الذين يغتصبون الاوطان ويهدرون كرامة الانسان , ويدنسون المقدسات وينهبون الثروات وبين ممارسة حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون لاستخلاص حقوقهم المشروعة في تقرير المصير .
تاريخ الارهاب :
هذا نص الخطاب الذي ألقاه فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة ( المشرف العام على مؤسسة الاسلام اليوم ) في مؤتمر الاسلام والغرب المنعقد بالخرطوم , في الفترة ما بين 19 حتى 21 من شوال من هذا العام 1424 هـ
1- تاريخ الارهاب قديم وليس مفاجأة القرن العشرين مارسته مجموعات لا تتحلى بالعدالة واحترام الحقوق . (وأثل عليهم ابن ادم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخر قال لاقتلعنك قال انما يتقبل الله من المتقين .)المائدة
وكان التعليق القرآني : انه من قتل نفسا بغير نفسا اوفساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الارض لمسرفون ) المائدة
2-في العصر المعاصر اخذ وظيفة اعلامية مساندة للحرب او محركة لها .
ريغان اعلن الحرب على الحزب الشيوعي . واتخذته الادارة الحاضرة لملاحقة اشكال التميز في الفكر والتطبيق وكان التعريف يندرج مما يعرف : بالعد لا بالحد . فالارهاب هو كل ما كان استقلالًا في الإرادة ضد الإدارة !!!
(من لم يكن معنا فهو ضدنا )
3 – بعد الحرب الباردة لم تبد الامور افضل كثيرا مما كانت عليه , لان العالم تحول الى نظام احادي التكوين
وصارت الادارة الامريكية تلاحق كل اشكال الطموح والتميز في العالم وتسعى الى تعميم نموذجها السياسي والثقافي ومصادره حتى مجرد التفكير في الخروج على قانونها الجديد
4 –وكانت احداث 11 سبتمبر الفرصة المرتقبة لرسم سياسة العنف ,والعنف المضاد وهكذا لم تعد دول العالم الاسلامي وحدها هي المستهدفة بل شمل ذلك دول اخرى كأوربا .
ولقد اعلن الجميع ادانتهم للاحداث لكن ادارة وضعتها منطلقا لسياسة جديدة تدين الارهاب ضد امريكا لكنها لن تعده ارهابا اذا كان ضد مدنيين في : افغانستان او العراق او فلسطين !! وبهذا يتحول صراع امريكا الى مواجهة محتملة مع قوى عالمية عديدة لا تستسلم للطموح الامريكي .
5 –لفظ الارهاب ليس مصطلحا شرعيا مقبولا بل جاء في سياق الفعل:
(ترهبون به عدو الله وعدوكم )(الانفال)
وهذا نوع من الردع القوة الرادعة
والإسلام دين الرحمة فهو يقرر ان خلقه رحمة وشرعه رحمة حتى لغير المؤمنين . وقد أصبح مقرونا بلفظ الجهاد الشرعي الذي لا يعني القتال بالضرورة , بل يشمل الوان المجاهدات الفاضلة . ويشمل القتال الذي لا يستهدف التوسع الإمبراطوري ولا السطو والاعتداء ولكن حماية الأمة الاسلامية والمشروع الاسلامي .
(وقاتلو في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) البقرة .
ولذا يجب التفريق بين الاعتداء والبغي بغير حق وبين المقاومة المشروعة في الدفاع عن النفس او مقاومة المحتل او طرد المستعمر ايا كان . وحتى في هذه الحالة فللحرب نظام أخلاقي صارم , وبهذا يظهر ان حقيقة الجهاد الشرعي هي مقاومة الظلم والتسلط الدكتاتورية .اي : مقاومة الإرهاب كما يسمى ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) النساء
قال الزجاج : ما لكم لا تسعون في خلاصهم ؟!!
وينهي سبحانه وتعالى عن الاعتداء على من صدوهم عن المسجد الحرام .
6 – القوي هو الذي يرسم التعاريف وينفذها وهذه مشكلة أخلاقية .
جيش الدفاع الاسرائيلي و امريكا تضرب في اليابان واندنوسيا و العراق و افغانستان وفلسطين تحت مبررات شتى .ونحن هنا نؤكد ان العمليات الانتحارية التي وقعت مرفوضة تحت اي مبرر لكن من الخطأ الفادح ان يدفع ثمنها مليار مسلم صاروا هدفا للتضييق والملاحقة والأذية . والغرب بهذا – خاصة امريكا وحلفاءها – يدشنون ألوانا من المعاناة التي تحرم المسلم من الهدوء والاستقرار والتمتع بطيبات الحياة الدنيا . ومن قيم الإسلام قيمة الاستشهاد والفداء والتضحية وهذه هي المسؤولية عن مدافعة العدو ومقاومته مهما كلف الامر .
ومحمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وهو نبي الملحمة !وفكرة تجريد المسلم من تدينه , سواء صدرت عن ادارة أمريكية او إدارات محلية عربية وإسلامية هي فكرة محكومة بالفشل .
فحتى المسلم المقصر والمفرط والمتردد على الملهى والبار لديه عاطفة دينية وربما يفكر ان اقرب طريق للخلاص من معاناته الاخلاقية هو التفجير .
نحن ادنا حوادث التفجير ايا كان موقعها ومصدرها وربما بعض هؤلاء هم الوجه الأخر للأحادية :
من لم يكن معي فهو ضد الله
7- ليس مطلوبا ان نسير دائما ضد التيار وان نختار موقف الضدية دائما لكن ليس مقبولا شرعا وامانة ان تتحرك حكومات المسلمين او شعوبهم ,لدعم قوى لا تحترم الحقوق ولا تقيم للعدالة وزنا . وربما يكون الانسان نفسه مستهدفا في هذه الحرب تحت اسم رمزي او حقيقي . المسلمون مطالبون ان يقفوا ضد ارهاب الدولة وارهاب الجماعات والافراد سواء . الاسلام يؤيد موقف التضامن مع الاخرين لإرساء قواعد الأمن والاستقرار والسلام ومكافحة الفقر والمرض والجريمة المنظمة وغيرها .
ولن تستطيع دول الاسلام ان تتخذ موقفا مؤثرا ما لم تنجح في تجسير العلاقة مع الشعوب ورد الحقوق لأهلها وفتح المجال لحرية الرأي المنضبطة والسماح بالتعددية في اطار الشريعة.
وحتى لو فعلت ذلت فهي تحتاج الى خطوة اخرى اتجاه ترميم علاقتها مع جيرانها من العرب والمسلمين . نحن في عصر التكتل والأحلاف ولن نقاوم العولمة العسكرية او الاقتصادية او الثقافية , الا من خلال إطار إسلامي متكامل .
هذه أحلام , نعم أحلام !
منى ان تكن حقا تكن أعذب المنى
والا فقد عشنا بها زمنا رغدا !
8 – الاسلام يعطي مساحة للتنوع في فهم النص الشرعي ضمن اصول وضوابط دقيقة ومتقنة .كما يسمح بالتنوع في الاهتمامات , والعناية ببعض الاولويات . وهناك مدارس عديدة داخل الاسلام ومنها الوهابية , وهو ليس اسما اختياريا , فهي لم تشئ ان تكون مدرسة مستقلة . وهي ككل الحركات التجددية التصحيحية تقوم على نبذ التقليد والتعصب والتعلق بالاشخاص , فمن البديهي انها لا تمنح نفسها معصومية , ولا احقية مطلقة , لاجتهاداتها , فضلا عن اقوال وشيوخها وعلمائها . ولا يوجد في الانظمة , ولا في الدراسات الجامعية . او غيرها ما يقضي بأن الدولة تلتزم او تلزم الاخرين بها .الا في القدر المشترك الذي هو دين الامة من الايمان بالله وعبادته ونشر قيم الخير والاخلاق .
9 –ان من العدل مع النفس لن نعالج اي خلل قائم في المجتمعات الإسلامية . وان تتواصى الدوائر العلمية , والشرعية الرسمية و وغير الرسمية , على حجب حق الفتوى , في المهمات ووسائل الكبار والقضايا المصيرية , كقضايا السياسة , والجهاد , وبعض مسائل الاقتصاد , والمعارف الحديثة المؤثرة عن أحاد الناس , وإفرادهم . وان يكون ذلك ضمن اطار اجتهاد جماعي ناضج , خارج عن تاثير السلطة السياسية او العرف الاجتماعي او اي اعتبار اخر . وهذا لا يعني تجاهل الواقع والتعالي عنه , لكن يعني الوضوح والمصداقية والفتوى الشوربة الجماعية .
10 – وقد يبدو من المفيد ان تضطلع نخبة من اهل العلم , والدعوة , والسابقة بكتابة مخاطبة , او مخاطبات للمؤسسات الامريكية والرسمية منها على وجه الخصوص كالكونجرس, في التعبير عن الموقف الإسلامي والخيار الشرعي بكل شجاعة وجرأة وإنصاف مع توجيه الضوء الإعلامي على مثل هذه الأنشطة . فان هذا من المجادلة بالتي هي احسن لأهل الكتاب , ومن النطق عن الشريعة , وبيان حكمها الرشيد , في النوازل والملمات , ويكون له دور في حماية المجتمع من الانحرافات , التي يقتات منها التطرف .
ولعل هذا المؤتمر الكريم يتبنى هذه المبادرة او ينظر فيها !!
ويجب ان تنطلق من قاعدة : ان نشر الاعتدال يضيق الخناق على الاتجاهات المنحرفة . ولذلك يستخدم الخطاب الديني للتجريم .
مقالات اخرى للكاتب